ما هی رسائل اجتماع أستانا الخامس عشر؟

انعقدت الجولة الخامسة عشرة من المحادثات بین إیران وترکیا وروسیا حول کیفیة إنهاء الأزمة السوریة، یوم الثلاثاء 16 شباط فی مدینة "سوتشی" الروسیة.
وإضافة إلى ممثلی إیران وروسیا وترکیا، حضر الاجتماع وفد دمشق والمبعوث الأممی الخاص لسوریا "غیر بیدرسون"، وممثلین عن الدول العربیة الثلاث العراق ولبنان والأردن کمراقبین.
البیان الختامی لاجتماع أستانا-15
أصدرت الدول الضامنة لعملیة أستانا(إیران وروسیا وترکیا)، بیاناً فی ختام اجتماعها فی سوتشی.
وجاء فی هذا البیان الذی تلاه "الکسندر لافرنتییف" المبعوث الخاص للرئیس الروسی إلى سوریا فی الجلسة العامة: "نجدد معارضتنا للسیطرة علی عائدات النفط السوریة ومصادرتها ونهبها".
وأضاف البیان إن الدول الضامنة لعملیة أستانا، اتفقت على الأمن والاستقرار بعید المدى فی شمال شرق سوریا ،على أساس الحفاظ على السیادة وسلامة الأراضی السوریة.
وقال البیان: "نعارض کل محاولات خلق واقع جدید، بما فی ذلک المبادرات غیر الشرعیة بحجة مکافحة الإرهاب، ونؤکد عزمنا على مواجهة المخططات الانفصالیة عبر نهر الفرات، والتی تهدف إلى تدمیر وحدة وسلامة أراضی سوریا وتهدید الأمن القومی لدول الجوار، وزیادة الأعمال العدائیة ضد المدنیین".
وتابع البیان: کما ندین استمرار الهجمات العسکریة للکیان الصهیونی على سوریا، والتی تنتهک القانون الدولی والإنسانی وتهدد استقرار وأمن المنطقة، وندعو إلى وقف هذه الهجمات.
من ناحیة أخرى، جددت روسیا وترکیا وإیران فی بیانهم الختامی، رفضهم لأی تدخل خارجی فی عمل اللجنة الدستوریة السوریة، ومنها الجهود الخارجیة لفرض جدول زمنی لإنهاء نشاطها.
وأعلنت الدول الثلاث الضامنة لعملیة أستانا عن قرارها دعم عمل هذه اللجنة، من خلال التعاون والتنسیق المستمر مع الأطراف السوریة وأعضاء اللجنة الدستوریة، وکذلک المبعوث الخاص للأمین العام للأمم المتحدة إلى سوریا غیری بیدرسن.
وقال البیان إن الجولة المقبلة من محادثات إطار أستانا بشأن سوریا ستعقد فی العاصمة الکازاخستانیة "نور سلطان" منتصف عام 2021.
ممثلو روسیا وترکیا وإیران وفی بیانهم المشترک فی الاجتماع الدولی الخامس عشر بشأن سوریا فی إطار عملیة أستانا، ومع التأکید على التزامهم الراسخ بوحدة وسلامة أراضی سوریا، أدانوا أی خطة تهدف إلى تقویض سیادة هذا البلد.
کما أکدت الدول الثلاث من جدید التزامها الراسخ باستقلال سوریا وسلامة أراضیها، وکذلک أهداف ومبادئ میثاق الأمم المتحدة، وضرورة احترام وتنفیذ هذه المبادئ من قبل جمیع الأطراف.
وجددت إیران وروسیا وترکیا عزمها على محاربة جمیع أشکال الإرهاب، ومواجهة المخططات الانفصالیة الهادفة إلى تقویض سیادة سوریا ووحدة أراضیها، وتهدید الأمن القومی لدول الجوار.
وإذ عبرت الدول الثلاث عن قلقها إزاء الأعمال والعملیات العسکریة ضد المدنیین فی شمال شرقی سوریا، أبدت معارضتها لنهب عائدات النفط فی الجمهوریة العربیة السوریة وتحویلها لمصلحة أطراف أخرى.
وشددت الدول الثلاث من جدید علی التزامها بمتابعة عملیة سیاسیة طویلة المدى ینفذها السوریون أنفسهم بمساعدة الأمم المتحدة، وذلک وفقًا لقرار مجلس الأمن الدولی رقم 2254.
الرسائل الخاصة لاجتماع أستانا-15
فی اجتماع أستانا الخامس عشر، یمکن ذکر أربع رسائل خاصة کأهداف رئیسیة وجدول أعمال الاجتماع، وهی:
1. لا یوجد إرهاب جید وإرهاب سیء:
من الرسائل الخاصة لأستانا-15 التأکید على مکافحة جمیع أشکال الإرهاب فی سوریا. وهذا یعنی أنه لا یوجد أساسًا شیء اسمه الإرهاب الجید والسیء، وأن أی مجموعة من المتطرفین السوریین موجودة على قائمة الأمم المتحدة للإرهاب، فیجب طردها من الأراضی التی احتلتها، ولا یمکنها لعب إی دور فی التطورات المستقبلیة.
