الفقر یهدد الشعب السعودی و بن سلمان یفشل فی إخفاء ملامح البطالة
تبقى مسألة الفقر وتردی الواقع الاجتماعی من الأمور المعتم علیها فی المملکة العربیة السعودیة، لکن ما یکشفوه المواطنون عبر وسائل التواصل الاجتماعی وعبر المظاهرات التی خرجوا بها مؤخراً یؤکد أن هناک مشاهدات صادمة تخفیها المملکة، وصورة البلد بالحلة المزعومة هی الدافع وراء الاعتقالات.
حیث اعتقلت قوات الأمن السعودیة، عددا من المواطنین الذین خرجوا فی مدینة بریدة فی منطقة القصیم فی مظاهرات غاضبة، احتجاجا على السیاسات الاقتصادیة لابن سلمان التی أدت إلى تفاقم البطالة والفقر فی البلاد.
وبشکل عام، والغریب فی الموضوع، أنه لا تتوفر أرقام رسمیة دقیقة عن نسبة الفقر والبطالة فی المملکة، ولا تشیر بیانات المؤسسات الدولیة إلى هذا الموضوع لاعتبار التکتم الشدید من قبل الدوائر الرسمیة السعودیة، لکن التقدیرات والشواهد تشیر إلى تفشی مشکلة الفقر والبطالة والتفاوت الطبقی والمناطقی فی أرض الذهب الأسود خلال السنوات الأخیرة.
وتحتل السعودیة المرتبة الأولى عالمیا فی إنتاج النفط، لکن هذه المداخیل الضخمة -وإن تناقصت فی السنوات الأخیرة جراء تراجع أسعار النفط- لم تمنع من تسلل الفقر إلى فئات واسعة من المجتمع السعودی.
قبل تفشی فیروس کورونا وتردی الأوضاع الاقتصادی، کشفت صحیفة واشنطن بوست الأمیرکیة فی عام 2017 بتقریر عن تزاید معدلات البطالة والفقر فی السعودیة، مشیرة إلى أن "ما بین ملیونین وأربعة ملایین سعودی یعیشون على أقل من 530 دولارا شهریا" أی (17 دولارا یومیا)، وأن "الدولة تخفی الفقر بشکل جید"، فکیف یکون الحال الیوم بعد تردی الوضع الاقتصادی؟
وحددت الصحیفة أسماء مناطق بعینها، ففی المدن الکبیرة مثل الریاض، توجد أحیاء تعانی الفقر والإهمال، مثل السویدی والجرادیة والشمیسی، وأیضا أحیاء الکرنتینا والرویس فی جدة، وفی المدینة المنورة تعیش أحیاء سیح والمصانع والزاهدیة والمغیسلة وغیرها على حافة الفقر، وهناک عشوائیات یقطنها السعودیون الفقراء والعمال الأجانب.
ورغم التکتم والتعتیم، فإن مظاهر الفقر فی المملکة فی هذه الأحیاء وغیرها لم تخف، وتبرزها مقاطع فیدیو کثیرة منشورة عبر یوتیوب، کما یشیر ناشطون وتقاریر صحفیة إلى زیادة الظواهر المرادفة للفقر مثل التسول، حیث یتکرر المشهد فی ضواحی الأحیاء الفقیرة بأحزمة المدن وحتى وسط المدن الکبرى، فی تناقضات صارخة بین غنى فاحش وفقر مدقع.
ومما زاد الأمور سوءاً کان إجراءات التقشف الواردة ضمن "رؤیة 2030" التی طرحها ولی العهد محمد بن سلمان والتی زعم أنها قد توفر سیولة مالیة، وتخفض نسبة العجز فی الموازنة، لکنها حملت آثارا اجتماعیة خطیرة، وکانت موجعة بالنسبة للطبقات الفقیرة والمتوسطة، فالتعتیم على مشاهد الفقر لم یعد یجدی نفعاً، والرؤیة التی أعلن عنها، ربما ستکون مفیدة لطبقة واحدة فی المملکة على حساب الطبقات الأخرى.