السید نصرالله وخطاب تبدید الأوهام

المتغیّرات التی تطرأ على الشرق الأوسط بشکل عام ولبنان بشکل خاص فی ظل تمخّض حکومة جدیدة تبحث عن نیل الثقة من الأحزاب والشعب على حد سواء، هذه المتغیرات وغیرها تجعل من الضروری والمهم جداً أن تکون المواقف على قدر أهمیة المرحلة السیاسیة والتاریخیة التی تمرّ بها البلاد، وبینما تنکفأ بعض الشخصیات السیاسیة عن الحضور وإظهار المواقف فی هذه المرحلة الحسّاسة نرى السید حسن نصرالله حاضراً بکامل ثقله وصدقه فی هذه المرحلة یخاطب الشعب اللبنانی بمنتهى الشفافیة ودون أیّ مغالاة فی المواقف، حیث اثبت نصرالله أنه رجل المواقف والمحن فی الدفاع عن لبنان عسکریاً وسیاسیاً، وما خطابه الأخیر بمناسبة العاشر من محرم إلا تأکید على نهج "حزب الله" الذی یضع لبنان ومستقبل لبنان على سلم أولویاته. فی الخطاب الأخیر تحدث السید نصرالله عن مجموعة نقاط أساسیة ومهمة، أبرزها الطرح الفرنسی بشأن عقد سیاسی جدید فی لبنان والانفتاح على هذا الطرح، کما أعلن تثبیت معادلة "قتل جندی من جیش الاحتلال کلما قتلت إسرائیل أحد عناصر الحزب". بالنسبة للنقطة الأولى قال السید نصرالله "سمعنا دعوة من الرئیس الفرنسی فی زیارته الأخیرة للبنان إلى عقد سیاسی جدید.. نحن منفتحون على أی نقاش هادف فی هذا المجال...لکن لدینا شرط أن یکون هذا النقاش وهذا الحوار اللبنانی بإرادة ورضى مختلف الفئات اللبنانیة". ولم یحدّد نصر الله ما نوع التغییرات التی ینوی الحزب أخذها بالاعتبار، لکنه أشار إلى أنه "سمعنا فی الأیام القلیلة الماضیة من مصادر رسمیة فرنسیة انتقادات حادة للنظام الطائفی فی لبنان" وأنه "لم یعد قادراً على حلّ مشکلات البلاد والاستجابة لحاجاتها". وأکد الأمین العام لحزب الله أن "حزب الله" سیکون "متعاونا "فی تشکیل حکومة "هدفها الإصلاح وإعادة الإعمار" فی وقت تعیق الخلافات السیاسیة حتى الآن الاتفاق على رئیس جدید للحکومة. واضح جداً أن السید حسن نصرالله یعطی الأولویة للإجماع اللبنانی لتشکیل أی حکومة، وهذا طبیعی على اعتبار أن السید نصرالله یرید الاستمرار لهذه الحکومة وعدم جرّ لبنان الى الفراغ. فإنّ وجود حکومة فی هذه المرحلة مهم جداً لضبط الساحة اللبنانیة واعادة الاعتبار للبنان والتنسیق مع الدول الکبرى والاقلیمیة لمساندة لبنان فی أزمته، ولکن الجمیع یرید ان تکون هذه الحکومة محط ثقة الشعب لکی تحظى بثقة المجتمع الدولی، وهذا یریده "حزب الله" أیضاً. النقطة الثانیة والتی جاءت فی خطاب السید حسن نصرالله مهمة جداً ودقیقة جداُ، اذ تحدث عن "تثبیت معادلة مع اسرائیل" وقال إنه قرر "تثبیت معادلة مع إسرائیل تقوم على قتل المقاومة لأحد جنود الاحتلال إذا ما قتلت إسرائیل أحد مجاهدی حزب الله" مؤکدا أن هذا القرار قاطع وحاسم، وأن الرد مرتبط بمسألة المیدان والوقت. سیأخذ الاسرائیلیون کلام نصرالله بمنتهى الجدیة، لأنهم یعلمون مدى جدیته فی التعاطی مع هذه المسألة، وهم اختبروه فی حرب العام 2000 و2006 وکذلک العام 2015 والأزمة السوریة، وتأکدوا أن "نصرالله" لا یثنیه شیء عن الدفاع عن أرضه وشعبه ومقاتلیه، والمعادلة التی تحدث عنها السید نصرالله سترعب الصهاینة، حیث اعتبر الاسرائیلیون أن ما یجری فی لبنان من احداث داخلیة وفوضى سیاسیة ستتمکن من ثنی "حزب الله" عن الرد على اغتیال المقاوم علی محسن فی سوریا قبل أسابیع، لکن نصرالله عاد لیذکرهم بأن الرد لا یزال قائماً. الإعلام الاسرائیلی یحسب حساباً لکلام السید نصرالله ویعالجه بدقة متناهیة، وظهر هذا الکلام فی التقدیر الاستخباراتی الذی لخصته صحیفة هآرتس الاسرائیلیة الذی أوضح بعض جوانبه بشکل أکثر تحدیداً المعلق العسکری فی القناة 13 ألون بن دیفید الذی