ما هی أهداف الجولات المکوکیة للمبعوث الأمریکی الخاص بالیمن فی الخلیج الفارسی؟
قبل نحو ست سنوات قام تحالف العدوان السعودی الإماراتی بشن حرب بربریة على أبناء الشعب الیمنی بحجة أنه یرید إعادة الشرعیة للرئیس المستقیل "عبد ربه منصور هادی" ولکن بعد مرور وقت قصیر تکشفت نوایا الریاض وأبوظبی الخبیثة، وخاصة أنهما کانا یستخدمان الکثیر من الأسلحة المحرمة دولیاً لقتل أبناء الشعب الیمنی وأصبح لا یخفى على أحد الجرائم التی قام بها هذا التحالف الغاشم فی عدوانه على أطفال الیمن خلال السنوات الماضیة من خلال تنفیذ الکثیر والکثیر من الجرائم ضد أطفال ونساء الیمن واستهداف البنیة التحتیة والمستشفیات وفرضه حصاراً خانقاً على کل أنباء الشعب الیمنی. ولکن موازین الحرب تغیرت خلال الفترة الماضیة لمصلحة حکومة صنعاء بعدما تمکن رجال المقاومة الیمنیة من تصنیع العدید من الطائرات المسیرة والصواریخ البالیستیة وشن العدید من الهجمات داخل العمق السعودی.
وعلى صعید متصل، ذکرت العدید من التقاریر أن أبطال الجیش واللجان الشعبیة الیمنیة تمکنوا خلال الایام القلیلة الماضیة من تحقیق الکثیر من الانتصارات فی العدید من جبهات القتال وخاصة فی مدیریات مدینة مأرب وتمکنوا أیضا من شن العدید من الهجمات الصاروخیة وبالطائرات دون طیار داخل العمق السعودی وهذا الامر دفع قادة الریاض إلى الاستنجاد بالدول الغربیة وخاصة الولایات المتحدة لإنقاذهم من هذا المستنقع الذی غرقوا فیه بعدما زعمت بأنها لم تقم بجرائم حرب فی الیمن وإنما هی تسعى إلى إعادة الشرعیة للرئیس الیمنی المستقیل "منصور هادی" وبالفعل قامت تلک الدول الغربیة بالتندید بهجمات "أنصار الله" على المطارات السعودیة وتناسوا الجرائم التی یرتکبها تحالف العدوان السعودی کل یوم فی حق أبناء الشعب الیمنی.

لقد أثار تقدم أبطال الجیش واللجان الشعبیة الیمنیة، الذین أصبحوا یبعدون خطوة واحدة عن تحریر محافظة مأرب بالکامل، مخاوف أمریکا وبریطانیا، الداعمین الرئیسیین لتحالف العدوان السعودی فی حرب الیمن. وحول هذا السیاق، أعلنت وزارة الخارجیة الأمریکیة قبل عدة أیام أنه ینبغی على قوات "أنصار الله" الیمنیة إنهاء هجماتها على جبهة مأرب. وفی غضون ذلک، أکد مسؤولون فی حرکة "أنصار الله" أن تحالف العدوان السعودی هو الذی شن حرباً عبثیة على الیمن وهو الذی یجب أن یوقف هجماته على أبناء الشعب الیمنی الأعزل وفک الحصار الجائر على المطارات والموانئ الیمنیة.
وفی هذا السیاق، قال المبعوث الأمریکی الخاص للیمن، "تیموثی لیندر کینغ"، إن الولایات المتحدة تستخدم قنوات خلفیة للتواصل مع حرکة "أنصار الله" فی الیمن. وقال "لیندر کینغ"، إن "واشنطن لدیها سُبل لتوصیل الرسائل إلى حرکة أنصار الله الیمنیة، وتستخدم تلک القنوات بشکل نشط للغایة مع تحاورها المباشر مع قیادات الدول الرئیسة المعنیة." وتجد الولایات المتحدة والأمم المتحدة فی دول الخلیج الفارسی السبیل الأمثل للوصول إلى ما یُنهی حرب الیمن، وتحاول عبرها "تکثیف الجهود للضغط على أطراف الحرب للتوصل إلى سلام دائم"، ینهی التوتر فی جنوب الجزیرة العربیة. ومع مرور ما یزید على الشهر على تولی "بایدن" الحکم، بدأت تحرکات مبعوثه إلى الیمن تیموثی لیندرکینغ بشکل مکثف فی دول الخلیج الفارسی، منذ تعیینه مطلع فبرایر الجاری، حیث أعلنت وزارة الخارجیة الأمریکیة، فی 22 فبرایر 2021، أن مبعوثها "لیندرکینغ"، بدأ زیارة عدد من دول الخلیج الفارسی، ابتداءً من الـ22 من فبرایر وحتى 3 مارس المقبل.
ووفقاً لبیان الخارجیة الأمریکیة، سیلتقی "لیندرکینغ" کبار المسؤولین فی المنطقة ومبعوث الأمم المتحدة الخاص للیمن "مارتن غریفیث". ولفتت الخارجیة الأمریکیة إلى أن مناقشات المبعوث الأمریکی "سترکز على نهج الولایات المتحدة لإنهاء الصراع فی الیمن، وإیجاد حل سیاسی دائم والإغاثة الإنسانیة للشعب الیمنی". کما یجری فی الوقت ذاته المبعوث الأممی إلى الیمن "مارتن غریفیث"، زیارة إلى السعودیة للقاء عدد من المسؤولین السعودیین وکذلک الیمنیین؛ لمناقشة آخر التطورات ومن أجل الوصول إلى سلام یلبی تطلعات الشعب الیمنی.
