سعد الله زارعی
أکد الکاتب والمحلل السیاسی الایرانی، سعد الله زارعی، انه وخلافا لتوقعات النظام الإسرائیلی ، فإن الحرکات الجهادیة والجماعات الجهادیة الفلسطینیة لم تتخلَ عن مقاومتها المسلحة ضد أعمال جیش العدو ، ولم یتم الضغط علیها من قبل شعب غزة المضطهد لقبول شروط النظام الإسرائیلی.
وفی مقال له نشر فی صحیفة کیهان، وترجمته وکالة القدس للانباء(قدسنا) إلی العربیة، قال زارعی: إن انتفاضة العودة سیکون لها آثار استراتیجیة على القضیة الفلسیطینیة، والتی یمکن اعتبارها تغییرًا نوعیًا فی "تحریر الأرض الفلسطینیة بأکملها".
و بناء على ذلک فإن النظام الإسرائیلی لم یتمکن من إطفاء شعلة هذه الإنتفاضة، رغم قوى القمع الشدیدة التی استخدمها و توجیه الرصاص الحی تجاه صدور المتظاهرین، فإن الجیش الإسرائیلی یعترف بأن مقتل المدنیین العزل هو هزیمة کبیرة لإسرائیل. وفی هذا الصدد هناک بعض الملاحظات:
إن الجانب الفلسطینی لدیه رسالة واضحة یرید توصیلها من خلال إنتفاضة العودة و هی أن هناک أکثر من 6 ملایین لاجئ فلسطینی فی الخارج من حقهم العودة إلى دیارهم و بیوتهم و ممتلکاتهم و هذا الموضوع تم التأکید علیه مراراً فی المعاهدات الدولیة.
منطق الحرکة الفلسطینیة هو أن الحدود غیر الشرعیة هی وحدها التی تمنع عودة اللاجئین فی الخارج، وسنزیل هذه العقبة. وبعبارة أخرى ، إذا لم تکن هناک إرادة فی الأمم المتحدة وبین البلدان العربیة الإسلامیة ، وکذلک فی البلدان المضیفة للاجئین الفلسطینیین لإعادة اللاجئین، فنحن بانفسنا سنعید الحق الذی یقبل به الجمیع.
النقطة الثانیة هی أن الفلسطینیین یقولون إن الحصار الذی دام 11 عاما على قطاع غزة غیر قانونی ، ومن واجب جمیع البلدان ، وخاصة بلد مثل مصر ، إزالته بحکم الجوار، إذ أن هناک حوالی ملیونی مواطن فلسطینی فی غزة تحت الحصار ولا أحد یسأل عنهم.
النقطة الثالثة هی أن سکان غزة یسألون ما هی المؤسسة أو القانون الذی سمح للنظام الإسرائیلی بحجز الناس فی قطاع غزة بواسطة الجدار أو الأسلاک الشائکة وقطع علاقتهم بالعالم الخارجی. خاصة وأن هذه الحواجز تمنع سکان القطاع من رؤیة أقاربهم فی المدن المجاورة.
إن منطق الفلسطینیین فی إطلاق "انتفاضة العودة" ، التی أصبحت الآن سبعة أسابیع منذ یدایتها ، إنسانی تمامًا ، وفی الوقت نفسه ، ذکی . على هذا الأساس ، على الرغم من أن الفلسطینیین مجهزین بأسلحة دفاعیة ، بما فی ذلک صواریخ قصیرة ومتوسطة المدى ، فإنهم لم یستخدموها خلال هذه الأسابیع ، بل وحتى انهم لم یستخدموها خلال الأیام الأربعة الماضیة التی تعرضوا خلالها لهجمات جویة عنیفة من الجانب الصهیونی.
هنا نرى بأن هناک حلان أمام النظام الإسرائیلی؛ إما أن یواصل قتل الفلسطینیین العزل و یضع نفسه تحت ضغوط أکبر، أو ان یظهر نوعاً من المرونة أمام التظاهرات الفلسطینیة.
و من مظاهر هذه المرونة أن یتم إزالة الجدار العازل منذ 11 عاماً یتمکن سکان القطاع من التواصل مع أقاربهم فی الجوار، أو إنهاء الإحتلال الفلسطینی للأراضی الفلسطینیة و بذلک تکون الإنتفاضة قد نجحت بالوصول إلى الأهداف الأولیة و بإمکانها الإستمرار للوصول للأهداف النهائیة.
منذ حوالی 11 سنة - بعد الحرب التی دامت 22 یوما - عندما بدأ حصار النظام الإسرائیلی لقطاع غزة ، کان یأمل فی نزع سلاح المقاومة فی غزة.و اعتقد قادة النظام الصهیونی أن حصار حماس وحکومته سیضعه تحت الضغط لقبول هدنة دائمة مع إسرائیل من أجل حل المشکلة والحفاظ على دولته. وخلال هذه السنوات ، کانت الحکومات الصهیونیة تنتظر الناس الذین کانوا فی حصارهم الطویل أن یجبروا جماعات المقاومة على قبول شروط العدو. لکن خلافاً لتوقعات النظام الإسرائیلی ، فإن حرکات الجهاد والحرکات النضالیة لم تتخلى عن المقاومة المسلحة للأعمال العسکریة للعدو ، کما لم یتم الضغط علیها من قبل شعب غزة المضطهد لقبول شروط النظام الإسرائیلی.
من ناحیة أخرى سعى سکان قطاع غزة و الذین یتجاوز تعدادهم الملیونی نسمة إلى مبادرة جدیدة و تشکیل (إنتفاضة العودة) فی سبیل الوصول لأهداف استراتیجیة أکبر و منها إزالة الحصار عن قطاع غزة. ومن ضمن أهداف إنتفاضة العودة هذه هو إحباط "صفقة القرن" الأمریکیة الصهیونیة العربیة فی نقل السفارة الأمریکیة من تل أبیب إلى القدس و جعل القدس الشریف عاصمة للنظام الصهیونی.
و هنا یمکن استنتاج نقطتین مهمتین، الأولى أن الشعب الفلسطینی لن یضع حکومته تحت الضغوط من أجل سد بعض النواقص لدیه، بل على العکس إنهم مستعدون للتضحیة بأرواحهم فی سبیل حقهم بالأرض. و الثانی أن إسرائیل تعلم بأن صواریخ المقاومة فی غزة قادرة على إحراقها و إبادتها تماماً من عسقلان إلى حیفا.
و هنا یقول المتحدث باسم القوات المسلحة الإسرائیلیة بأن إسرائیل فقدت السیطرة على الوضع و بأنها غیر مخططة لمواجهة عسکریة.