لبنان.. سيناريوهات ما بعد اعتذار الحريري

بعد اعتذار سعد الحريري عن تشكيل الحكومة فبعد حوالي 9 أشهر على تكليفه يواجة لبنان اليوم على كافة الاحتمالات و السيناريوت.

و في السياق ركزت الصحف اللبنانية اليوم الجمعة على اعتذار رئيس تيار المستقبل سعد الحريري عن عدم تشكيل الحكومة و كتبت صحيفة الأخبار اللبنانية إنه بعد 9 أشهر من المماطلة، وإقفال كلّ السبل الداخلية والخارجية التي تعيده إلى السرايا، اعتذر سعد الحريري عن عدم تأليف حكومة، وقرّر الهروب نحو الانتخابات النيابية. بالتحريض على حزب الله، افتتح الحريري حملته الانتخابية، أمس، التي سبقه إليها الأميركيون والفرنسيون الذين يطلبون أكثرية نيابية معادية للحزب. واضافت الصحيفة أنه بعد 9 أشهر من التكليف، خرج رئيس الحكومة سعد الحريري من القصر الجمهوري يوم أمس مُجردّاً من تكليفه. الحريري، الذي سُمِّيَّ لتأليف الحكومة في 22 تشرين الأول عام 2020، تعهّد آنذاك بتأليف حكومة من اختصاصيّين غير حزبيين بسرعة لوقف الانهيار الذي يهدّد البلاد. لكن ما حصل فعلاً أن الأشهر التي تلت التكليف كانت الأشدّ انهياراً على السكان وقدراتهم المعيشية. ارتفع سعر الدولار من 7 آلاف ليرة الى 22 ألف ليرة يوم أمس. فيما بدت حكومة الاختصاصيين التي تحدّث عنها أقرب الى حكومة تُمَثّل حزب المصرف وشركائه. فالمجلس الذي يأتي «تطبيق الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية الواردة في ورقة المبادرة الفرنسية في صلب مهامه، يضمّ في التشكيلة الأخيرة التي قدّمها الحريري يوم أول من أمس، مدير العمليات المالية في مصرف لبنان ومهندس الهندسات المالية يوسف خليل وزيراً للمالية وأحد المستشارين في جمعية المصارف أنطوان شديد وزيراً للدفاع. هذه الحكومة نفسها كان يفترض لها أن تُواكب تدقيقاً جنائياً في حسابات مصرف لبنان وتُقرّ خطة تعافٍ مالي سبق لها أن نُحرت على أيدي مصرف لبنان والمصارف ورعاتهم/ شركائهم السياسيين. ولفتت الصحيفة إلى أن اعتذار الحريري كان منتظراً منذ الأشهر الأولى لتكليفه، لمعرفته المُسبقة بأن لا قدرة له على المضيّ في مفاوضات تأليف الحكومة، ما دامت السعودية تُشهر الفيتو في وجهه. لكنه، في المقابل، عوّل على مساعٍ فرنسية وإماراتية ومصرية لعقد مصالحة بينه وبين وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان... الى أن تيقّن أخيراً في زيارته لمصر أن ابن سلمان يرفض الحديث باسمه، وهو ما تكفّل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بنقله له. عندها، باتت مسألة الاعتذار حتمية، ولم يبق سوى إعداد إخراج لها. واشارت الصحيفة إلى أنه إلى جانب العوامل الخارجية، كان تأليف حكومة أمراً شبه مستحيل، لأسباب داخلية، أولها الخلاف المستحكم بين قطبَيها الرئيسيين: رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر من جهة، والحريري من جهة ثانية. إضافة إلى ذلك، غياب الرغبة لدى القوى السياسية الرئيسية (الحريري، حركة أمل، الحزب الاشتراكي...)