التطبیع" یلمّ شمل الفصائل الفلسطینیة.. و"الکیان الصهیونی" یداه أوکتا وفمه نفخ!

کما یقول المثل رُبّ ضارةٍ نافعة، الیوم وبعد أن انقشع غُبار اتفاق التطبیع الاستسلامی بین دویلة الإمارات والکیان الإسرائیلی، بدأت فوائد هذا الاتفاق تطفو على السطح، حیث شعر الفلسطینیون بالخذلان بعد اتفاق "التطبیع" الذی أبرمته دولة الإمارات مع الکیان الإسرائیلی، إذ رأوا فیه خیانة من المرجح أن تضعف موقفاً عربیاً طویل الأمد یدعو الکیان إلى الانسحاب من الأراضی الفلسطینیة المحتلة، بالإضافة لصفقة تمت بوساطة الرئیس الأمریکی دونالد ترامب. الیوم؛ وبعد فراق استمر سنین؛ أعادت الفصائل الفلسطینیة تجمیع صفوفها وعقدت اجتماعاً رُبّما لم یُعقد منذ عقود، وبالطبع یعود الفضل کلّه لخیانة الإمارات، لیُشکل هذا الاجتماع بوصلةً للعمل الفلسطینی المُشترک، حیث عقد الأُمناء العامون للفصائل الفلسطینیة وعبر تقنیّة "الفیدیو کونفرنس" اجتماعاً بین رام الله وبیروت. الخلاف الأکبر الذی وقع بین حرکتی فتح وحماس کبریات الفصائل الفلسطینیّة، والمُمتد منذ العام 2006، وجد الیوم ولو بحجمٍ ضئیل طریقه إلى الحل؛ حیث التقى محمود عباس الأمین العام لحرکة فتح بقادة حرکة الجهاد الإسلامی والمقاومة الإسلامیة حماس وبقیة الأمناء العامین لمختلف الفصائل الفلسطینیة وأکد عبّاس على جمیع الفصائل ضرورة الانضمام تحت لواء منظمة التحریر الفلسطینیة لتعزیز مکانتها کمنظمة جامعة لجمیع الفلسطینیین فی الأراضی المحتلة والشتات فی مواجهة التحدیات المتزایدة، حیث أتى الاجتماع تحت عنوان "شعب واحد ونظام سیاسی واحد" للتأکید على أنّ خلافات الفصائل الفلسطینیّة بدأت فی السیر نحو الوحدة الوطنیّة للوقوف بوجه عملیات التطبیع التی بدأتها الإمارات ولن تنتهی قبل تطبیع العلاقات مع معظم الدول العربیة کالبحرین والسعودیة وعُمان. الوحدة هی الحلّ کشعبٍ فلسطینی مُضطهد؛ وبعد اتفاق التطبیع الاستسلامی بات یتمتع بالحق فی استخدام أی وسیلة مقاومة لمواجهة الکیان الإسرائیلی، والیوم وبعد المُقاومة المُسلحة یبدو أنّ حشد الدعم على المستویین الدولی والإقلیمی لمواجهة مخططات الکیان واحدة من أنجع الطرق لفضح مُخططات الکیان. ومن أجل البدء بمقاومةٍ شعبیّة على أرض فلسطین التاریخیّة وحشد دعمٍ دولی؛ لا بدّ بدایةً من إنهاء الانقسام الفلسطینی مع ضرورة تعزیز المصالحة والشراکة الوطنیة فی أسرع وقت لتحقیق الأهداف الاستراتیجیة للفلسطینیین والمتمثلة فی إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطینیة. ویبدو أنّ مُخرجات هذا الاجتماع کما اتفق علیها المجتمعون تصبُّ فی هذا الإطار، خصوصاً مع التأکید على ضرورة وجود نظام سیاسی دیمقراطی واحد ووجود سلطة واحدة وقانون واحد، مع الحفاظ على التعددیة السیاسیّة التی تضمن انتقال السلطة بین الأحزاب والفصائل بشکلٍ سلس لا کما کان علیه الحال منذ العام 2006، مع تأکید المجتمعین على ضرورة وجود انتخابات حرة وشفافة تُجرى على أساس التمثیل النسبی والمعاییر الدولیة للدیمقراطیة، وهو الأمر الذی سیضمن وجود "مقاومة شرعیّة" للکیان الإسرائیلی تشمل کافة أطیاف المجتمع الفلسطینی، وخصوصاً فی الضفّة الغربیّة التی غُیّبت عن العمل المُقاوم من بدایة الخلاف الداخلی الفلسطینی. وعلى المقلب الآخر؛ یجد الکیان الیوم نفسه مُتورطاً باتفاق کان یظنّ أنّه سیفتح له أبواب التطبیع مع بقیّة الدول العربیة، غیر أنّه ومن حیث لا یدری قد جمع شمل الفصائل الفلسطینیّة التی کانت وحتى الأمس القریب فی حالة اقتتال داخلی، وبتنا الیوم نسمع مُحللی الکیان السیاسیین یُطالبون بإنهاء اتفاق التطبیع مع الإمارات وإبقاء التطبیع کما کان سابقاً، فالاتفاق بحالته هذه سیجلب للکیان متابع کان بغنى عنها، کما أنّ بقاءه بشکلٍ غیر مُعلن من شأنه تنفیذ سیاسیات الکیان دون الإضرار بمصالحه. وفی النهایة، ولضمان تنفیذ مُخرجات هذا الاجتماع؛ قرر المُجتمعون تشکیل لجنة من شخصیات وطنیة وازنة ومعترف بها وموثوقة لکتابة اقتراحات ورؤى وطنیة لإنهاء الانقسام وتحقیق المصالحة والشراکة تحت مظلة منظمة التحریر الفلسطینیة، وفی غضون خمسة أسابیع على الأکثر، وفی حال نهایة الانقسام الفلسطینی الداخلی، وتوحید الرؤیة المُقاومة، ستجد دویلة الإمارات وبقیّة الدّول التی تنوی التطبیع أنفسهم مُحاصرین خارجیاً بموقف عربی وإسلامی موحد ورافض للتطبیع، إذ إنّ أحداً من العرب أو المُسلمین لا یقبل بتطبیع بلاده مع الکیان الإسرائیلی، وأن أحد أهم أسباب التطبیع هو وجود الانقسام الفلسطینی الذی أدى لانطفاء شعلة المقاومة الفلسطینیّة، أما الکیان الإسرائیلی من المؤکد أنّه سیجد نفسه مُحاصراً داخلیاً بالمقاومة الفلسطینیّة وخارجیاً برأیٍ عام عربی، إسلامی ودولی یرفض التطبیع ویُطالب الکیان بالکف عن أعماله الاستفزازیة بحق الفلسطینیین من حیث ضم أراضی الضفة الغربیة والغور أو التوسع ببناء المُستوطنات.