ماذا وراء اعتراض الطائرة المدنیة الایرانیة فی الأجواء السوریة؟

شارل ابی نادر   لیست المرة الأولى التی یحدث فیها اعتراض قاذفات حربیة لقاذفات حربیة أخرى أو لطائرات نقل أو شحن أو رکاب مدنیة، ودائمًا کنا نرى مثل هذا الاعتراض، بین دول صدیقة مثلما یحدث ایضًا بین دول متخاصمة، وحتى أنه حدث ویحدث من قبل قاذفات دولة معینة لقاذفاتها أو لطائراتها المدنیة، وذلک فی الدول ذات المساحات الشاسعة، وغالبًا ما تکون أغلب هذه الحوادث نتیجة خطأ فی التقدیر أو فی التواصل أو فی الاتصال أو فی آلیة التعّرف الجویة وما شابه، وحیث أن أغلب تلک الحوادث کانت تمضی دون تداعیات أو أضرار، کانت ترد بعض الحوادث المؤسفة، والتی نتج عنها سقوط طائرات أو قاذفات مع خسائر بالأرواح.    اللافت فی اعتراض القاذفات الأمیرکیة بالأمس للطائرة "ماهان" الایرانیة المدنیة فوق منطقة التنف الحدودیة بین العراق وسوریا والاردن، والذی حصل بأقل خسائر ممکنة بسبب وعی وحکمة قائد الطائرة "ماهان"، أنه یحدث فی ظل أجواء جد متوترة بین ایران والولایات المتحدة الامیرکیة، وفوق منطقة حدودیة حساسة، یحتلها الأمیرکیون أساسًا، وبهدف رئیسی، لمنع التواصل أو لعرقلته، بین ایران والعراق وسوریا ولبنان.. فما هی أبعاد هذا الاعتراض؟ والى ماذا یهدف الامیرکیون من ورائه؟   أولًا، لا یمکن إبعاد عامل الخوف من قبل الأمیرکیین، والذی ادعوا أنه السبب وراء اقترابهم من الطائرة المدنیة والضغط علیها عبر مناورات جویة معروفة، لتوجیه خط مسارها أو لتعدیل مستوى ارتفاعها، وهذا الخوف بطبیعة الحال ناتج عن الأجواء الحالیة المحمومة بین الأمیرکیین وحلفائهم وبمقدمتهم الاسرائیلیین من جهة، وبین الایرانیین من جهة اخرى مع حلفائهم فی محور المقاومة، کما أن الاشتباک المفتوح بین الطرفین، وخاصة لناحیة الاعتداءات الجویة المتکررة على الجیش العربی السوری وحلفائه من قبل القاذفات والصورایخ الصهیوینة، وبرعایة ودعم ومساندة امیرکیة کاملة، یدفع الامیرکیین لأخذ الاحتیاطات "المهنیة" کما ادعوا، لحمایة قاعدتهم فی التنف وما تحویه من عناصر ومنشآت وآلیات امیرکیة، من أی جسم غریب طائر، یقترب من الأجواء المناسبة أو الملائمة لتنفیذ استهداف معین على تلک القاعدة، عبر قاذفة أو عبر طائرة مسیرة.   خوف الأمیرکیین أیضًا مفهوم الى حد ما، حیث أن الأمیرکیین یحتلون منطقة سوریة حساسة، وطالما کانت قاعدتهم فی التنف تؤثر وتساهم فی الاعتداءات البریة المتکررة، والتی کانت تنفذها داعش المنتشرة فی محیطها، وبرعایة حامیتها، على مراکز ودوریات الجیش العربی السوری وحلفائه فی البادیة القریبة، ولکن هذا الخوف عملیا، لا یجب أن یکون موجودًا لدى الامیرکیین، إذا اخذنا بعین الاعتبار أن لدیهم من القدرة التقنیة والفنیة الجویة والبریة، ما یکفی للتعرف على کل الاجسام الطائرة فی محیط قواعدهم وحتى بعیدا عنها، خاصة ان مسار الطائرة المدنیة " ماهان " التی اعترضوها بطریقة خطرة ومشبوهة ، کان مُراقَباً بالکامل من قبل راداراتهم فوق الاراضی العراقیة بالکامل، کما انها لیست المرة الاولى التی تأخذ الطائرات المدنیة الایرانیة أو العراقیة هذا المسار، فی طریقها نحو مطار دمشق او مطار بیروت.   من الناحیة الموضوعیة، من المحتمل جدا أن یکون هذا الاعتراض قد تم بطریقة مقصودة ومشبوهة، لدفع الطائرة المدنیة "ماهان" الى تغییر مسارها الجوی فجأة، بسبب الخوف وضغط وتوجیه القاذفات الحربیة، الأمر الذی کان مقدرًا أو مدروسًا من قبل الأمیرکیین بهدف إشراک منظومات الدفاع الجوی السوریة، والتی من المعروف أنها مستنفرة بشکل شبه کامل فی هذه الفترة، للأسباب المذکورة اعلاه، ودفعها واستدراجها لاستهداف الطائرة المدنیة، والتی هی بالنسبة لتلک المنظومات الدفاعیة الصاروخیة، عبارة عن جسم غریب طائر، لا یملکون البیانات المطلوبة عنه.   هذه المناورة الأمیرکیة المحتملة، أو العملیة الاحتیالیة المشبوهة، کانت لتکون بالنسبة للعالم مبدئیا، عبارة عن خطأ وقع به رماة وطواقم منظومات الدفاع الجوی السوری، وکانت أُسقِطَت طائرة مدنیة ایرانیة، تمامًا کما کانت - من الاحتمالات التی لا یمکن استبعادها - عملیة اسقاط طائرة الرکاب المدنیة الاوکرانیة فوق طهران بصورایخ دفاع جوی ایرانیة عن طریق الخطأ، لیلة تنفیذ استهداف ایران لقاعدة عین الاسد الامیریکة فی العراق ردًا على اغتیال الشهید القائد قاسم سلیمانی، وأیضًا بعد تنفیذ هجوم سیبرانی أمیرکی، عطل منظومة التعرف على الأهداف وحدث ما حدث.   من هنا، وبین أن تکون الحادثة عبارة عن اعتراض القاذفتین الأمیرکیتین للطائرة المدنیة الایرانیة "ماهان"، تحت عامل الخوف من تعرض قاعدة التنف الأمیرکیة لاستهداف صاروخی معین، أو أن تکون الحادثة عبارة عن عملیة امیرکیة مشبوهة للایقاع بالطائرة المدنیة ودفعها لتغییر مسارها، واستهدافها عن طریق الخطأ من قبل منظومات الدفاع الجوی السوریة، یبقى احتمال العملیة المشبوهة والمقصودة أکبر من احتمال الاعتراض بسبب الخوف، کون امکانیة التسبب بسقوط الطائرة المدنیة من خلال اعتراضها من قبل قاذفتین بطریقة عنیفة کما حدث، هی امکانیة مرتفعة جدا، وتحمل أیضًا تقریبًا نفس الأخطار المتأتّیة عن استدراج منظومة الدفاع الجوی السوریة لاسقاطها.