ولکن تجدر الإشارة إلى أن هذه رسالة إلى ترکیا بصفتها أحد مؤسسی أستانا، والتی دعمت مجموعةً واسعةً من الجماعات التکفیریة فی محافظة إدلب ومناطق شمالیة أخرى.
ومن خلال مناقشة هذا البند، یمکن ملاحظة أن روسیا تشتکی من ترکیا کطرف فی اتفاق سوتشی بشأن إدلب، لعدم وفائها بالتزاماتها بنزع سلاح الجماعات الإرهابیة، وحتى من أجل التعاون السری لأجهزة المخابرات والأمن الترکیة مع الإرهابیین فی إدلب.
2. لا خیار أمام الأکراد سوى قبول إرادة الحکومة المرکزیة:
کان الأکراد السوریون بلا شک أحد الأطراف الرئیسة المعنیة بالبیان الختامی لاجتماع استانة 15. حیث أکدت إیران وروسیا وترکیا بشکل خاص فی اجتماع أستانة الخامس عشر علی حق الحکومة السوریة فی آبار النفط فی شمال شرقی سوریا ومعارضة المخططات الانفصالیة. وهذا یعنی أن الدول الثلاث حازمة ومصرة فی إرادتها على قبول حکم دمشق من قبل الأکراد.
فی الواقع، لطالما شکلت الإجراءات الأمریکیة والأکراد فی السنوات الأخیرة تهدیدًا لتفکک الأراضی السوریة، ولکن البیان الصادر عن اجتماع أستانا أظهر أن مثل هذا الشیء غیر مقبول إطلاقاً، وأن کل عائدات النفط یجب أن تُعطى لدمشق لمساعدة الاقتصاد السوری.
3. إدانة اعتداءات الکیان الصهیونی
هناک رسالة أخرى مهمة وواضحة من اجتماع أستانا موجهة إلى الکیان الصهیونی، الذی نفَّذ هجمات عدوانیة وغیر قانونیة على الأراضی السوریة فی السنوات الأخیرة دون أی قیود خاصة.
فی الواقع، فی الاجتماع الخامس عشر، لم تطالب الدول التی شکلت أستانا صراحةً بإنهاء هجمات الکیان الصهیونی فحسب، بل أعطته إنذارًا نهائیًا أیضًا.
وفی هذا الصدد، نرى أن "ألکسندر لافرنتییف" المبعوث الخاص للرئیس الروسی لسوریا، أعلن الأربعاء أن مسؤولی موسکو اعتبروا الهجمات الإسرائیلیة على الأراضی السوریة عملاً تدمیراً وغیر مقبول، وهم ویعبرون عن موقفهم الثابت حیال ذلک بالتشاور مع المسؤولین الإسرائیلیین.
وأضاف الدبلوماسی الروسی: "عاجلا أم آجلا، صبرنا، بما فی ذلک صبر الحکومة السوریة، سینفد، وقد یؤدی إلى هجمات انتقامیة، وهو ما قد یؤدی بالتأکید إلى تدهور الوضع".
یمکن اعتبار هذه التصریحات بمثابة إنذار للروس للکیان الصهیونی، الذی لم یعد الوضع السابق موجودًا بالنسبة له، ومن المرجح أن تنتهج موسکو استراتیجیة التعاون مع دمشق فی مجال الدفاع الجوی.
4. حضور رمزی وذو معنی لثلاث دول عربیة:
الجانب المهم الآخر لاجتماع أستانا 15 هو وجود ثلاث دول عربیة هی العراق والأردن ولبنان، وجمیعها لها علاقات وثیقة مع سوریا فی مجالات الحدود والأمن والاقتصاد والسیاسة منذ عقود.
یوجد الآن عدد کبیر من اللاجئین السوریین فی لبنان والعراق والأردن، وحتى هذه الدول حریصة على حل الأزمة فی سوریا وإعادتهم إلى وطنهم، بسبب المشاکل الاقتصادیة.
إضافة إلى ذلک، کان بلد مثل لبنان مرکز التصدیر والاستثمار الرئیس لسوریا على مدى العقود القلیلة الماضیة. ولذلک فإن وجود هذه الدول الثلاث فی البعد الرمزی وفی مجال التطورات المیدانیة فی سوریا، له أهمیة کبیرة، لأن هذه الدول الثلاث تأثرت بشکل مباشر بالتطورات السیاسیة فی سوریا، وأصبح وجودها الآن ذا أهمیة کبیرة وخاصةً فی مجال المبادلات الاقتصادیة والاستفادة الثنائیة من التجارة الثنائیة.
لکن الحقیقة هی أن العقوبات القاسیة وغیر المشروعة التی تفرضها الولایات المتحدة والاتحاد الأوروبی على سوریا، هی العقبة الرئیسة أمام التبادلات الاقتصادیة بین هذه الدول وسوریا.
فی الواقع، هذه العقوبات لیست عاملاً فی تقیید دمشق فحسب، ولکنها أثرت بشکل کبیر فی العراق والأردن ولبنان فی مجال التجارة.