سوریا تنفض عنها غبار الحرب.. حکومة سوریّة جدیدة أولویتها إعادة الإعمار

بعد مضی أکثر من 9 سنوات على بدایة الأزمة فی سوریا، یبدو أن مسیرة التطورات فی هذا البلد تسیر على طریق إعادة الإعمار والنهوض من جدید ، ومع الخروج من الأزمة الأولیة، سلکت دمشق طریق العودة إلى الحیاة الطبیعیة خلال السنوات القلیلة الماضیة، وفی المستقبل القریب من الممکن التنبؤ بالسیطرة على جمیع المناطق فی البلاد واعادتها الى حضن الوطن، وفی غضون ذلک ، یمکن تقییم تشکیل حکومة جدیدة من أهم التطورات الأخیرة ، والتی تُظهر تحرک حکومة الرئیس بشار الأسد على طریق الاستقرار ، حیث تشکلت الحکومة الجدیدة نتیجة الانتخابات النیابیة فی شهر تموز بأمر من الرئیس السوری بشار الأسد ، لکن السؤال الآن ما هی رسالة ومهام الحکومة الجدیدة؟ وبمعنى آخر ما هی أهم خطط الحکومة السوریة فی الأشهر المقبلة؟ تشکیلة الحکومة السوریة الجدیدة  أعضاء الحکومة السوریة الجدیدة، برئاسة حسین عرنوس، الذی عینه الرئیس السوری بشار الأسد لیشغل منصب رئیس مجلس الوزراء، مرتبطون أکادیمیاً بشکل أساس بمجال العمل مع الترکیز على التخصصات الاقتصادیة، ما یشیر إلى توافق هادف من الحکومة من أجل العمل على القضایا الاقتصادیة والمدنیة، وأعضاء مجلس الوزراء هم: السید ولید المعلم نائب رئیس مجلس الوزراء وزیر الخارجیة والمغتربین ، حاصل على درجة البکالوریوس فی الاقتصاد من جامعة القاهرة حیث التحق بوزارة الخارجیة عام 1964 ، وعمل کممثل دبلوماسی لسوریا فی تنزانیا والسعودیة وإسبانیا وبریطانیا، وعیّن سفیراً لسوریا فی الجمهوریة الرومانیة حتى العام 1980 ، وشغل منصب سفیر الجمهوریة العربیة السوریة لدى أمریکا فی الفترة ما بین عامی 1990 حتى 1999 ، ثم شغل منصب نائب وزیر الخارجیة فی أوائل عام 2000 ، ثم شغل منصب وزیر الخارجیة منذ عام 2006 حتى الان. الدکتور محمد عبد الستار السید وزیراً للأوقاف ، وهو حاصل على درجة البکالوریوس فی الاقتصاد والتجارة من جامعة دمشق ، ودرجة الماجستیر من جامعة الدراسات الإسلامیة ، ودکتوراه فی الجمعیات الفقهیة من جامعة الدراسات الإسلامیة. السید منصور فضل الله عزام وزیراً لشؤون رئاسة الجمهوریة ، وهو حاصل على درجة البکالوریوس فی الأدب الفرنسی المهندس حسین مخلوف وزیراً للإدارة المحلیة والبیئة ، وهو حاصل على درجة لیسانس فی الهندسة مدنیة السیدة الدکتورة سلام محمد سفاف وزیراً للتنمیة الإداریة ، وهی حاصلة على درجة الدکتوراه فی العلوم السیاسیة من فرنسا ودرجة الماجستیر فی الإدارة العامة من المعهد الوطنی للإدارة العامة. الدکتورة سلوى عبدالله وزیرة الشؤون الاجتماعیة والعمل ، تخرجت من کلیة الطب وحاصلة على الدکتوراه فی أمراض النساء والتولید. السید الدکتور محمد سامر الخلیل وزیراً للاقتصاد والتجارة الخارجیة. السید عماد عبد الله سارة، وزیراً للإعلام، وهو حاصل على بکالوریوس فی الإعلام، وهو عضو فی اتحاد الصحفیین السوریین منذ عام 1992 ومحاضر فی کلیة الإعلام بجامعة دمشق. السید اللواء محمد خالد الرحمون وزیرا للداخلیة. السید المهندس محمد رامی مارتینی وزیرا للسیاحة، وهو حاصل على بکالوریوس فی الهندسة المدنیة. السید الدکتور بسام بشیر إبراهیم وزیراً للتعلیم العالی والبحث العلمی، وهو حاصل على درجة الدکتوراه فی الهندسة المدنیة من جامعة موسکو الحکومیة. السید المهندس سهیل محمد عبد اللطیف