ابن نایف إلى الواجهة مجدداً.. هل اقتربت نهایة محمد بن سلمان؟

ضجّت المواقع الإخباریّة بالنبأ الذی نقله صحیفة "ذا تایمز" البریطانیّة، قبل بضعة أیام، والذی تحدث أنّ الرئیس الأمریکیّ، جو بایدن، یواجه ضغوطاً من أجل الدفع لإنقاذ ولی العهد السعودی السابق، محمد بن نایف، الذی یعیش تحت أعین سلطات البلاد التی قامت بتعذیبه عندما کان فی سجنه وسط الصحراء بالمملکة، مشیرة إلى أن بن نایف هو حلیف رئیس لواشنطن، مذکرة بأنّه یواجه ظروفاً صعبة، بعد أن حبسه الأمیر محمد بن سلمان، عقب انتزع ولایة العهد منه قبل سنوات. وتأتی تلک الضغوط على الإدارة الأمریکیّة الجدیدة بعدما قررت إدارة بایدن، الإفراج عن التقریر السری للاستخبارات الأمریکیة حول اغتیال الصحافیّ السعودیّ المعروف، جمال خاشقجی، فی قنصلیة بلاه بإسطنبول عام 2018، بعد أن مَنعت إدارة ترامب نشره لسنوات، حیث قامت واشنطن بنشر تقریر خلص إلى أنّ ولی العهد السعودی، محمد بن سلمان، أجاز عملیة اغتیال خاشقجی، والتی أصبحت قضیة رأی عام دولیّ، عدا عن کونها قضیة شغلت معظم دول العالم وکشفت اللثام عن حقیقة النظام الحاکم فی بلاد الحرمین، وقد جاء فی التقریر الأمریکیّ أنّ ابن سلمان أی الحاکم الفعلیّ فی السعودیة، أجاز العملیة فی ترکیا، لاعتقال أو قتل المعارض السعودیّ. استبدال ابن سلمان فی ظل عزم إدارة بایدن على إعادة تقییم العلاقات الوثیقة مع المملکة النفطیّة، تناول وزیر القضاء ونائب وزیر الخارجیة الصهیونیّ الأسبق، یوسی بیلین، فی مقال نشرته صحیفة “یسرائیل هایوم” العبریة الموالیة لرئیس وزراء العدو بنیامین نتنیاهو، إمکانیة استبدال ولی العهد السعودی محمد بن سلمان الذی وصفه بـ”المتهور” بالأمیر محمد بن نایف، مرجحاً طلب بایدن تنفیذ هذه الخطوة من الملک السعودی، سلمان بن عبد العزیز، موضحاً أنّ ابن سلمان کان بمثابة "الأمل الأکبر" للغرب للحظة ما، ووالده سلمان قد اعتبر کزعیم لفترة انتقالیّة، وتنبأ کثیرون بأن یصبح ابنه الشاب محمد، ولیاً للعهد. وکان التقدیر بأنّ المنصب سیُؤخذ من ید ولی العهد السابق محمد بن نایف، المجرب والمقدر الذی عینه سلمان مع تتویجه عام 2015، وبالفعل بعد سنتین، أطاح الملک بولی العهد الذی عینه وتوج ابنه محمد مکانه، حیث أصبح محمد بن سلمان نائباً لرئیس الوزراء ووزیراً للدفاع، بالإضافة إلى أنّه رئیس مجلس شؤون الاقتصاد والتنمیّة فی البلاد. وذکر الوزیر الصهیونیّ السابق، أنّ الولایات المتحدة استقبلت الشاب المفاجئ کرئیس للبلاد، وهکذا أیضاً فی أماکن أخرى فی العالم، وبدا أنه براغماتی (عملیّ)، حدیث، منصت، وممثل حقیقی للسعودیة الحدیثة، وما کان یمکن للعالم أنْ ینتظر إلّا أنْ ینزع والده سلمان تاجه وینقله إلى ابنه اللیبرالیّ (اللِّیبرالیة هی فلسفة سیاسیّة أو رأی سائد تأسست على أفکار الحریة والمساواة)، واعتبر أنّ بن سلمان اکتسب شهرته بعدما ألغى حظر قیادة النساء للسیارات فی السعودیة، لکنه بعد ذلک واصل اعتقال النساء والرجال ممن کافحوا فی سبیل الإصلاحات، واعتقل أغنیاء السعودیة حتى وافقوا على دفع الضرائب، وورط بلاده فی حرب رهیبة فی الیمن، وقام بأعمال غریبة أخرى، کانت ذروتها ضلوعه فی القتل الفظیع لخاشقجی فی تشرین الأول عام 2018. ورغم الإدانات الدولیّة الواسعة والغضب الحقوقیّ الکبیر، إلا أنّ الرئیس الأمریکی السابق دونالد ترامب، منح الزعیم الشاب الحمایة، لیُصبح بحسب  بیلین متعلقاً تماماً بنزوات ترامب، وخشی أنْ یکون جو بایدن، أکثر حساسیة لموضوع حقوق الإنسان، ما یساهم فی نهایة حیاته السیاسیّة، وإنّ حقیقة أنّ بایدن لم یتصل بمحمد بن سلمان، وإعلان أنّه لن یتحدث إلّا مع أبیه الملک، کانت إشارة أکثر من واضحة على ذلک. ورجح وزیر القضاء ونائب وزیر الخارجیة الصهیونیّ الأسبق، أنّه فی الحدیث بین الرئیس الأمریکیّ والملک السعودی، ألمح بایدن لسلمان أنّه سیکون من الحکمة من جانبه أنْ یقوم بتغییر ابنه المتهور بالرجل الذی اضطر لأنْ یتخلى عن ولایة العهد قبل أربع سنوات، متسائلاً: “هل سیکون هذا جیداً للکیان الصهیونیّ؟