العدو الصهیونی ما زال یثیر الفتن فی قلب جغرافیا العالم الإسلامی

قد نسینا (أشداء على الکفار) ونسینا أیضاً (رحماء بینهم). والنتیجة هی أنَّ العدو الصهیونی ما زال یثیر الفتن فی قلب جغرافیا العالم الإسلامی، ونحن غافلون عن الواجب المحتوم لإنقاذ فلسطین

​بالتزامن مع أداء ضیوف الرحمن شعائر الحج للعام الهجری 1438 وجّه قائد الثورة الإسلامیة الإمام السید علی الخامنئی نداءً لمسلمی العالم دعا خلاله إلى تحمل قادة العالم الإسلامی والنخب السیاسیة والدینیة واجباتهم الجسیمة، کما أشار سماحته إلى أن العالم الإسلامی غافلٌ عن واجبه الحتمی المتمثل فی إنقاذ فلسطین.
 
و أن قائد الثورة الإسلامیة وجه رسالة الى مسلمی العالم وفی ما یلی النص الکامل للنداء الذی وجّهه الإمام الخامنئی لمسلمی العالم:
 
بسم الله الرحمن الرحیم
 
والحمد لله ربّ العالمین، والصلاة والسلام علی سیدنا محمد خاتم النبیین، وآله الطاهرین وصحبه المنتجبین.
 
أحمد الله العظیم إذ مَنّ هذا العام أیضاً على جموع المؤمنین من أنحاء العالم کافة بتوفیق إقامة الحج والانتهال من هذا المعین العذب الفیاض، والاعتکاف فی الأیام واللیالی، التی تُعدّ ساعاتها المغتنمة المبارکة إکسیراً معجزاً بوسعه تغییر القلوب وتطهیر الأرواح وتجمیلها، فی جوار بیت الله العظیم وفی مواقیت العبادة والخشوع والذکر والتقرّب.
 
الحجّ عبادةٌ زاخرةٌ بالأسرار والرموز، والبیت الشریف موضعٌ طافحٌ بالبرکات الإلهیة ومظهرٌ لآیات الحق تعالى وبیّناته. وللحجّ أن یرتقی بالعبد المؤمن الخاشع المتدبّر إلى الدرجات المعنویة، وأن یصنع منه إنساناً سامیاً نورانیاً، وأن یجعل منه عنصراً ذا بصیرة وشجاعة وإقدام ومجاهدة. کلا الجانبین: معنویاً وسیاسیاً، أو فردیاً واجتماعیاً واضحان بارزان فی هذه الفریضة المنقطعة النظیر، والمجتمع الاسلامی الیوم بأمسّ الحاجة لکلا الجانبین.
 
من جهة یعملُ سحرُ النزعة المادیة علی الإفساد والإغراء باستخدامه الوسائلَ المتطورة، ومن جهة ثانیة تنشط سیاسات نظام الهیمنة لاختلاق الفتن وتأجیج نیران النزاعات بین المسلمین وتحویل البلدان الإسلامیة إلی جحیم من الخلافات وانعدام الأمن.
 
للحجّ أن یکون دواءً شافیاً لکلا هذین الابتلائین العظیمین الذَین تعانی منهما الأمة الإسلامیة، فهو یطهّر القلوب من الأدران، وینوّرها بنور التقوى والمعرفة، ویفتح کذلک العیون على واقعیات العالم الإسلامی المُرّة، ویُرسّخ العزائم لمواجهتها، ویُعزّز الخطوات، ویجعل الأیدی والأذهان مجنّدة للعمل.
 
یعانی العالم الإسلامی الیوم من انعدام الأمن أخلاقیاً ومعنویاً، وکذلک سیاسیاً. والسبب الرئیس لهذا هو غفلتنا وهجمات الأعداء الشرسة. نحن لم نعمل بواجبنا الدینی والعقلی مقابل هجوم العدو اللئیم. لقد نسینا (أشداء على الکفار) ونسینا أیضاً (رحماء بینهم). والنتیجة هی أنَّ العدو الصهیونی ما زال یثیر الفتن فی قلب جغرافیا العالم الإسلامی، ونحن غافلون عن الواجب المحتوم لإنقاذ فلسطین، وانشغلنا بحروب داخلیة فی سوریا، والعراق، والیمن، ولیبیا، والبحرین، وبمواجهة الإرهاب فی أفغانستان وباکستان وأماکن أخرى.
 
یتحمّل رؤساء العالم الإسلامی والنخب السیاسیة والدینیة والثقافیة فی العالم الإسلامی واجبات جسیمة منها: واجب تحقیق الوحدة وتحذیر الجمیع من النزاعات القومیة والطائفیة؛ وواجب توعیة الشعوب بأسالیب العدو ومکائد الاستکبار والصهیونیة؛ وواجب تعبئة الجمیع لمواجهة العدو فی شتّی ساحات الحروب الناعمة والصلبة؛ وواجب الإیقاف الفوری للأحداث الکارثیة بین البلدان الإسلامیة من قبیل أحداث الیمن التی سبّبت صورها الشنیعة الیوم، الحزن والاعتراض فی کل أرجاء العالم؛ وواجب الدفاع الحاسم عن الأقلیات المسلمة المضطهدة کمظلومی بورما وغیرهم؛ والأهمّ من کل ذلک واجب الدفاع عن فلسطین والتعاون والتضامن، من دون قید وشرط، مع شعب یکافح منذ نحو سبعین عاماً من أجل وطنه المغتصب.
 
هذه واجباتٌ مهمة تقع على عاتقنا جمیعاً، وعلى الشعوب أن تطالب حکوماتها بها وعلى النخب أن یسعوا بعزمٍ راسخ ونیّةٍ خالصة لأجل تحقیقها. إنَّ هذه الأعمال لهی تجسید قاطع لنصرة دین الله التی ستقترن مع النصرة الإلهیة وطبقاً للوعد الإلهی بلا شک.
 
هذه جوانب من دروس الحجّ آمل أن نفهمها ونعمل بها.
 
أسأل الله تعالى لکم جمیعاً حجّاً مقبولاً، وأحیّی ذکرى شهداء منى والمسجد الحرام، وأسأل الله الرحیم الکریم لهم علوّ الدرجات.
 
والسلام علیکم ورحمة الله وبرکاته
 
السید علی الخامنئی
 
7 شهریور 1396 هـ ش
 
7 ذی الحجة 1438 هـ ق




ارسال التعلیق