صراع متجدد بین إرهابیی "تحریر الشام" و"فاثبتوا"

  خلفیات صراعات التکفیریین بدأت المعارک بین الفصائل الارهابیه المتشدده عندما ارسل زعیم تنظیم "داعش" ابو بکر البغدادی أبو محمد الجولانی لیشکل امتدادا له فی سوریا، فکانت جبهه "النصره". لکن الجولانی أسس إمارة خاصه به بعیدًا عن سلطة البغدادی ما أشعل فتیل الحرب فی ریف دیر الزور عام 2013 بعدها استطاع الجولانی الذهاب الى الشمال السوری وتأسیس إمارته المستمره الى الآن "جبهه النصره". وفی حدیثه لموقع "العهد" الإخباری یصف حسام طالب الباحث المتخصص فی الشؤون الإسلامیة جبهة "النصرة" بأنها عبارة عن مجموعة من الفصائل المتشددة التی تتبع لمدارس ومناهج مختلفة فی العمل التکفیری "لذلک کان من السهل اللعب الاستخباراتی بها". ویضیف طالب بأنه داخل جبهه "النصرة"، توجد ذراع اماراتیة استخباراتیة وسعودیة مع وجود المظلة الترکیة بطبیعة الحال، مضیفًا إنه وبحکم الجغرافیا استمرت ترکیا بالحفاظ على وحدة الجماعات التکفیریة التی کانت مع أی خلاف بسیط تنشب حروب فیما بینها وکانت أنقرة تستطیع  فی أی وقت ایقاف هذه الحروب.  وبعد تدحرج کرة الانتصارات السوریه حاولت جبهة "النصرة" مع حلفائها أن تسوق نفسها کجهة معتدلة فقامت بالانشقاق عن القاعده والتخلی عن فرعها الرئیسی الموجود فی خراسان بقیادة الظواهری وغیرت اسمها لهیئة "تحریر الشام"، لکن فی المضمون، بقیت هی القاعدة التی انشقت عن "داعش" وبقی ولاؤها للفکر الارهابی القاعدی. لماذا یتجدد الصراع الیوم؟ یرى طالب أن ما یحصل فی الشمال السوری الیوم یتمثل فی سعی جبهه "النصره" مجددًا للتأکید على کونها "الجهه المعتدلة الوحیدة فی الشمال السوری"، والتی یمکن للغرب أن ینسق معها وهی تحاول مع ترکیا أن تلعب على حبال الاتفاقیات، بمعنى أنها ترید تنفیذها لکن هناک جهات تکفیریة متشددة تعیق هذه المساعی "لذلک سعى الشرعیون داخل جبهة "النصرة" الى اظهار خلاف بین الجبهة وبین الشرعیین المتشددین الذین ظهروا خلال هذه السنوات وهم یحرضون على القتل والارهاب والاعمال الاجرامیة". طالب شدد على أن ما حصل فی الفترة الأخیرة هو أن ترکیا وضعت بین مطرقة الاتفاق مع روسیا وسندان الجماعات المتشددة  فهی تشکل لهم مظلة حمایة فی الوقت الذی یشکلون لها فیه عامل احتلال للأراضی السوریة. فجبهة "النصرة" کانت منذ سنوات على خلاف مع أی فصیل تتواجد معه على أرض سوریة وکانت تحالفاتها مؤقته فتحالفها مع أی فصیل مبنی على قتال الفصیل الآخر وهذا ما حصل فی الغوطة الشرقیة والغربیة. الباحث المتخصص فی الشؤون الإسلامیة شدد على أن الاقتتال الیوم "لیس بین فصائل متعددة بل اقتتال داخل هیکلة "النصرة"، فحراس الدین وجیش التوحید وجیش المجاهدین وجیش السنة هی ألویة داخل کیان "النصرة" انشقت عنها وأسست ما یعرف بتجمع (فاثبتوا) الذی أخذ فتوى شرعیة من أبو الیقظان المصری الشرعی البارز بالجبهة بجواز قتال کل من یهادن لیتبعه عدد من الشرعیین والقادة وعلى رأسهم أبو مالک التلی الذی اتهم الجولانی بالمهادنة ومحاولة فتح معابر وطریق M4 الأمر الذی دعا  الجولانی إلى تلقف هذا الأمر الخطیر داخل کیانه والبدء باغتیال واعتقال کل من یخالفه ومن بین هؤلاء أبو مالک التلی بطبیعة الأحوال لینشب قتال کبیر بین "النصرة" و"اثبتوا" بریف إدلب ومحیط جسر الشغور". مصالح تتقاطع وتتنافر   طالب شدد على أن الصراع الدموی بین الإرهابیین فی " النصرة " و" اثبتوا "  یرضی أنقرة   فهو یخلط الأوراق ویؤجل المعرکة التی حضر لها الجیش السوری وحلفاؤه فی الوقت الذی سمح فیه  للسعودیین والإماراتیین  بالتدخل  من خلال أذرعهم داخل الشمال السوری لتسعیر القتال واستنزاف المقاتلین حتى لا ینقلهم الترکی إلى لیبیا أو بالحد الأدنى لا یکون العدد المرسل للیبیا کافیا لتحقیق نصر على الجیش اللیبی. ویختم الباحث المتخصص فی الشؤون الإسلامیة حدیثه لموقع العهد الإخباری بالتأکید على أن ترکیا لو أرادت وقف هذا القتال فإن بإمکانها فعل ذلک کما حصل سابقا فی الوقت الذی یحقق فیه  هذا القتال للجیش السوری وحلفائه  غایة استنزاف الإرهابیین ویجعل المعارک القادمة أقل کلفة . فیما وجدت الإمارات والسعودیة  بهذا القتال فرصة للعودة مجددا إلى سوریا بعد فشلهم خلال السنوات السابقة فی الشمال والشمال الشرقی .