الشیخ قاسم: لإصلاح جذری فی البحرین وشعبنا مقاوم یعرف حقوقه
أکد آیة الله الشیخ عیسى أحمد قاسم انه “لا بد من إصلاح جذری صادق ومتین یضمن استمراره فی البحرین”، وتابع ان “شعب البحرین مقاوم یعرف حدود حقوقه ومستعد للحوار ولا یصحّ أن یُطالب بالتسوّل والاستجداء والاسترحام”.
وقال الشیخ قاسم فی بیان له الجمعة “فی البحرین شبکة من الأزمات الحادّة والأوضاع المربکة المهدّدة لوجودها مما صنعته السیاسة الرسمیة فیها”، وأضاف “تستطیع هذه السیاسة أن تبقی هذه الأزمات وتزید فیها وفی تعقیدها باستمرارها على النمط الذی اختارته فی تعاملها مع الشعب من دون أن تمیل إلى اصلاح أو تغییر”، واوضح “النتیجة أن تجد نفسها قریبا غریبة غربة فاحشة فی وسطها الإقلیمی والوسط العالمی کلّه ومعاکسة المسار العام للسیاسة فی العالم وهی نتیجة لا تتحملها أی دولة من الدول العظمى”.
ولفت الشیخ قاسم الى انه “یمکن لهذه السیاسة أن تفرج عن عدد من السجناء مبقیة قادة ورموز المقاومة فی سجونهم مع الإقدام على تصحیح جزئی للأوضاع الحقوقیة وإیجاد لمسات خفیفة تصحیحیة على الوضع السیاسی”، وأضاف ان “النتیجة لهذا الفرض لیست بعیدة کل البُعد عن سابقتها، ولا تصل إلى حلّ مشکلة الداخل، ولا تنهض بضرورات الإصلاح”.
وتابع الشیخ قاسم “یمکن أن تتوسع هذه السیاسة فی الخیار الإصلاحی فی کلٍّ من الناحیة الحقوقیة العامة والحق السیاسی، لکن بما لا یؤدی إلى توافق سیاسی مریح بین الشعب والحکم واستقرار طویل الأمد للأمن الوطنی الشامل لکلّ ما یطلب فیه الأمن، ویعطی فرصة التفرّغ من الجمیع لترمیم التصدّعات الکثیرة التی خلقتها السیاسة الخاطئة فی قلعة الوطن ووضعته على طریق الانهیار”.
وقال الشیخ قاسم “أمّا إذا أرادت السیاسة أن تکون مخلصة وجادّة فی حلٍّ ذی قیمة مؤثرة للمشکلة الوطنیة الحادّة والمزمنة ینتج علاقة إیجابیة مستقرة بین الشعب والحکم وفاعلة على خط التقدّم الوطنی والتخلّص من سلبیات الماضی ویتیح فرصة حقیقیة للبناء المشترک الذی یعطی موقعاً متقدّماً للوطن على کل الأصعدة الخیِّرة، فلابّد من الإصلاح المجذّر له تجذیراً یضمن صدقه وجدّیته ومتانته واستمراریته من خلال دستور من إرادة الشعب ومؤسسات دستوریة راسخة راجعة لارادته، وتتمتّع کلّ منها بالاستقلالیة التی تمنع تغوّل أیٍّ منها على الأخرى”.
وشدد على ان “هذه الصورة من الإصلاح هی هدفٌ أصلٌ فی کل حراک وانتفاضة وهبّة واعتصام ومسیرة ومطالبة کانت أو تکون على أرض الوطن، وهی الصورة التی لا یُغنی عنها شیء من صور الإصلاح الأقلّ منها، وهی لراحة الجمیع، وقوّة الجمیع، وعزّ الجمیع، وأمن الجمیع، والعدل العام للجمیع”.
ونبه الشیخ قاسم من ان “بقاء أی سجین من سجناء الرأی الذین إنّما کان سجنهم من أجل الدفاع عن حریة الشعب وحقوقه وکرامته ودوره السیاسی المسلوب، لهو معاکس تماماً لنیّة الإصلاح فضلاً عن تحقّقه على الأرض، ولذلک لا یَصدُق أی إصلاح إذا کان هؤلاء الأحراء فی السجون”.
وأکد ان “شعبنا شعب مقاوم عن حقوقه ضحّى کثیراً وبذل کثیراً وسیبقى معطاءً على طریق حریته واسترداد حقوقه”، وتابع “هذا الشعب لا یصحّ أن یُطالَب بالتسوّل والاستجداء لإرجاع حقوقه والشعب یعرف تماماً أن له حقوقاً، ویعرف حدود حقوقه، وهو متمسک بهذه الحقوق وقادر کلّ القدرة ومستعدٌّ کلّ الاستعداد للدخول فی حوار منتج”، وذکر ان “المعارضة کثیرا ما دعت للحوار الجاد المنقذ وأهمل ذلک الجانب الرسمی”، وأشار الى ان “هذه الدعوة قائمة بلا توقّف”.
نص البیان:
بسم الله الرحمن الرحیم
فی البحرین شبکة من الأزمات الحادّة والأوضاع المربکة المهدّدة لوجودها مما صنعته السیاسة الرسمیة فیها، وتستطیع هذه السیاسة أن تبقی هذه الأزمات وتزید فیها وفی تعقیدها باستمرارها على النمط الذی اختارته فی تعاملها مع الشعب من دون أن تمیل إلى اصلاح أو تغییر.
