هل تشهد الدولة السوریة حرب میاه تشنها ترکیا؟

حرب میاه تطل برأسها فی المنطقة، یشنها الأتراک على الدولة السوریة، حیث اکدت المعلومات انخفاض منسوب تدفق نهر الفرات إلى ٢٠٠ متر مکعب فی الثانیة، ما أدى الى انخفاض قدرة التولید الکهربائی فی سد الفرات، وانخفاض مستوى میاه بحیرة الأسد، بعد تشغیل قسد عنفات التولید الکهرومائی فی البحیرة، الامر الذی ساهم فی الانخفاض الشدید فی مخزون میاهها، علما أن الاتفاق الموقع فی العام ١٩٨٧ والموثق لدى الأمم المتحدة بین الجانب السوری والعراقی والأتراک، یلزم الجانب الترکی بالحفاظ على نسبة تدفق لا تقل عن ٥٠٠ متر مکعب بالثانیة.

صمت اعلامی تعیشه هذه المعرکة ضمن الحرب التی تستهدف سوریا، بعد فشل الحرب العسکریة، وتصاعد الحصار الاقتصادی، لتستخدم المیاه کسلاح بید الاتراک، فی محاولة لزیادة الضغط على الدولة السوریة، وتهجیر من تبقى من أهالی الشمال السوری، وقتل استراتیجیة الامن الغذائی السوری، بعد إصرار دمشق على الاعتماد على زراعة المحاصیل الاستراتیجیة ومنها القمح فی مناطق شمال البلاد، والتی یمر منها نهر الفرات، بالإضافة الى الاضرار البیئیة، وتوسع کارثة التصحر. الحرب على الموارد الطبیعیة، لم تکن ولیدة اللحظة الراهنة، هی حرب تاریخیة بین العراق وسوریا وترکیا، حیث یؤکد التاریخ الحدیث ان عام 1920، کان العام الذی وقعت فیه اتفاقیة بین سوریا الخاضعة للانتداب الفرنسی انذاک وترکیا، لتقسیم میاه الفرات بحسب المعاییر الدولیة، ثم جاء فی اتفاقیة "لوزان" عام 1923 بنداً خاصاً بنهری دجلة والفرات جاء فیه: "لا یحق لأیة دولة من هذه الدول الثلاث – أی العراق وسوریا وترکیا - إقامة سد أو خزان أو تحویل مجرى نهر من دون أن تنسق مع الدول الأخرى لضمان عدم إلحاق الأذى بمصالحها". وحتى بعد استقلال العراق وسوریا، بقیت حرب الموارد الطبیعیة، تشکل عائق امام تطویر العلاقات مع ترکیا، التی تستخدم المیاه کسلاح استراتیجی، فی وجه بغداد ودمشق، حتى شکلت السدود الترکیة، سلاح بید قوى الاستکبار العالمی والولایات المتحدة الامریکیة، تستخدمها کأداة سیاسیة، وهذا ما بینته وثائق السفارة الأمیرکیة فی طهران والموقعة بتاریخ 4 تشرین الثانی/نوفمبر 1979 "أن المخابرات الأمیرکیة اقترحت على مدیر عام مؤسسة المیاه الوطنیة سلیمان دیمیریل فی العام 1955-1956 ، بناء سدود کبیرة على الفرات، لتکون سلاحاً بید أنقرة ضد سوریا التی کانت علاقاتها سیئة حینها مع ترکیا". فی الجغرافیا السیاسیة، کانت الموارد الطبیعیة أحد أبرز أسباب الحروب، وهی دافع أساسی لخلق الصراعات، کونها مساحة ثابتة، ولها أهمیة استراتیجیة، لذلک تعتبر المیاه المورد النادر، بعد موجات الجفاف وقلة الامطار بالمنطقة، وتعتبر من اهم عوامل تهدید الامن البشری، الغذائی والاقتصادی والسیاسی، لذلک یرى اقتصادیون غربیون، مثل جون ستیوارت، ان المیاه هی السبب الحقیقی للنمو، وفقدانها یجعل من البلدان فی اسفل سلم النمو والازدهار الاقتصادی والاجتماعی، لارتباطها بعوامل عدید، تهدد الانسان فی امنه الذاتی بشکل مباشر، لذلک فی الوضع الطبیعی فإن المیاه تشکل المحدد الرئیسی للعلاقات السیاسیة بین الدول، فکیف بوضع سوریا التی تعیش حرب عسکریة، وحصار اقتصادی، وإرهاب عقوبات، ما یعنی ان ترکیا تستهدف المصالح الحیویة والقومیة للدولة السوریة، حیث یعانی الکثیرون من العطش والتلوث الذی یسببه خفض ترکیا غیر المشروع لمیاه الفرات، ویطال التأثیر بشکل أکبر قطاع تولید الکهرباء المعتمد على ثلاث سدود اکبرها سد الفرات ویلیه سد البعث وسد تشرین، ومنها یتم تغذیة مناطق کثیرة من سوریا بالکهرباء. ان صرخات الاستغاثة التی یطلقها الناس فی شمال سوریا، لا تسمع فی أروقة المنظمات الدولیة والاممیة، کون معظم هذه الدول تدعم الحکومة الترکیة بضغطها على الدولة السوریة، للحصول على مکتسبات سیاسیة، بالرغم من خرقها للقانون الدولی، الذی ینظم تدفق المیاه فی الأنهر الدولیة، والتی یحاول الترکی تعمیم مفهوم مختلف للتأثیر فی ذهنیة السیاسی الغربی، مستخدما مصطلح المیاه العابرة للحدود على نهری الفرات ودجلة، فی عملیة خداع منظمة، تهدف للتهرب من التزاماتها الموقعة باتفاقیات مع الدولة السوریة، وتستمر باستخدام المیاه کجزء من الحرب الاقتصادیة على سوریا. إن ورقة المیاه هی جزء من الحرب، ومرحلة متقدمة من انخراط ترکیا فی العدوان على سوریا، وبهذه المرحلة تستغل ترکیا الوضع الدولی الهش، لتستمر بخرقها للقانون الدولی الإنسانی، واخلاق السیاسیین، وتعمل على تکرار جرائمها من قطع المیاه عن السوریین ان کان عبر میاه الفرات ودجلة، او عن طریق المجموعات المسلحة المدعومة منها، فالذاکرة لا تنسى تعطیش دمشق وحرمان حلب، وفی أیامنا هذه ما یعانیه أهالی الحسکة من قطع متکرر لمیاه الشرب، الا ان لسان حال السوریین یقول، لو ذبحنا على حجر لن نسلم.




