مضاوی الرشید تدعو للثورة ضد طُغاة السعودیة.. هل اقتربت نهایة آل سعود؟
بعد أن أطلقت أجهزة الأمن السعودیة سراح الناشطة السعودیّة المعروفة، لجین الهذلول عقب ما یزید عن سنتین ونصف من الاعتقال، دعت الأکادیمیّة السعودیة والعضو المؤسّس فی حزب التجمع الوطنیّ المعارض لحکم آل سعود، مضاوی الرشید، الشعب السعودیّ لاتباع مثال الناشطة الشهیرة والشجاعة التی تعرضت للتعذیب على ید مستشار ولی العهد محمد بن سلمان، سعود القحطانی، المتهم مع آخرین فی جریمة قتل وتقطیع جثة الصحافیّ السعودیّ المعروف جمال خاشقجی، فیما انتشرت تصریحات الرشید کالنار فی الهشیم، بالتزامن مع الممارسات الاستبدادیّة للسلطات السعودیة.
مملکة سلمان
فی مقال نشره موقع “میدل إیست آی” المختص فی شؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفریقیا، أشارت العضو المؤسّس فی حزب التجمع الوطنیّ المعارض للنظام السعودیّ، مضاوی الرشید، إلى أنّ الناشطة لجین الهذلول خرجت من السجن أخیراً، إلا أنها ستظل لمدة 3 أعوام تحت الرقابة وفوق رأسها حکم جاهز للتنفیذ فی حال خرقت أحد شروط الإفراج عنها، وهی کذلک ممنوعة من السفر لخمسة سنوات، وهذا یعنی أن حیاتها ستظل معلقة ولن تکون قادرة على التعبیر عن رأیها أو العودة إلى نشاطها.
کذلک، تحدثت عضو حزب "لتجمع الوطنیّ" الذی یوثق انتهاکات حقوق الإنسان داخل السعودیة، أنّ ما قالته علیاء ولینا الهذلول شقیقتا لجین فی مؤتمرهما الصحافیّ عبر الإنترنت، حول أنّهما لم تستطیعا تحقیق العدالة لشقیقتهما البریئة، بسبب تفکک المؤسسات السعودیة خلال السنوات الثلاث المنصرمة، ما دفع العائلة للبحث عن تضامن دولیّ مع حالتها.
وعلاوة على اعتقادها بأنّ اعتقال الهذلول أکّد تغول الدولة "البولیسیّة المارقة" فی کل ملامح الحیاة السعودیة، قالت الرشید: "فی الحقیقة لم تکن هناک مؤسسات للدولة السعودیة لیقول الإنسان أنّها تهالکت، فرغم وجود المؤسسات البیروقراطیّة لم یحدث أن کان لدى الریاض مؤسسات وظیفیة فاعلة وشفافة وعرضة للمحاسبة مثل القضاء المستقل والمجالس الاقتصادیّة ومجلس وطنیّ منتخب".
وتؤکد الکاتبة السعودیّة المعارضة، على أنّ ما ذکرته کان واضحاً جداً منذ نشوء الدولة السعودیّة کملکیة مطلقة، والتی أقامها بدایة، عبد العزیز بن سعود، کمزرعة أو إقطاعیّة عائلیّة، ولا تزال تحکم عبر أمراء الحرب من أبنائه وأقاربه ممن ساعدوه على توحید المملکة بالإضافة إلى رعایا قدموا الولاء لهم من القضاة والضباط ورجال الأمنـ وقد حظی أمراء الحرب أولئک بدعم القوى الأجنبیّة، وفی مقدمتهم بریطانیا قبل أن تنضم الولایات المتحدة إلى مجموعة الحکومات الغربیّة التی دعمت النظام السعودیّ، مقابل استمرار تدفق النفط بأسعار زهیدة، ویتم تقاسم غنائم النفط بین آل سعود وشرکائهم وحلفائهم الغربیین، أما خدام البلاد من عوام الناس فلا یحصلون إلا على الفتات، وفقاً لتعبیرها.
وبحسب الرشید، فإّن التغییر الوحید الذی طرأ على ما أسمتها "الإقطاعیّة السعودیة" هو صعود الملک سلمان وابنه محمد، حیث فقدت کل الإقطاعیات الصغیرة، أی طبقة المنتفعین الغامضة والمشخصنة، تأثیرها السیاسیّ رغم حصولها المستمر على المنافع المالیّة من خزینة البلاد، وما تم فعلیّاً هو تحویل الإقطاعیّة إلى "مملکة سلمان" التی یحکمها ابنه ولی العهد.