وفی المقابل کشفت العدید من التقاریر الاخباریة، أن وزیر الخارجیة "أحمد بن مبارک" فی حکومة "منصور هادی" المستقیلة یواصل جولته الخلیجیة التی بدأها من السعودیة والتقى خلالها أیضاً بأمین عام مجلس التعاون الخلیجی، حیث یزور العاصمة الإماراتیة أبوظبی، فی الـ23 من فبرایر. وتهدف الجولة التی تشمل البحرین وقطر والکویت وعُمان، لتنسیق المواقف السیاسیة، وحشد الدعم لحکومته القابعة فی فنادق الریاض، والتنسیق مع الخلیجیین وإطلاعهم على المستجدات السیاسیة، إلى جانب استعراض الفرص والتحدیات أمام إیجاد حل للأزمة الیمنیة.
وحول هذا السیاق، یرى الکاتب والصحفی الیمنی، "عبد الله المنیفی"، أن جولات المبعوثین الأممی والأمریکی إلى الخلیج "تشیر إلى رغبة دولیة فی إنهاء الحرب فی الیمن، مع الرغبة التی أعلنتها الإدارة الأمریکیة الجدیدة بعد دخولها البیت الأبیض". ویوضح "المنیفی"، أن ما یجری الآن "نیة للقوى الدولیة فی إنقاذ دول تحالف العدوان من المستنقع الیمنی وضمان خروجهم من هذه الحرب بماء الوجه عقب الهزائم التی تلقوها خلال الفترة الماضیة". وأضاف: "بالنظر إلى التعامل الناعم للإدارة الأمریکیة تجاه دول تحالف العدوان فإنه یظهر جلیاً أن ذلک ینسحب على المرتزقة المحسوبة علیها ومنها قوات منصور هادی والمجلس الجنوبی الانتقالی، فکان قرار ایقاف مبیعات الاسلحة لدول تحالف العدوان، ورقة ضغط لدفع دول تحالف العدوان إلى مفاوضات السلام".

ومن جانبه، یتحدث المحلل السیاسی الیمنی "خلیل مثنى العمری" عن الحراک الدبلوماسی، سواء ما یقوم به "غریفیث" من طهران إلى الریاض إلى بروکسل، أو الزیارات المتکررة للمبعوث الأمریکی. ویقول: "هناک حراک دبلوماسی نشط للمبعوث الأممی، حیث یسابق الدبلوماسی البریطانی الزمن للم شمل الأطراف الیمنیة على طاولة الحوار، على الرغم من أن دول تحالف العدوان وحکومة منصور هادی المستقیلة ترفض التعاطی مع جهود غریفیث". وأضاف: "إلا أن الدبلوماسیة الدولیة تعمل من أجل الضغط على دول تحالف العدوان وحکومة منصور هادی المستقیلة لإحضارهم لمفاوضات السلام المقبلة وقبلها وقف الحرب بشکل کامل وفتح المنافذ الیمنیة".
وعلى هذا المنوال نفسه، یشیر المحلل السیاسی الیمنی "العمری"، إلى أن جهود "غریفیث"، تحظى بدعم دولی غیر مسبوق من قبل الأمریکیین والأوروبیین مع التغیرات الأخیرة فی المشهد الدولی عقب وصول "بایدن" لسدة البیت الأبیض. وأما فیما یتعلق بزیارات لیندرکینغ فیتساءل "العمری" عن سبب ترکیزه على الریاض، معتقداً أن الأمریکیین ینظرون إلى السعودیة على أنها سبب حرب الیمن. ویکمل قائلاً: "زیارتان خلال نصف شهر إلى السعودیة، فیما لم نرَ أی تحرک تجاه صنعاء"، متسائلاً: "إذاً لماذا الترکیز على الریاض فقط، هل ترید واشنطن إیقاف الحرب فی الیمن، أو فقط إیقاف تحالف العدوان السعودی؟".
وفی الختام یمکن القول إن هذه الزیارات المکوکیة الغربیة والأمریکیة لإقناع أطراف النزاع فی الیمن للجلوس على طاولة المفاوضات وایجاد حل سلمی للأزمة الیمنیة ما جاءت إلا بعدما تمکن أبطال الجیش واللجان الشعبیة من تحریر معظم أراضی الیمن وتنفیذه للعدید من الهجمات الصاروخیة وبالطائرات المسیرة داخل العمق السعودی، الأمر الذی أثقل کاهل الاقتصاد السعودی وتسبب بحدوث أزمة مالیة فی المیزانیة الحکومیة السعودیة ولهذا فإن دول تحالف العدوان تبحث لها الان عن مخرج ینقذها من المستنقع الیمنی الذی غرقت وخسرت الکثیر من جنودها وأموالها فیه، وخاصة أن العدید من الدول الغربیة أعلنت خلال الایام الماضیة عن نیتها إیقاف بیع الاسلحة للریاض وابو ظبی بسبب الجرائم التی ارتکبها تحالف العدوان السعودی الإماراتی فی الیمن وتخلی إدارة "جو بایدن" الجدیدة عن الریاض.