، ومجیباً بأنّه: "فی حال کان هذا جیداً لما وصفها بـ "الحلیفة الحقیقیّة الوحیدة"، سیکون جیدًا للکیان الغاصب". معسکر صحراویّ لا یخفى على أحد أنّ السلطات السعودیّة أُلقت القبض على ولی العهد السابق محمد بن نایف، الذی أُبعد عن الحیاة السیاسیّة عام 2017 بعد تولی محمد بن سلمان السلطة، قبل عام من ذلک، وزُج به فی معسکر صحراویّ وسط البلاد اعتاد اصطحاب المسؤولین الزائرین إلیه للتحدث والنوم فی العراء، ووفقاً لروایات نقلتها مواقع إخباریّة، فقد وُضع بن نایف البالغ من العمر 61 عاماً، فی الحبس الانفرادیّ لمدة 6 أشهر وتعرض للتعذیب، الشیء الذی أفقده 38 کیلو غراماً من وزنه، وبدا مصاباً بجروح فی قدمیه، وقالت مصادر صحیفة "ذا تایمز" البریطانیة، أنّ بن نایف کان یتحرک بسهولة، وأصبح عاجزاً عن المشی إلا متکئاً على عصا. وفی الوقت الذی یشعر کثیرون بقلق عمیق عقب التقاریر التی تفید باعتلال صحة محمد بن نایف وتعرضه لسوء المعاملة على أیدی سلطات آل سعود، نُقل بن نایف من الحبس الانفرادیّ إلى قصر مهجور فی أیلول عام 2020، ومنذ ذلک الحین لا یزال تحت حراسة مشددة، ورغم السماح له بالزیارات العائلیة، إلا أنّ محامیه وطبیبه ممنوعان من مقابلته. وفی هذا الصدد، کشفت مصادر مقربة من محمد بن نایف، المعروف بـ "السعودیّ المفضل لدى الولایات المتحدة"، أنّ أرصدته رغم أنها کبیرة، لکنها لا تساوی إلا جزءاً بسیطاً من مبلغ الـ 11 ملیار دولار الذی تطالبه السلطات به، وقد نفى حلفاء الأمیر الأسبق نفیاً قاطعاً تهم السرقة، معتبرین ذلک محض هجوم من محمد بن سلمان بدوافع سیاسیّة، وتشیر تقاریر أنّ المبلغ المذکور یمثل المیزانیة الإجمالیة الممنوحة لوزارة الداخلیة السعودیة خلال عام من الأعوام التی عملها هناک. کذلک، یعتقد أصدقاء محمد بن نایف أنّ واشنطن لا تضغط بما یکفی على الحکومة السعودیة لمساعدته، والدلیل على ذلک ما قاله رئیس وکالة المخابرات المرکزیة الأمریکیة سابقاً، جون برینان، حیث أوضح أن إدارة بایدن لم تتخذ الخطوات اللازمة، وأصدرت هذا التقییم الاستخباراتیّ عن مقتل خاشقجی قائلین إن أحدهم مسؤول، لکنهم لم یحاسبوا محمد بن سلمان بشکل شخصیّ. ومن الجدیر بالذکر أنّ بعض أصدقاء محمد بن نایف فی الغرب، یحاولون الضغط على مملکة آل سعود للإفراج عنه، حیث إن شخصیات غربیّ بارزة تشعر بأنّ الغرب مدین لبن نایف بشکل عمیق، بعد مساعدته فی إحباط "مؤامرات إرهابیّة"، ویقول الباحث البارز فی معهد بروکینغز للأبحاث الذی قضى 30 عاماً فی المخابرات الأمریکیة وقابل نایف عدة مرات، بروس ریدل، "أعلم أنه یسود فی أجهزة الاستخبارات الأمریکیّة ومکافحة الإرهاب، شعور بأننا مدینون لهذا الرجل بمحاولة مساعدته، وأعتقد أنّهم یریدون العمل سراً، خلف الکوالیس لمحاولة إخراجه من السجن وإعادته إلى مکان یمکنه الوصول فیه إلى الأطباء وما شابه". یشار إلى أنّ ولی العهد السعودیّ، محمد بن سلمان، تخلص من أبرز منافسیه من خلال موجات من الاعتقالات التی شملت أهم وأبرز الأمراء وکبار المسؤولین فی البلاد، بالإضافة إلى مجموعة من الوزراء الحالیین والسابقین وبعض رجال الأعمال، کما وسعت سلطاته حملة الاعتقالات، لتشمل دعاة وعلماء وسیاسیین وتجار، فیما لم تستثنی الأقرباء المنافسین لولی العهد کأبناء عمومته وأبنائهم وأسرهم. خلاصة القول، کلنا نعلم أنّ السعودیة لکی تکسب رضا بایدن لابد لها أن تقدم الطاعة والکثیر من التنازلات عقب إدانة ولی العهد بجریمة خاشقجی، والتی ربما تکون إعادة محمد بن نایف واحدة منها، بالإضافة إلى التطبیع والمزید من الأموال لواشنطن، أکثر مما قدمته الریاض لإدارة ترامب الذی قام بزیارتها بعید انتخابه فی أیار عام 2017، وأقام مع قادتها وخصوصاً محمد بن سلمان علاقات وطیدة للغایة، لتبقى نتائج هذه القضیة مرهونة بتطورات الأحداث السیاسیّة.