دیمقراطیّة الولایات المتحدة
فی ظل مساعی ولی العهد السعودی، محمد بن سلمان لتلمیع سجله المشین فی حقوق الإنسان لتخفیف سخط المجتمع الدولیّ، وبالأخص إدارة الرئیس الأمریکیّ الجدید، جو بایدن، تشیر الکاتبة السعودیّة المعارضة إلى أنّ تأکید الأخیر على أولویة حقوق الإنسان والدیمقراطیة فی تعامل إدارته مع شرکاء وحلفاء الولایات المتحدة بما فیهم السعودیة، کان وراء الإفراج عن الهذلول والإعلان عن إصلاحات قضائیّة بسیطة، وربما رغب الرئیس الأمریکیّ فی بإرسال رسالة لحکام الریاض فی حملته الانتخابیة ، وبخاصة محمد بن سلمان الذی یعتبر بمثابة عبء على الإدارة الأمریکیّة الجدیدة التی تحاول طمأنة العالم بأنّ ما تسمى "دیمقراطیة الولایات المتحدة" سیکتب لها النجاة، بعد الضرر الذی لحق بها فی حقبة دونالد ترامب.
فی غضون ذلک، تقول الأکادیمیّة السعودیة أنّ الإفراج عن الهذلول، هو نتاج لحملة استمرت 3 سنوات، وقام بها ناشطون سعودیون ومنظمات حقوقیّة دولیّة ینسب لها معظم الفضل فی الضغط للإفراج عن الناشطة السعودیة، لأنّهم ثابروا وعملوا بتصمیم ووضوح وتضامن بهدف تأمین الإفراج عنها، کما أنّ المنفیین السعودیین من الناشطین والمدافعین عن حقوق الإنسان فی واشنطن ولندن وبرلین وأماکن أخرى کثیرة، والذین أتقنوا فن الحملات السلمیّة ونشاطات اللوبی حول العالم، أکّدوا على ضرورة بقاء اسم الهذلول حاضراً وعصیاً على النسیان، بعد أن ترددت شقیقاتها فی البدایة بالتصعید وطلب التضامن الدولیّ، ولکن بعد أن أُغلقت کل الأبواب فی وجوههن داخل بلادهم، قررن کسر "حاجز الصمت" وبدأن بطلب التضامن من النشطاء والمنظمات الدولیة العالمیّة.
یشار إلى أنّ الحکومات الغربیّة المتحالفة بشکل قویّ مع الریاض لم تتأثر بمعاناة الهذلول ولا بمعاناة أعداد کبیرة من سجناء الرأی من أمثالها، بل کان الصمت هو خیارهم الوحید، حتى لا تفوتهم فرص الاستثمار أو إبرام صفقات سلاح جدیدة، فیما استمر تدفق السلاح والدعم اللوجیستیّ للحرب الفاشلة والکارثیّة التی تشنها السعودیة على الیمن منذ ستة أعوام، والتی أماطت اللثام عن صورة السعودیة الحقیقیّة وحلفائها الغربیین لأنهم أسهموا فی خلق أکبر کارثة إنسانیّة فی العالم.
وفی الوقت الذی أشارت فیه الرشید إلى حالة الشیخ سلمان العودة التی تردت فی سجنه وإلى قضیة عبد الله الحامد، المدافع عن حقوق الإنسان، والذی مات وهو فی المعتقل، إضافة إلى الصحافی صالح الشیحی الذی توفی بعد فترة قصیرة من إطلاق سراحه، ناهیک عن إعدام العشرات من السجناء السیاسیین فی السنوات الأخیرة، بمن فیهم الشیخ نمر النمر، نوهت إلى أنّ التعذیب فی السجون السعودیة یمارس على نطاق واسع، ومع ذلک لا یحظى بتغطیة إعلامیّة کافیة، فی مجتمع من المفترض أن یکون شرف النساء فیه من المقدسات، حیث انتهکه جلادو النظام السعودیّ أثناء عملیات التعذیب دون أیّ رادع من العقاب.
وبناء على ما ذُکر، اعتبرت العضو فی الحزب السعودیّ المعارض، أنّ الخوف والترهیب والعنف ألجم المجتمع السعودیّ بأسره، حتى غدا السعودیون مشارکون فی جریمة تعذیبهم، وأصبحوا یعلقون آمالهم على حلفاء أقویاء لیساعدوهم فی تغییر واقعهم، کما فعل أفراد عائلة الهذلول، مُعبرة أنّه لو بقی السعودیون على صمتهم، فسوف یستمر نظام آل سعود فی ترهیبهم، ولو أمسکوا بزمام المبادرة فی أیدیهم واتخذوا مثال شجاعة عائلة الهذلول وتبنوا المقاومة السلمیة والتجمع، فسیکون هناک أمل بنهایة معاناتهم فی ظل حکم محمد بن سلمان.
