تقدم محور المقاومة وتراجع ترامب فی العراق

أدت التطورات التی أعقبت عام 2011 ، والتی رافقتها الثورات الشعبیة فی بعض الدول العربیة ، إلى ظهور توجه جدید من المعادلات ، والتی أدت بدورها إلى إضعاف الحکومات المرکزیة وظهور الجماعات الإرهابیة نتیجة الفجوات الأمنیة والصراعات الداخلیة فی هذه البلدان ، وفی غضون ذلک ، کان العراق من أکثر البلدان التی عانت من هذه الاضطرابات. ومنذ بدایات عام 2014 ، سیطرت جماعة داعش الإرهابیة ، المدعومة من الدول الغربیة والعربیة ، وخاصة السعودیین والکیان الصهیونی ، على حوالی ثلث الأراضی العراقیة ، ونتیجة لذلک ، فی عام 2014 ، تم نشر قوات التحالف بقیادة الولایات المتحدة الامریکیة قوامها 5000 جندی فی قواعد عسکریة عراقیة مختلفة ، لکن هزیمة داعش وانتهاء خلافة أبو بکر البغدادی المزعومة خلقت أجواءً جدیدة فی البلاد للسیاسة والحکم. وفی ظل هذا المناخ الجدید ، طالبت الحکومة العراقیة والتیارات السیاسیة المختلفة بشدة بانسحاب القوات الأجنبیة ، وخاصة الأمریکیین ، من بلادهم ، لکن خلافًا لهذا الطلب ، طالبت واشنطن باستمرار تواجد قواتها فی مختلف القواعد العسکریة هناک ، وأدى ذلک إلى قیام القوات على جبهة المقاومة فی السنوات القلیلة الماضیة ، وخاصة فی الأشهر الأخیرة ، بعملیات مختلفة ضد قوات الاحتلال الأمریکیة ، وفی الوضع الحالی ، مع إصرار مسئولی البیت الأبیض على عصیان الإرادة العامة وقرار البرلمان العراقی ، لکن الأدلة تظهر أن البنتاغون یتخبط جراء سلسلة الهجمات الأخیرة التی نفذت على القوات الأمریکیة فی العراق ، حیث تشیر التقاریر إلى أنه تم تقلیص عدد القواعد العسکریة الأمریکیة فی العراق من 20 إلى أربع قواعد فقط. عودة الکابوس العراقی للجیش الأمریکی على مدى السنوات القلیلة الماضیة ، وخاصة أثناء وجود داعش فی العراق ، نظرًا لأولویة محاربة هذه المجموعة الإرهابیة ، تخلت الجماعات المسلحة العراقیة عن الکفاح المسلح مع الوجود المحتل للقوات الأمریکیة ، وکان ترکیز السیاسیین والرأی العام على تحریر المناطق التی احتلها تنظیم داعش الارهابی بشکل اساسی ، لکن فی الوضع الجدید ، خاصة بعد الضربة الأمریکیة التی نفذتها طائرة بدون طیار العام الماضی على قافلة قادة المقاومة ، فإن الرأی العام العراقی الداعی إلى الانسحاب الکامل للقوات الأمریکیة وإنهاء الوجود الأمریکی المزعج جعل العملیات المناهضة للولایات المتحدة الامریکیة مشروعة وأولویة لحفظ الاستقرار واستقلال العراق ، والحقیقة أن القوى الموجودة على جبهة المقاومة تقاتل الآن بلا هوادة ضد احتلال القوات الأجنبیة ، وخاصة الأمریکیین ، فإذا کانت السفارات والقواعد العسکریة فی الماضی تبدو ملاذاً آمناً للأمریکیین ، لکن الآن وبحسب قادة عسکریین أمیرکیین فی العراق ، لیس هناک مکان تجمع لم تستهدفه قوات المقاومة. وفی الواقع ، إذا کانت بعض التیارات السیاسیة فی الماضی تشکک فیما یتعلق بالقوة العسکریة الأمریکیة ومسألة مهاجمة الجیش الأمریکی ، فإن الجیش الأمریکی الآن یواجه مقاومة المقاتلین العراقیین وأصبح هذا الامر یشکل هاجساً ورعباً لهم ، هذا الى انب ان الأمریکیین أدرکوا ذلک جیداً واتخذوا فی الأشهر الماضیة خطوات للحد من عدد قواعدهم العسکریة ، لأنهم یعلمون جیدًا أنهم لم یعودوا آمنین فی أی مکان فی العراق ولا یمکنهم العمل کما کانوا من قبل. عندما تنتهی التوقعات عندما تم التوصل إلى اتفاق استراتیجی بین الولایات المتحدة الامریکیة والعراق فی عام 2009 لسحب القوات الامریکیة من العراق فی عام 2011 ، کان المواطنون العراقیون والفصائل السیاسیة سعداء بأن المحتلین سیغادرون البلاد فی غضون السنوات الثلاث المقبلة ، حتى انه فی ذلک الوقت ، کان الانتظار لمدة ثلاث سنوات مواتیاً للعراقیین واعتبر حدثاً إیجابیاً ، لکن الوضع الجدید فی العراق أدى إلى فرض اتجاه لم تعد التیارات السیاسیة المختلفة تقبل فیه بالانتظار حتى لمدة عام أو شهر واحد. وخلال زیارة مصطفى الکاظمی لواشنطن فی آب / أغسطس 2020 ، تم التوصل إلى اتفاق بین الوفد العراقی وترامب على انسحاب القوات الأمریکیة من العراق على مدى ثلاث سنوات ، لکن النقطة اللافتة کانت أنه على عکس عام 2009 ، لیس فقط ان هذا الاتفاق لم یلق أی ترحیب او قبول ، لکن معظم التیارات السیاسیة ، وخاصة قوى جبهة المقاومة ، أدانت بشدة مثل هذا الاتفاق واعتبرته غیر مقبول تماما. حقیقة الأمر أنه لا یوجد الآن أی تیار آخر ینوی انتظار تنفیذ قرار مجلس النواب العراقی الذی تم تمریره فی الخامس من کانون الثانی (ینایر) 2020 لاخراج القوات الأمریکیة من العراق ، ومن وجهة النظر العراقیة ، فإن قرار مجلس النواب لا یقبل بأی شروط مسبقة أو وقت لتنفیذه ، وفی غضون ذلک ، فان خروج المحتلین الأمریکیین فقط من العراق هو الذی تقبله التیارات فی جبهة المقاومة ، وبالتأکید إذا لم یغادر الأمریکیون ، فإن البلاد ستشهد وضعاً مثل الجحیم ومستنقع من الصراع العسکری کما حدث بعد عام 2003.