محتوى ذات صلة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة فی إیران اللواء حسین سلامی یقول إن "الانفجار الکبیر فی مصنع محرکات المضادات الدفاعیة والصواریخ حاملة الأقمار الصناعیة مؤخرا فی "إسرائیل"، أثبت هشاشة النظام الأمنی الإسرائیلی".

|

إین "مجاهدو داعش" من المجزرة التی تُرتکب فی المسجد الأقصى؟!

وأنا اتابع اخبار المجزرة المروعة التی ارتکبتها "داعش" السبت الماضی فی کابول، والتی ذهب ضحیتها 85 فتاة واکثر من 150 جریحة، فی تفجیر سیارة مفخخة امام ثانویة"سید الشهداء" للبنات، حین کانت الطالبات یخرجن من المدرسة، وقع نظری على مقال تحت عنوان"لماذا لا یوجد فرع لداعش فی فلسطین"، حیث ...

|

مسؤول بالخارجیة السعودیة لرویترز: نأمل فی نجاح المحادثات مع ایران

أکد مسؤول فی وزارة الخارجیة السعودیة إجراء محادثات بین المملکة وإیران، مشددا على أن الهدف منها استکشاف طرق للحد من التوتر بالمنطقة، واعرب عن أمله بنجاح هذه المحادثات.

|

سلامي: أميركا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة الاسلامية اللواء حسين سلامي يقول إن "الانفجار الكبير في مصنع محركات المضادات الدفاعية والصواريخ حاملة الأقمار الصناعية مؤخرا في "إسرائيل"، أثبت هشاشة النظام الأمني الإسرائيلي".

|

إیران: مستعدون لإجراء محادثات مع السعودیة على أی مستوى

المتحدث باسم الخارجیة الإیرانیة سعید خطیب زادة یقول إن تغییر لغة الخطاب مع السعودیة یساهم فی تخفیف التوتر، لکنه مشروط بتغییر السلوک، وفق تعبیره.

|