محتوى ذات صلة

مفتی سوریا: إغلاق إیران سفارة إسرائیل هو أول إشارة للوفاء لفلسطین

قال مفتی سوریا الشیخ بدر الدین الحسون، إن "أول إشارة للوفاء لفلسطین هو إغلاق إیران الإسلامیة سفارة إسرائیل"، مضیفاً أن "فلسطین رسالة لکل البشر حیث احتضنت کل رسالات السماء".

|

سلامي: أميركا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة الاسلامية اللواء حسين سلامي يقول إن "الانفجار الكبير في مصنع محركات المضادات الدفاعية والصواريخ حاملة الأقمار الصناعية مؤخرا في "إسرائيل"، أثبت هشاشة النظام الأمني الإسرائيلي".

|

الجعفری یؤکد موقف سوریة الثابت والمبدئی تجاه القضیة الفلسطینیة

بحث نائب وزیر الخارجیة والمغتربین السوری بشار الجعفری مع السفیر أنور عبد الهادی مدیر الدائرة السیاسیة لمنظمة التحریر الفلسطینیة فی دمشق العلاقة بین البلدین وآخر التطورات على الساحتین العربیة والفلسطینیة.

|

سوریا: المحکمة الدستوریة ستدرس طلبات المرشحین لمنصب الرئیس

المحکمة الدستوریة العلیا فی سوریا تعلن تسلمها من مجلس الشعب صندوق التأییدات الخطیة للمرشحین للانتخابات الرئاسیة، وستدرس طلبات الترشح کافةً وتبتها خلال خمسة أیام.

|

العراق یؤکد مواصلة التعاون الامنی مع روسیا وایران وسوریا لمکافحة الارهاب

کشف قیادة العملیات المشترکة، الأربعاء، عن دور فعال وفتاک لعمل المرکز الرباعی المشترک مع روسیا وسوریا وإیران فی تبادل المعلومات ضد الإرهاب.

|