کشف أیضاً أنه "فی إسرائیل مَن أخطأ فی التفکیر بأن أثر الانفجار (مرفأ بیروت) سیؤدی إلى لجم حزب الله، بل وربما سیهزّ کرسیّ نصر الله. عملیاً، حصل العکس. رأى «حزب الله» وسمع غضب المتظاهرین فی شوارع بیروت ولم یتأثر". یکشف هذا التقدیر بشکل دقیق عن مستوى حضور الوضع الداخلی اللبنانی لدى مؤسسات التقدیر والقرار فی تل أبیب، وأنه یشکّل عاملاً أساسیاً فی رهان العدو على تقیید هامش خیارات حزب الله على مستوى المبادرة والردّ على أیّ اعتداءات إسرائیلیة. وتؤکد هذه التقدیرات أیضاً، مرة أخرى، أن إسرائیل تراهن على أن یساهم تفاقم الوضع الاقتصادی والصّحی والانقسام السیاسی فی فرض قیود على حزب الله. إلا أن هناک من یتابع بصمت وسرّیّة تامة، توجه سماحته فی عدة رسائل منها مباشرة ومنها غیر مباشرة وکان أولها الاسرائیل، التی مازالت تعیش حالة ذعر وهلع جراء تلقین المقاومة دروساً فذة بحرب تموز،  فکان لها أثر کبیر فی نفوس العدو بالماضی والحاضر والمستقبل، بأن تثبیت قواعد الاشتباک مازالت قید التفعیل بالتوازی مع معادلة الردع التی تحولت إلى توازن، أی بمعنى هناک تحولات استراتیجیة فی منظومة الخارطة السیاسیة التی رسمها سماحته وعلى مستوى المنطقة کلها لیکون هناک مفاجآت بانورامیة سیاسیة جدیدة غیر الذی تعلمه إسرائیل. حالة الردع والتوازن أرستها المقاومة بجدارة لإسنادها بعدة نقاط عسکریة اشتغلت علیها المقاومة لیکون هناک نتائج فی الحرب المقبلة مع العدو الإسرائیلی. خطورة هذه الرؤیة أنها قد "تورّط" العدو فی مغامرات عسکریة، بالاستناد إلى رهانات وأوهام لتوسیع نطاق اعتداءاته باتجاه لبنان. لکن بات مؤکداً أنّ تصمیم حزب الله على الرد، وإعلان السید نصر الله الصریح عن ذلک، سیؤدی إلى تبدید مثل هذه الأوهام ویضع قادة العدو أمام خیارات وسیناریوهات مغایرة کلّیاً لما کانوا یأملون ویراهنون. من النقاط الأخرى المهمة التی تحدث عنها الأمین العام لحزب الله فی خطابه الأخیر، کانت حول المعرکة الاعلامیة، والتی قال عنها انها من "اخطر المعارک التی تواجهنا الیوم، وان من واجبنا مواجهته". ولفت الى ان ما حصل فی التاریخ من شائعات واکاذیب یحصل معنا بشکل لیس له شبیه، من الضخ الاعلامی الهائل على الفضائیات وعبر الجیوش الالکترونیة، بوجه المقاومة ومحور المقاومة. وأکد السید نصر الله الى ان اعتماد سیاسة الضخ الاعلامی وهجمة المقالات ووسائل التواصل کله له ادارة واحدة فی غرفة سوداء واحدة فنرى الخبر نفسه على قنوات مثل العربیة والحدث وسکای نیوز وبعض الصحف. ولفت الى ان من اسالیب المواجهة: – ان نطور امکانیاتنا وقدراتنا الاعلامیة وحضورنا الشعبی على مواقع التواصل بشکل هادف ومدروس – الحفاظ على مصداقیتنا والتزامنا الاخلاقی والدینی والسیاسی ما یحبط هذه الهجمات کلها – المقاطعة وعدم متابعة مقالات ومقابلات کلها کذب وتزویر ، فلماذا نتابع وسیلة اعلام قائمة على الکذب ؟ واذ کشف ان هناک معرکة اعلامیة جدیدة بوجهنا وعاد ضخ الاموال من جدید، دعا الى تحصین بیئتنا، وأکد ان موقفا واحدا من أم شهید ینهی أثر مئات الاف الدولارات التی تصرف على  قنواتهم ومواقع التواصل. السید نصر الله لفت الى انه عرضت علینا فی السابق اموال طائلة وسلطة وتطویر النظام السیاسی لمصلحتنا مقابل التخلی عن قضیتنا ولم نفعل ولن نفعل . واکد ان لا الترهیب والقتل یمکن ان یخیفنا ولا الترغیب یسقطنا من موقع المسؤولیة ولا التثبیط یمکن ان یصل الى قلوبنا ولا الشائعات والحروب النفسیة یمکن ان تنال من ارادتنا وعزمنا على المضی فی هذا الطریق ولا التزویر یجعلنا نشک فی صحة مسارنا. واضاف: مهما سمعتم لا یهز شعرة من مجاهد على الاطلاق ونحن لدینا الآمال الکبیرة جداً.




