فاقد الشیء لا یعطیه.. کیف للسعودیة التی تشتری السلاح أن تصنعه؟

صرح ولید أبو خالد الرئیس التنفیذی للشرکة السعودیة للصناعات العسکریة (سامی) بأن الشرکة التی تعود مالکیتها للدولة تهدف إلى تحقیق إیرادات سنویة ضخمة وبمعدل خمسة ملیارات دولار بحلول عام 2030، وذلک فی إطار رؤیة السعودیة لتنویع الاقتصاد والمسعى لتصنیع مزید من العتاد العسکری داخل المملکة. وتم إنشاء هذه الشرکة فی عام 2017 من قبل صندوق الثروة السیادیة السعودی، شرکة وذلک فی إطار برنامج اقتصادی واسع النطاق لتنویع اقتصاد المملکة المعتمد على النفط وبهدف خفض الاعتماد على الأسلحة والأنظمة العسکریة المستوردة أیضاً.!

ولکن یبدو أن الرئیس التنفیذی للشرکة السعودیة نسی أن بلاده تعد من أکبر مستوردی الأسلحة فی العالم وهی منخرطة فی صراع بالیمن منذ ست سنوات استنزف کل قدراتها المالیة والعسکریة.

صحیح أن السعودیة تضع الخطط والأرقام وتقول إنها تهدف إلى إنفاق 50 فی المئة من میزانیتها العسکریة بحلول 2030 على عتاد مصنوع محلیاً. ولکن الواقع والمعطیات على الأرض تقول إنها عاجزة عن تنفیذ حتى 10 بالمئة من هذه الأرقام.

الرئیس التنفیذی للشرکة أبو خالد تابع تقدیم الأرقام والإحصائیات التی یحلم بها ولیس لها أی وجود على أرض الواقع حیث قال فی معرض الدفاع الدولی (آیدکس) فی أبوظبی إن الشرکة تستهدف أن تکون بین أکبر 25 شرکة لإنتاج معدات الدفاع بحلول عام 2030. وقال "أن تکون بین أکبر 25 شرکة بحلول 2030 فإنک تتطلع إلى خمسة ملیارات دولار سنویا" کإیرادات وفق رأیه. ولکن نسی الرئیس التنفیذی أن یقدم أی أرقام ومعطیات للإیرادات الحالیة للشرکة کی یتمکن النقاد والمحللون من تفسیر معطیاتها ومطابقتها مع الواقع، ولکن لا عیب فی ذلک فهو جدید العهد وقد تولى منصب الرئیس التنفیذی للشرکة السعودیة للصناعات العسکریة فی أبریل نیسان الماضی.

تضارب فی الأرقام والاحصائیات!

اللافت للانتباه فی أرقام واحصائیات المدیر الجدید للشرکة هو تضاربها مع أرقام واحصائیات الرئیس السابق والتی کانت قبل عام واحد فقط حیث قال أندریاس شویر الرئیس التنفیذی للشرکة السعودیة للصناعات العسکریة "سامی" ، إن شرکته تهدف إلى تحقیق إیرادات بقیمة 10 ملیارات دولار على مدى السنوات الـ5 المقبلة!! وکان شویر، الذی أعلن عن هذه الأرقام قد تحدث فی المعرض نفسه الذی تحدث فیه أبو خالد ولکن کلامه هذه کان فی عام 2019 وأعلن حینها أن الشرکة السعودیة للصناعات العسکریة ترید أن تشکل صادراتها 30% من إیراداتها بحلول عام 2030.

وتابع فی ذلک الوقت: أنه بحلول عام 2030، ستصبح الشرکة السعودیة للصناعات العسکریة أکثر من مجرد لاعب إقلیمی. بل ستکون لاعبا دولیا حقیقة، وستکون من بین أکبر 10 شرکات، کما ستحقق 30% من الإیرادات من أسواق التصدیر بحلول 2030".

ولکن یبدو أن الرئیس الجدید وولی العهد بن سلمان أدرکوا الأرقام الخیالیة فی رؤیة 2030 وبدؤوا بتغییرها قلیلاً عن طریق حقن إبر المخدر فی أجسام الشعب السعودی وتقدیم البیانات المخففة.

صفقات الأسلحة لبلد یدعی التصنیع!

فی مایو من عام 2020 تم توقیع آخر صفقات الأسلحة الأمریکیة السعودیة وهی عبارة عن عقدین بقیمة تزید على ملیاری دولار لتورید أکثر من ألف صاروخ "جو - أرض"، وصواریخ مضادة للسفن.

وتبلغ قیمة العقد الأول، وفقاً لبیان لوزارة الدفاع الأمریکیة "البنتاغون"، 1.97 ملیار مخصص لتحدیث وتطویر صاروخ کروز "سلام- إی آر"، إلى جانب تسلیم 650 صاروخاً جدیداً لدعم السعودیة.