والنتیجة أن تجد نفسها قریباً غریبة غربة فاحشة فی وسطها الإقلیمی والوسط العالمی کلّه ومعاکسة المسار العام للسیاسة فی العالم. وهی نتیجة لا تتحملها أی دولة من الدول العظمى.
ویمکن لهذه السیاسة أن تفرج عن عدد من السجناء مبقیة قادة ورموز المقاومة فی سجونهم مع الإقدام على تصحیح جزئی للأوضاع الحقوقیة وإیجاد لمسات خفیفة تصحیحیة على الوضع السیاسی، والنتیجة لهذا الفرض لیست بعیدة کل البُعد عن سابقتها، ولا تصل إلى حلّ مشکلة الداخل، ولا تنهض بضرورات الإصلاح.
ویمکن أن تتوسع هذه السیاسة فی الخیار الإصلاحی فی کلٍّ من الناحیة الحقوقیة العامة والحق السیاسی، لکن بما لا یؤدی إلى توافق سیاسی مریح بین الشعب والحکم، واستقرار طویل الأمد للأمن الوطنی الشامل لکلّ ما یطلب فیه الأمن، ویعطی فرصة التفرّغ من الجمیع لترمیم التصدّعات الکثیرة التی خلقتها السیاسة الخاطئة فی قلعة الوطن ووضعته على طریق الانهیار.
أمّا إذا أرادت السیاسة أن تکون مخلصة وجادّة فی حلٍّ ذی قیمة مؤثرة للمشکلة الوطنیة الحادّة والمزمنة ینتج علاقة إیجابیة مستقرة بین الشعب والحکم، وفاعلة على خط التقدّم الوطنی، والتخلّص من سلبیات الماضی، ویتیح فرصة حقیقیة للبناء المشترک الذی یعطی موقعاً متقدّماً للوطن على کل الأصعدة الخیِّرة؛ فلابّد من الإصلاح المجذّر له تجذیراً یضمن صدقه وجدّیته ومتانته واستمراریته من خلال دستور من إرادة الشعب ومؤسسات دستوریة راسخة راجعة لارادته، وتتمتّع کلّ منها بالاستقلالیة التی تمنع تغوّل أیٍّ منها على الأخرى.
وهذه الصورة من الإصلاح هی هدفٌ أصلٌ فی کل حراک وانتفاضة وهبّة واعتصام ومسیرة ومطالبة کانت أو تکون على أرض الوطن، وهی الصورة التی لا یُغنی عنها شیء من صور الإصلاح الأقلّ منها، وهی لراحة الجمیع، وقوّة الجمیع، وعزّ الجمیع، وأمن الجمیع، والعدل العام للجمیع.
وإنّ بقاء أی سجین من سجناء الرأی الذین إنّما کان سجنهم من أجل الدفاع عن حریة الشعب وحقوقه وکرامته ودوره السیاسی المسلوب؛ لهو معاکس تماماً لنیّة الإصلاح فضلاً عن تحقّقه على الأرض، ولذلک لا یَصدُق أی إصلاح إذا کان هؤلاء الأحراء فی السجون.
وعلى الکتّاب فی بعض الصحف الرسمیة المعبّرة عن السیاسة الرسمیة ممن لا یحسنون اللغة فی خطابهم للشعب ویسیئون لمکانته ووزن معارضته التی یعتزّ بها وتعتزّ به؛ أن یعتبروا له حقّه وموقعه وکفاءاته ویتأدبوا فی الخطاب معه.
شعبنا شعب مقاوم عن حقوقه ضحّى کثیراً وبذل کثیراً وسیبقى معطاءً على طریق حریته واسترداد حقوقه، وقد سلک حراکه فی عمومه أعقل الطرق وأبعدها عن العنف، والتزم قادته ورموزه بالدعوة الثابتة للمسلک السلمی فی المطالبة باستنقاذ حقوقه وحریته.
هذا الشعب لا یصحّ أن یُطالَب بالتسوّل والاستجداء لإرجاع حقوقه، وتقدیم ورقة استرحام عسى أن تنال شیئاً من رحمة الطرف الآخر وإلاّ فعلیه أن یصمت إذا قرّر الآخر أن یهمل استرحامه أو لا یعترف له بکامل حقّه، ویختار تهمیشه.
الشعب یعرف تماماً أن له حقوقاً، ویعرف حدود حقوقه، وهو متمسک بهذه الحقوق وقادر کلّ القدرة ومستعدٌّ کلّ الاستعداد للدخول فی حوار منتج بشأن کلّ حقوقه من سیاسی وغیره، وبصورة عزیزة ومشرّفة کلُّ همّها إحقاقُ الحقّ، وإقامة العدل وسلامة الوطن، وبناء علاقات صحیحة بینه وبین الحکم من غیر استعلاء واستکبار من أحد.
وکثیراً ما دعت المعارضة للحوار الجاد المنقذ وأهمل ذلک الجانب الرسمی، وهذه الدعوة قائمة بلا توقّف.
حیَت البحرین حرّة کریمة قویة مطمئنة فی ظل وضع سیاسی وحقوقی عادل، التقدّم فیه للأکفأ إخلاصاً والأمن على مصالح الناس والأبعد عن القلق وبیع الدین والضمیر.
وعاشت الأمّة الإسلامیة کلّها عظیمة وآمنة ومتقدّمة وکریمة ومستقلّة وعزیزة.
عیسى أحمد قاسم
30 أبریل 2021