محتوى ذات صلة

روحانی: یجب وقف الاعتداءات الإسرائیلیة على الفور

أمیر قطر تمیم بن حمد آل ثانی یجری اتصالاً هاتفیّاً بالرئیس الإیرانی حسن روحانی، والمواقف بشأن ما یحدث فی فلسطین المحتلة.

|

نتنیاهو عبث بالصاعق وخسر المعرکة

الحدیث عن مشهد الصورایخ التی تدک تل ابیب وتحول لیلها نهارا مهم، لاسیما وان هذا المشهد غیّر فی معادلة الصراع وغیّر قواعد الاشتباک بین المقاومة الفلسطینیة والمحتل الاسرائیلی

|

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة فی إیران اللواء حسین سلامی یقول إن "الانفجار الکبیر فی مصنع محرکات المضادات الدفاعیة والصواریخ حاملة الأقمار الصناعیة مؤخرا فی "إسرائیل"، أثبت هشاشة النظام الأمنی الإسرائیلی".

|

السید خامنئی: الفلسطینیون أینما کانوا هم جسد واحد

المرشد الإیرانی یؤکد على أهمیة تضامن القطاعات الفلسطینیة وتلاحمها بوجه الاعتداءات الإسرائیلیة، ورئیس مجلس الشورى یدین الجرائم الإسرائیلیة، وعشرات الإیرانیین فی العاصمة طهران یتظاهرون تضامناً مع فلسطین ونصرةً للقدس وغزة.

|

ظریف لخفر السواحل الأمیرکی: حمایة سواحل من تریدون بالضبط؟

کتب وزیر الخارجیة الایرانی محمد جواد ظریف فی تغریدة حول مزاعم خفر السواحل الأمیرکی بشان اقتراب زوارق ایرانیة من سفن تابعة للبحریةة الامیرکیة فی مضیق هرمز : حمایة سواحل من تریدون بالضبط ؟

|