و"سلام-إی آر" هی صواریخ "جو - أرض" موجهة عبر نظام تحدید المواقع العالمی "جی بی إس"، ویصل مداها إلى نحو 290 کیلومتراً تقریباً، ومن المقرر إتمام ذلک العقد بحلول دیسمبر 2028.

کما أعلن البنتاغون عقداً آخر بأکثر من 650 ملیون دولار لتصدیر 467 صاروخاً جدیداً من طراز "هاربون بلوک تو" المضاد للسفن، بینها 400 للسعودیة، وأما البقیة فلدول أخرى.

وفی بیان منفصل قالت "بوینغ" إن العقود الجدیدة ستضمن استمرار برنامج "هاربون" حتى عام 2026، وإعادة إطلاق خط إنتاج "سلام-إی آر".

وتضع "بوینغ" مجموع العقود التی وقعتها عند 3.1 ملیارات دولار، وأشارت إلى أن المرة الأخیرة التی سلمت فیها نظام أسلحة "سلام-إی آر" کانت عام 2008.

الصفقات البریطانیة

لم یکن السوق الأمریکی الوحید للسعودیة فی شراء الأسلحة؛ حیث وصل حجم مبیعات الأسلحة البریطانیة والخدمات للجیش السعودی، بین 2015 و2019، إلى ما یزید على 15 ملیار جنیه إسترلینی (18 ملیار دولار)، وفقاً لبیانات شرکة "بی إیه إی سیستیمز"، ونشرته صحیفة "الغاردیان" البریطانیة، فی أبریل الماضی.

وتکشف الأرقام المأخوذة من التقریر أن الشرکة البریطانیة المصنعة للأسلحة قد حققت 2.5 ملیار جنیه إسترلینی (3 ملیارات دولار) من المبیعات للجیش السعودی خلال عام 2019 بأکمله.

وواصلت السعودیة شراء الأسلحة البریطانیة خلال عام 2020؛ إذ عقدت صفقة فی مارس الماضی، وفق صحیفة الغاردیان اللندنیة، بقیمة تبلغ نحو 5.3 ملیارات جنیه إسترلینی (6 ملیارات دولار)، شملت أسلحة وقنابل ذکیة وأنظمة تتبُّع ومراقبة من بریطانیا.

وتُعد السعودیة أکبر مشترٍ للسلاح البریطانی، وفق ما ذکر فی موقع "منظمة ضد تجارة الأسلحة" الموجودة فی المملکة المتحدة، حیث فاق حجم الصفقات العسکریة خلال فترة 2015 - 2017 الـ13 ملیار جنیه إسترلینی (15 ملیار دولار)، وشملت معظم الصفقات أسلحة وذخائر ومعدات عسکریة.

فاقد الشیء لا یعطیه

السعودیة تفتقد إلى الخبرات وإلى السلاح وإلى علم تصنیع الأسلحة حتى، فکیف لها أن تکون من الدول المصدرة للسلاح وهی أکبر المستوردین له حالیاً وذلک فی غضون سنوات قلیلة فقط؟! ولکن یبدو أن الخطة السعودیة هی فی طیاتها تتضمن تصنیع أسلحة أجنبیة على أراضی السعودیة وبیع هذه الأسلحة للدول المجاورة وللسعودیة نفسها وذلک لتخفیض تکالیف التصنیع والنقل من الدول المصنعة! وإذا کان هذا التفسیر صحیحاً فستبقى السعودیة مستعبدة من قبل کبرى شرکات الأسلحة وستنفذ کل ما یطلب منها فی مجال التصنیع والبیع وحتى إثارة الحروب والنعرات الطائفیة فی المنطقة بهدف بیع المزید من الأسلحة.




محتوى ذات صلة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة فی إیران اللواء حسین سلامی یقول إن "الانفجار الکبیر فی مصنع محرکات المضادات الدفاعیة والصواریخ حاملة الأقمار الصناعیة مؤخرا فی "إسرائیل"، أثبت هشاشة النظام الأمنی الإسرائیلی".

|

إین مجاهدو داعش من المجزرة التی تُرتکب فی المسجد الأقصى؟!

إین "مجاهدو داعش" من المجزرة التی تُرتکب فی المسجد الأقصى؟!

وأنا اتابع اخبار المجزرة المروعة التی ارتکبتها "داعش" السبت الماضی فی کابول، والتی ذهب ضحیتها 85 فتاة واکثر من 150 جریحة، فی تفجیر سیارة مفخخة امام ثانویة"سید الشهداء" للبنات، حین کانت الطالبات یخرجن من المدرسة، وقع نظری على مقال تحت عنوان"لماذا لا یوجد فرع لداعش فی فلسطین"، حیث ...

|

سلامي: أميركا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

سلامي: أميركا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة الاسلامية اللواء حسين سلامي يقول إن "الانفجار الكبير في مصنع محركات المضادات الدفاعية والصواريخ حاملة الأقمار الصناعية مؤخرا في "إسرائيل"، أثبت هشاشة النظام الأمني الإسرائيلي".

|

ارسال التعلیق