وزیراً للأشغال العامة والإسکان، وهو حاصل على درجة بکالوریوس فی الهندسة مدنیة ودرجة الماجستیر فی الدراسات المتکاملة فی التخطیط الإقلیمی من جامعة دمشق. السید المهندس ایاد محمد الخطیب، وزیرا للاتصالات والتقانة، وهو حاصل على بکالوریوس فی هندسة الاتصالات من جامعة دمشق ودرجة الماجستیر فی إدارة التجارة الإلکترونیة. السید طلال البرازی وزیراً للتجارة الداخلیة وحمایة المستهلک، وهو حاصل على درجة البکالوریوس فی الاقتصاد. السیدة الدکتورة لبانا مشوح وزیرة للثقافة، وهی حاصلة على درجة الدکتوراه فی اللسانیات العامة من جامعة باریس. السید الدکتور دارم طباع، وزیرا للتربیة والتعلیم، وهو باحث وأستاذ بجامعة دائرة المعارف، ومتخصص فی الصحة العامة والعلوم الاستوائیة وشبه الاستوائیة من ألمانیا، وهو حاصل على درجة الدکتوراه من جامعتی لایبزیغ وجورج أوجست فی جی وتینجن بألمانیا. السید القاضی احمد عوض السید وزیرا للعدل ، وهو متخرج من کلیة الحقوق وقاضیا البحوث المالیة السید المهندس تمام محمد رعد وزیراً للموارد المائیة ، وهو حاصل على دکتوراه فی الهندسة المدنیة تخصص إدارة الموارد المائیة. السید الدکتور کنان یاغی وزیرا للمالیة ، وهو حاصل على درجة الدکتوراه فی الإدارة الاقتصادیة "الاستثمار والتمویل" من جامعة دمشق السید المهندس زهیر مصطفى خزیم وزیرا للنقل ، وهو حاصل على درجة بکالوریوس فی الهندسة المدنیة من روسیا السید المهندس بسام طعمة وزیرا للنفط والثروة المعدنیة ، وهو حاصل على بکالوریوس فی هندسة البترول السید الدکتور حسن الغباش وزیراً للصحة ، وهو حاصل على الإجازة الطبیة فی تخصص طب الأنف والأذن والحنجرة وعضو الأکادیمیة الأمریکیة لطب الأنف والأذن والحنجرة السید زیاد صباغ وزیرا للصناعة ، وهو حاصل على شهادة جامعیة فی الکیمیاء التطبیقیة السید المهندس محمد حسان قطنا وزیرا للزراعة والاصلاح الزراعی ، وهو حاصل على درجة بکالوریوس فی الهندسة الزراعیة السید المهندس غسان الزامل وزیرا للکهرباء ، وهو حاصل على بکالوریوس فی الهندسة الکهربائیة من جامعة دمشق السید المهندس محمد فایز البرشة وزیرا للدولة ، وهو حاصل على بکالوریوس فی الهندسة الکیمیائیة من الاتحاد السوفیتی السید محمد سمیر حداد وزیرا للدولة ، وهو حاصل على شهادة فی إدارة الأعمال والاقتصاد من جامعة دمشق والسید المهندس ملول الحسین وزیرا للدولة ، وهو حاصل على إجازة فی هندسة النسیج ودرجة الماجستیر فی العلوم التقنیة من جامعة موسکو. وفی غضون ذلک ، یرأس الحکومة الجدیدة تکنوقراط یبدو أن هدفها الرئیس إعادة إعمار سوریا ، شغل عرنوس عدة مناصب وزاریة منذ عام 2013 ، کان آخرها وزارة الموارد المائیة ، وهو عضو فی القیادة المرکزیة لحزب البعث العربی الاشتراکی منذ عام 2013. والمهندس عرنوس من موالید إدلب عام 1953، تخرج من کلیة الهندسة المدنیة فی جامعة حلب عام 1978 وتسلم رئاسة فرع نقابة المهندسین بإدلب 1989-1994 ومدیر الشرکة العامة للطرق بین عامی 1992 و2002 ومعاون وزیر المواصلات من 2002 إلى 2004 ومدیر عام المؤسسة العامة للمواصلات الطرقیة منذ عام 2004 حتى 2009، وعین محافظاً لدیر الزور منذ عام 2009 حتى 2011 ومحافظاً للقنیطرة عام 2011 ووزیرا للأشغال العامة والإسکان منذ عام 2013 وحتى 2018 وعضواً فی القیادة المرکزیة لحزب البعث العربی الاشتراکی منذ عام 2013 ووزیراً للموارد المائیة