، نيابة عن حزب المصرف، بإقرار خطة إنقاذ مالي، لأن الانهيار هو الخطة التي فوّضت هذه القوى لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمر تطبيقها من أجل إنقاذ المصارف على حساب باقي المجتمع، وتحديداً الشرائح الأكثر ضعفاً فيه. وفي هذا السياق تحديداً، لم يكن الحريري يريد تحمّل المسؤولية الحكومية، مع ما يترتّب عليها من مسؤولية تبعات الانهيار. فعلى سبيل المثال، على أي حكومة جديدة أن تتخذ قرارات بشأن دعم السلع الحيوية (الأدوية والمحروقات) والتصدي للأزمة الصحية الناجمة عن الانهيار الاقتصادي، مع ما يعنيه ذلك من قرارات ستصبّ حتماً في غير مصلحة معظم السكان. وقالت الصحيفة إن هذه العوامل مجتمعةً تستظلّ بمساعٍ دولية، أميركية - فرنسية تحديداً، لفتح معركة الانتخابات النيابية المقبلة منذ الآن، بهدف تامين أغلبية نيابية معادية لحزب الله. وظهر ذلك في أداء السفيرتين دوروثي شيا وآن غريو، اللتين ضغطتا أمس لقبول رئيس الجمهورية بالتشكيلة التي قدّمها الحريري، على قاعدة أنها تعني تأليف حكومة من دون حزب الله! وفي هذا الإطار، أتى هجوم رئيس تيار المستقبل على حزب الله، وتحديداً على التحالف بين الحزب والرئيس ميشال عون، في ما يبدو أنه الهدف الأول لحملته الانتخابية. من جهتها صحيفة البناء قالت إنه لم يعد مهماً التدقيق الا من باب الفضول بأسماء التشكيلة الحكوميّة التي قدمها الرئيس السابق سعد الحريري لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون (تفاصيل التشكيلة في متن النص)، ولا بمضمون تحفظات رئيس الجمهورية عليها، فالفريقان تعاملا منذ اليوم الأول على التكليف، على قاعدة أنهما يسعيان لهدف واحد، وهو اعتذار الحريري، فالحريري الذي اكتشف مع إعلان رغبته بالعودة لرئاسة الحكومة عبر مواقف حلفائه المفترضين والمشتركين مع السعودية الراعي الإقليمي المفترض لرئاسته، أن الفيتو السعودي مستمرّ على توليه رئاسة الحكومة مجدداً، لكنه كان يحتاج إلى التوقيت المناسب والمخرج المناسب للاعتذار، توقيت ومخرج يضمن معهما أنه أحسن توظيف ترشيحه واعتذاره في معركة الانتخابات النيابية المقبلة يقطع الطريق على أي عبث بشارعه التقليدي من السعودية وغير السعودية من أشقاء وغير أشقاء، وهذا له شروط، أولها رفع منسوب التوتر الطائفيّ تحت عنوان صلاحيات رئيس الحكومة، وإعادة توحيد مرجعيات الطائفة الدينية والسياسية وراءه، وتحميل العهد والفريق الرئاسيّ مسؤولية التعطيل، وشد العصب الطائفي في الشارع الذي أصابته أمواج وتداعيات الأزمة الاقتصادية ودفعت ببعض شرائحه إلى الشارع تحت عناوين أوحت بها انتفاضة تشرين عام 2019، واستهلاك الوقت الذي يتيح ولادة حكومة جديدة برئاسة سواه تحمل عنوان الإنقاذ الاقتصادي، قبل أن يصير المتاح الممكن فقط هو حكومة تشرف على الانتخابات، أو البقاء بلا حكومة، تحت شعار تولي حكومة تصريف الأعمال مهمة الإشراف على الانتخابات، وقد دأب الحريري منذ استقالته وصولاً لترشيح نفسه وانتهاء بالاعتذار على إدارة الوقت بهذه الطريقة، فهكذا أطاح بفرضيات ترشيح سمير الخطيب ومحمد الصفدي وبهيج طبارة ولاحقاً مصطفى أديب، ومستقبلاً بمن يرد اسمه مرشحاً لرئاسة الحكومة، مبشراً سلفاً بعدم المشاركة بالاستشارات النيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة، وعدم المشاركة بأي بحث بتسمية جديدة، أي فرض الحرم الطائفيّ على كل مَن يرشّح نفسه أو يتم التداول به كمرشح بديل، فاعتذار الحريري الذي أكد أن ليس هناك مبادرة مصريّة ونفى تمنياً مصرياً بعدم الاعتذار، كشف ان ما نقلته قناة العربية التي يملكها ولي العهد السعودي قامت بحملة إعلاميّة للتشويش على الاعتذار، الذي جاء بنصف أسبابه محكوماً بمحاولة الحريري عدم التصادم مع السعودية وولي عهدها.