التجمع الوطنیّ
هو حزب سعودیّ معارض، أُعلن عن تأسیسه بالتزامن مع الیوم الوطنیّ للسعودیة العام المنصرم، وذلک عقب انسداد الأفق السیاسیّ، وانتهاج ممارسات العنف والقمع، وتزاید الاعتقالات والاغتیالات السیاسیّة، وتصاعد السیاسات العدوانیّة من المملکة ضد دول المنطقة، بالإضافة إلى ممارسات الإخفاء والتهجیر القسریّ، وغیاب دور القضاء المستقل، واحتکار السلطة للإعلام وکبت الرأی العام، وقد جرى الإعلان عنه عبر تقنیة الاتصال المرئیّ، لوجود الأعضاء المؤسسین فی بلدان عدة حول العالم، بینما ضمت قائمة الموقعین على البیان شخصیات معارضة معروفة، بینها رئیس منظمة القسط الحقوقیّة فی لندن، یحیى عسیری، وعبد الله العودة ابن الداعیة الإسلامیّ سلمان العودة الذی یقبع فی سجون محمد بن سلمان، والأکادیمیّ البارز سعید بن ناصر الغامدی، والناشط أحمد المشیخص، والأکادیمیّة مضاوی الرشید، والمعارض السعودیّ عمر عبد العزیز، الصدیق المقرب للصحفی جمال خاشقجی، الذی قُتل فی قنصلیّة بلاده باسطنبول.
ویسعى الحزب المعارض، لتأسیس مسار دیمقراطیّ للحکم فی البلاد، فی أول تحرک سیاسیّ منظّم ضد السلطة السعودیّة فی عهد الملک سلمان بن عبد العزیز، وقال الحزب فی بیان سابق، أنّ الأفق السیاسیّ فی البلاد مسدود ویحتاج إلى تغییر سلمیّ لمواجهة نهج السلطة المتمثل فی ممارسات العنف والقمع، وهدفه الرئیس تجنّب انزلاق البلاد إلى الاضطرابات والعنف، إضافة إلى تعزیز تعاون بلاد الحرمین مع العالم إقلیمیّاً ودولیّاً بما یخدم مصالح الشعب السعودیّ، ویدعو إلى مجلس نیابیّ منتخب بالکامل، إضافة إلى مطالبته فصل السلطات التشریعیّة والقضائیّة والتنفیذیّة وفق ضوابط دستوریّة.
ویشکّل حزب "التجمع الوطنیّ" خطوة تاریخیّة فی البلاد، بسبب الخشیة الکبیرة من المغامرات السیاسیّة فی ظل النظام المستبد وطبیعته التی ترفض أیّ صوت معارض داخل السعودیة وخارجها، حیث یهدف الحزب إلى تعدیل أو تصحیح الأخطاء التی تقوم بها السلطات السعودیّة، باعتبارها تفعل ما تشاء دون أیّ رقابة أو محاسبة، ویسعى لحفظ کرامة وحقوق السعودیین عبر قضاء عادل ومستقل ومنحهم حریة التعبیر والمشارکة فی البلاد.
وتترکز أهمیة هذا الحزب فی المطالبة بحقوق الشعب السعودیّ بعد تغییب المفکرین والعلماء وزجهم فی الزنازین وإیقافهم عن نشاطهم، ویتطرق مسؤولو الحزب دائماً إلى قضیّة الحرب الیمنیّة، ویعتبرون أنّ المشکلة فی الحرب التی تقودها بلادهم ضد الیمن، نشأت فی عقل شخص واحد فقط بدون مشورة من الشعب السعودیّ، وأنّ المأساة مشترکة فی حرب الیمن التی دمرت مقدرات شعبه ووضعت الجنود السعودیین فی حرب لا ناقة لهم فیها ولا جمل، سوى "الاستثمار فی مصانع الأسلحة".
وباعتبار أنّ النظام السعودی هو ملکیّ بالمطلق ولا یتیح أیّ مجال لمعارضة سیاسیّة فی البلاد التی تحولت إلى سجن کبیر بالنسبة للمعارضین أو من یُتهمون بذلک، یؤکّد مؤسسو الحزب أنّ لیس لدیهم أیّ عداوات شخصیّة مع العائلة الحاکمة فی السعودیّة، لکن طموحهم یترکز على مواجهة مشکلات حریة التعبیر والفساد والبطالة، خاصة وأنّ السلطة الحاکمة فی المملکة اعتادت التفریق بین المواطنین على أساس طائفیّ أو مناطقیّ، وتعمل على زرع الفتنة بین المکونات، لکنهم جمیعاً مستهدفون بالاعتقالات والقمع بأوامر مباشرة من محمد بن سلمان.
خلاصة القول، "لا یموت حق وراءه مُطالب" کما یقول المثل العربیّ، وقد أعاد الحزب السعودیّ المعارض قضیة تعددیة الشعب السعودیّ مجدداً، لتُحقق المطالب التی فشلت حکومة البلاد فی تحقیقها منذ عقود، بینها قضیّة التوزیع العادل للثروات واستقلال القضاء، الذی یعد من أهم مبادئ الحزب، فی ظل غیاب الإحساس بالکرامة الذی یمکن أن یقود البلاد للهاویة عبر استعداء کل أطیاف المجتمع السعودیّ، وهذا ما ینعکس ایجاباً على شعبیّة الحزب فی الداخل السعودیّ، ویشجع على قیام "انتفاضة شعبیّة" فی المستقبل داخل بلاد الحرمین.