منذ العام 2018. عودة الإرادة الدیمقراطیة إلى دمشق یمکن تقییم إحدى أهم رسائل تشکیل الحکومة الجدیدة للحکومة السوریة، فی عودة الإرادة الدیمقراطیة إلى البلاد بعد قرابة 9 سنوات من الصراع الداخلی ، فی الواقع ، وبعد تأجیلین بسبب تفشی فیروس کورونا ، أجریت الانتخابات النیابیة السوریة فی مناطق سیطرة الحکومة المرکزیة فی 19 تموز 2020 ، واللافت فی هذه الانتخابات أنه ، على عکس المزاعم الغربیة بأن هذه الانتخابات کانت الوسیلة الوحیدة لانتخاب أعضاء مقربین من بشار الأسد ، دخلت شرائح مختلفة من الشعب السوری إلى البرلمان المؤلف من 250 عضوا ، ومن جهة ، یشیر هذا الامر إلى عودة سوریا بقیادة بشار الأسد إلى الاستقرار السیاسی والهدوء النسبی ، ومن جهة أخرى ، الانتخابات الناجحة فی دمشق وما تلاها من تشکیل حکومة تتواجد فیها مجموعات دیمغرافیة مختلفة ، یتم إحیاء الإرادة الدیمقراطیة فی سوریا، وخلافًا لمعتقدات الإرهابیین وداعمیهم الأجانب، فإن حکومة بشار الأسد لن تسقط فحسب ، بل ستقوى أسس شرعیتها. أولویة الحکومة السوریة الجدیدة لمعالجة الوضع الاقتصادی ومواجهة فیروس کورونا فی السنوات التی انقضت منذ اندلاع الأزمة الأهلیة السوریة عام 2011 ، واجهت البلاد العدید من المشکلات الاقتصادیة، حیث تسببت آثار الأزمة الداخلیة فی خفض قیمة العملة الوطنیة السوریة بشکل غیر مسبوق، حیث إنه قبل الأزمة کان سعر الدولار الواحد یساوی 50 لیرة سوریة ، أما الآن فیبلغ هذا المعدل فی السوق المفتوحة نحو 2500 لیرة ، بالإضافة إلى آثار الأزمة الداخلیة ، کان للعقوبات التی فرضتها واشنطن فی إطار ما یسمى بمشروع "قیصر" أثر عمیق فی إضعاف الاقتصاد السوری. فی خضم هذا الوضع ، حیث أضعفت العقوبات والأزمة الداخلیة بشدة القاعدة الاقتصادیة لسوریا ، أصبحت أزمة کورونا عاملاً آخر فی عرقلة الحکم فی البلاد ، وبالتالی ، فإن مستوى المشکلات الحالی فی سوریا هو أن تشکیل الحکومة الجدیدة لا یمکن تقییمه فقط من خلال تغییر وجوه الأفراد واستبدالهم ، ولکن أیضًا یقع على عاتق الحکومة الجدیدة مهمة اجتماعیة واقتصادیة کبیرة للتعامل مع الأزمة الاقتصادیة وانتشار فیروس کورونا، والحقیقة أن الحکومة مسؤولة عن إعادة بناء بیروقراطیة الدولة على شکل إحیاء المؤسسات والمنظمات القدیمة وإنشاء بعض المؤسسات الجدیدة. إعادة إعمار مناطق مختلفة من البلاد فی شکل مشاریع تنمویة کبیرة یمکن اعتبار المسؤولیة الرئیسة الأخرى لمجلس الوزراء الجدید للحکومة السوریة إعادة إعمار أجزاء مختلفة من البلاد ، التی تعرضت لأضرار جسیمة نتیجة لأزمة 9 سنوات فی البلاد ، فعلى سبیل المثال ، قبل اندلاع الأزمة السوریة ، کانت حلب من أهم المراکز الاقتصادیة ، وبمعنى آخر ، شریان الاقتصاد السوری ، لکن فی السنوات الأخیرة ، ونتیجة الأعمال الإرهابیة ، أصبحت المدینة خرابًا حقیقیًا ، وبالإضافة إلى ذلک ، فقدت حلب رسمیًا أهمیتها الاقتصادیة من خلال تدمیر هیکلها التنموی العمرانی ، وفی مثل هذا الوضع ، وبناءً على خبرة وتشکیل الحکومة الجدیدة للحکومة السوریة ، یبدو أن دمشق جعلت إعادة إعمار مناطق الأزمة من أولویاتها، وفی هذه الاثناء یشار إلى أن حسین عرنوس ، کأهم وزیر فی الحکومة ویشغل منصب رئیس الوزراء ، هو خبیر فی الهندسة المدنیة والتخطیط العمرانی ، وهذا ما یوضح مدى ترکیز الحکومة على قضیة إعادة بناء المدن واعمار سوریا فی الوضع الجدید.