حماس والعلاقة الصعبة مع الجماعات السلفیة
تمارا حداد
فی اللحظة الأولى ترى أن هناک تقارب بین فکر حماس وفکر الجماعات السلفیة الجهادیة القریبة من الفکر المتطرف ، ولکن فی حقیقیة الآمر أن الفکران متضادان ولا یوجد رابط بینهما ، فالاثنان ینتمیان لفکرین مختلفین؛ حماس تنبع من فکر الإخوان المسلمین ، والجماعات السلفیة تنتمی إلى الفکر الوهابی السلفی المتشدد، لذلک ان العلاقة بینهما علاقة تصادم ، ونادرا ما یحدث التقارب بینهما إلا بوجود المصالح الاقتصادیة فقط .
بعد سیطرة حماس على غزة منذ أکثر من عشر سنوات والعلاقة بین حماس والمجموعات السلفیة الجهادیة التی تتخذ من غزة مقرا لها هی علاقة متشنجة تاریخیا وتصادمیة علنیا فی معظم الأحیان ، والمعروف أن حماس وداعش عدوتان لدودتان .
کانت العلاقة بین حماس والمجموعات السلفیة فی سیناء ذات مصالح فی ظل وجود الأنفاق فترة الرئیس السابق محمد مرسی وکان هدف الأنفاق نقل البضائع من غزة إلى سیناء والعکس صحیح ، ولکن بعد عزل محمد مرسی وبعد الهجوم على الحدود 2012 تم القضاء على الأنفاق ومن هنا بدأت العلاقة بین حماس والجماعات السلفیة تتصادم حول المصالح ، ومن هنا تفاقمت الأوضاع الإنسانیة فی غزة بشکل خطیر لتنعکس سلبا على الشعب الفلسطینی فی غزة ، من إحباط وفقر وبطالة وأزمة الطاقة المستمرة وأزمة رواتب الموظفین وقطعها ، الذی أدى إلى أن تکون غزة مرتع جذاب للفکر المتطرف وارض خصبة لتصدیر الإرهاب والذی کان آخرها التفجیر من قبل داعشی على الحدود الشرقیة فی محافظة رفح .
الظروف السیئة فی قطاع غزة ولدت فکرا مأساویا بتشجیع الخطاب المتشدد ، وزاد هذا الفکر بعد الهدنة التی أُبرمت بوقف النار مدة 15 عاما بین حماس وإسرائیل ، فهذا الاتفاق لم یلقى القبول من بعض الجماعات السلفیة المتشددة ، لذا البعض من أفراد حرکة حماس انشقت لتتَبع تلک الجماعات السلفیة ، ناهیک عن التفاهمات التی حدثت مؤخرا بین حماس والدحلان التی لم تُرضی البعض ، وأیضا تحسن العلاقة بین حماس ومصر لم یُرضی قبول البعض ، وقُرب حماس من إیران أیضا لن یرضی البعض ، فالجماعات السلفیة تعتبر الفکر الشیعی مرتد عن السنة حسب اعتقادهم ، الأمر الذی أدى اندلاع موجة العنف بین حماس والجماعات المتشددة ، فی ظل اعتقالات واسعة بین صفوف أفراد الجماعات المتشددة وهذا الأمر سیؤدی إلى رد فعل قوی من قبل الجماعات السلفیة.
العلاقة المعقدة بین حماس والجماعات السلفیة ستنعکس سلبا على غزة الأمر الذی سیزید الإحباط ، وستصبح غزة حلقات من حلقات الصراعات الإیدیولوجیة التی لا تنتهی ، والمعرکة لن تنتهی بین الفلسطینیین وهذه خدمة للاحتلال الإسرائیلی لتفتیت الشعب الفلسطینی ، وهذا ما یجعل إسرائیل فی قمة السعادة ، فلأول مرة فلسطینی یفجر فی إخوانه الفلسطینیین فالتفجیر لم یمس أمریکی ولا إسرائیلی بل إخوته بالوطنیة والهویة الفلسطینیة ، فأی فکر متطرف هذا ؟ وأی عقل یستوعب هذا العمل الإرهابی ؟ نأمل أن یرجع البعض عن الفکر المتطرف فهو لیس لمصلحة شعب هدفه التحریر.