محتوى ذات صلة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة فی إیران اللواء حسین سلامی یقول إن "الانفجار الکبیر فی مصنع محرکات المضادات الدفاعیة والصواریخ حاملة الأقمار الصناعیة مؤخرا فی "إسرائیل"، أثبت هشاشة النظام الأمنی الإسرائیلی".

|

النجباء: نرصد بدقة تحرکات التحالف الصهیوامریکی

أشار الشیخ اکرم الکعبی الى محاولات واشنطن للتغطیة على جرائم الکیان المحتل للقدس، مؤکدا أن المقاومة ترصد بدقة تحرکات التحالف الصهیوامریکی.

|

المرجع السیستانی یدعو الدول الإسلامیة والمجتمع الدولی إلى عدم ترک الشعب الأفغانی "وحیدا"

دعا المرجع الدینی الأعلى بالعراق، السید علی السیستانی، الیوم الاثنین، الدول الإسلامیة والمجتمع الدولی إلى عدم ترک الشعب الأفغانی "وحیدا"، فیما ندد بالاعتداء على مدرسة "سید الشهداء" فی کابل.

|

العراق یدعو إلى اجتماع طارئ للبرلمان العربی بشأن أحداث القدس

دعا رئیس مجلس النواب العراقی، محمد الحلبوسی، الیوم الأحد، البرلمان العربی لعقد اجتماع طارئ بشأن أحداث القدس، للخروج بموقف مشترک وقرارات حاسمة إزاء "الاعتداءات الصهیونیة السافرة".

|

إقلیم کردستان ینفی تقریراً عن مشارکته فی اغتیال الشهید سلیمانی

المتحدث باسم مؤسسة مکافحة الإرهاب فی إقلیم کردستان العراق ینفی صحة الکلام الذی نشرته صحیفة "الدیلی میل" البریطانیة حول ضلوع المؤسسة فی اغتیال الشهید قاسم سلیمانی.

|