الکاظمی إلى أمریکا.. هل یقع "التفاوض العراقی" فی فخ "شراء الوقت" الذی یتبعه الأمریکیون للبقاء فی العراق؟

بعد حدیث طویل عن زیارة مصطفى الکاظمی للولایات المتحدة الامریکیة ، ذکر مکتب رئیس الوزراء العراقی ، أن الوفد العراقی سیتوجه إلى واشنطن فی 18 آب / أغسطس 2020. وبحسب مصادر إخباریة ، ووفقاً للمعلومات الصادرة عن وسائل الاعلام فإن الکاظمی سیلتقی مع الرئیس الأمریکی دونالد ترامب خلال هذه الزیارة ، وسیتم بحث قضایا فی مختلف المجالات بین الوفدین السیاسیین للبلدین ، وتأتی زیارة الکاظمی للولایات المتحدة الامریکیة فی وقت طغت فیه القضیة المهمة المتعلقة بالاتفاق على انسحاب القوات الأمریکیة من العراق على هذه الرحلة ،حیث عُقدت الجولة الأولى من المحادثات الاستراتیجیة بین واشنطن وبغداد فی 10 و 11 یونیو 2020 فی العراق ، ولکن لم یتمخض عن هذه الجولة من المحادثات أی نتائج عملیة. أظهر الکاظمی وجهاً براغماتیاً أو ما یسمى الوجه الرمادی خلال فترة ولایته القصیرة کرئیس للوزراء ، وعلى الرغم من الدور الذی لا یمکن إنکاره للتیارات السیاسیة المعادیة لأمریکا فی البرلمان فی وصوله إلى السلطة ، إلا أن مواقفه السیاسیة خلال هذه الفترة کانت بشکل ضربة على الحافر وضربة على المسمار ، لذلک ، وبالنظر الى الخلفیة ، وعشیة زیارة الوفد العراقی إلى الولایات المتحدة الامریکیة ، اتخذت الفصائل السیاسیة العراقیة والرأی العام مواقف بشأن هذه الزیارة الدبلوماسیة ، والتی یمکن اعتبارها ، نظرًا لحجم التطورات الأخیرة ، أحد المطالب الثلاثة الرئیسیة للمواطنین العراقیین من رئیس الوزراء. طرد القوات الأمریکیة من العراق فی ظل الوضع الحالی، یمکن اعتبار المطلب العام الأهم للمواطنین والأغلبیة الساحقة من الفصائل السیاسیة العراقیة ، هو تنفیذ قرار مجلس النواب العراقی بطرد القوات الأجنبیة ، وخاصة القوات الأمریکیة من البلاد ، حیث استهدفت القوات الإرهابیة الأمریکیة فی الثالث من کانون ثانی عام 2020 ، قادة المقاومة من خلال عمل إجرامی أدى الى استشهاد الشهید اللواء الحاج قاسم سلیمانی وأبو مهدی المهندس ، وبعد هذه الحادثة ، أصبحت المطالبة بطرد الأمریکیین کقوة مؤیدة للإرهاب مطلبًا عامًا ، وفی 5 ینایر سنة 2020 ، رأینا البرلمان العراقی یصدر قرارًا یطالب بطرد القوات الأجنبیة من البلاد. وفی الأشهر الأخیرة ، دعا المواطنون العراقیون مرارًا وتکرارًا إلى طرد القوات الأمریکیة من البلاد خلال الاحتجاجات فی الشوارع والمظاهرات المدنیة ، حتى أنهم وضعوا هذا الامر کشرط مسبق لرئیس الوزراء مصطفى الکاظمی ، کما یعد الان هذا المطلب کواحد من أهم مطالب المواطنین العراقیین من مصطفى الکاظمی خلال زیارته للولایات المتحدة الامریکیة ، وتعتقد الغالبیة العظمى من الناس والتیارات السیاسیة أنه خلال المفاوضات مع ترامب ، یجب على رئیس الوزراء العراقی أن یطالب صراحة بانسحاب القوات الإرهابیة الأمریکیة من العراق ، ولا شک أن هذه المسألة یجب أن تکون من المحاور المرکزیة لمفاوضات الکاظمی فی واشنطن ، وعدم الجدیة فی طرح هذا الطلب من قبل الوفد العراقی یمکن أن یقوض هیبته وشرعیته لدى الشعب والأحزاب السیاسیة العراقیة. استمرار تعلیق الإعفاءات من العقوبات المفروضة على العراق فیما یتعلق بإیران ومن المطالب الأخرى للمواطنین العراقیین من رئیس الوزراء والوفد المرافق له خلال زیارتهم للولایات المتحدة الامریکیة التفاوض بشأن تمدید استثناءات العقوبات الأمریکیة على العراق فی العلاقات مع إیران ، وعلى مستوى أعلى ، بالطبع ، یرید الشعب العراقی من بغداد ألا تفکر فی أی من عقوبات واشنطن المالیة فی علاقاتها مع طهران ، ولکن على الأقل ، یجب الحفاظ على التعاون بین الجانبین فی مجال الطاقة والحفاظ على الصادرات ، حیث حددت کلاً من دولتی العراق وإیران هدفاً یتمثل فی تحقیق حجم تجارة قدره 20 ملیار دولار بنهایة هذا العام کأحد أهدافهما الرئیسیة ، لکن من أجل تحقیق هذا الهدف یجب التأکد من عدم خلق الولایات المتحدة الامریکیة لای عقبات أمام الحکومة المرکزیة فی العراق وحکومة إقلیم کردستان العراق ، وبشکل عام ، یتوقع المواطنون العراقیون الآن أن یأخذ الکاظمی تأکیدات وضمانات من البیت الأبیض بشأن تمدید الإعفاءات من العقوبات وعدم التدخل فی العلاقات التجاریة بین البلدین. عدم تآکل المفاوضات یمکن تقییم مطلب آخر للمواطنین العراقیین من رئیس الوزراء العراقی عشیة زیارته للولایات المتحدة الامریکیة فیما یتعلق بعدم إطالة أمد المفاوضات ، حیث ان أحد التکتیکات الأساسیة للولایات المتحدة الامریکیة للحفاظ على موقعها فی العراق هو اللجوء إلى اطالة امد وتآکل المفاوضات مع الجانب العراقی المفاوض ، کما ان المواطنین العراقیین یریدون الآن بوضوح أن لا یقع فریق التفاوض العراقی فی فخ أسلوب شراء الوقت الذی یتبعه الأمریکیون للبقاء فی العراق ، وأن یجعل أی اتفاق مشروطًا بفترة قصیرة من الزمن ، ومن الواضح أن هذا النهج یمکن أن یکون فعالاً للغایة فی إحباط السیاسات الأمریکیة لإبقاء قواتها فی العراق من خلال اللجوء إلى الأزمات المستمرة.