محتوى ذات صلة

نتنیاهو عبث بالصاعق وخسر المعرکة

الحدیث عن مشهد الصورایخ التی تدک تل ابیب وتحول لیلها نهارا مهم، لاسیما وان هذا المشهد غیّر فی معادلة الصراع وغیّر قواعد الاشتباک بین المقاومة الفلسطینیة والمحتل الاسرائیلی

|

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة فی إیران اللواء حسین سلامی یقول إن "الانفجار الکبیر فی مصنع محرکات المضادات الدفاعیة والصواریخ حاملة الأقمار الصناعیة مؤخرا فی "إسرائیل"، أثبت هشاشة النظام الأمنی الإسرائیلی".

|

عون: المجتمع الدولی مدعو للتدخل لمنع 'إسرائیل' من مواصلة عدوانها

طالب الرئیس اللبنانی میشال عون االمجتمع الدولی إلى التدخّل لمنع 'إسرائیل' من مواصلة عدوانها.

|

اتصالات دولیة لوقف التصعید- الکابینت صادق على خطة هجوم جوی على غزة

صادق الکابینت إلاسرائیلی اللیلة على خطة هجوم جوی فی قطاع غزة، بدون عملیة بریة.

|

المَشّاط: ندعو إلى دعم المقاومة الفلسطینی لتحریر کل شبر من فلسطین

رئیس المجلس السیاسی الأعلى فی الیمن یشیر إلى أنه "ننظر بفخر واعتزاز لما یقوم به الأحرار المرابطون فی القدس من تصدٍّ للعدو الإسرائیلی".

|