خطة الانتخابات العامة الفلسطینیة، هل ستنتهی الخلافات الداخلیة؟

عقب المساومات والتسویات التی قامت بها بعض الدول العربیة فی نفس الوقت الذی یواصل فیه الکیان الصهیونی عدوانه فی الأراضی الفلسطینیة ، أعلنت السلطة الفلسطینیة قرارها بإجراء انتخابات عامة. وفی هذا الصدد ، قال "جبریل الرجوب" ، أمین سر اللجنة التنفیذیة لحرکة فتح ، فی مقابلة مع التلفزیون الفلسطینی الرسمی: "لأول مرة فی التاریخ فان قرارات السلطة الفلسطینیة تتخذ بشکل مستقل وبعید عن أی تأثیر أو ضغط إقلیمی ، فنحن نبحث عن مشارکة داخلیة فی الانتخابات ، حیث وافق الفلسطینیون على الشراکة من خلال صنادیق الاقتراع ، وبعد الانتخابات سیکون هناک هیکل لحکومة الائتلاف الوطنیة ، ونأمل أن یشارک کل الفلسطینیین فی النظام السیاسی. وأضاف: "فی البدایة ، ستجرى انتخابات المجلس التشریعی (البرلمان) ثم انتخابات رئاسة السلطة الفلسطینیة ، وبعد ذلک سیتم تشکیل المجلس الوطنی الفلسطینی على أساس الآلیات ، وقد اتفقنا الآن ولا یمکن لأحد أن یمنع إجراء الانتخابات وإحیاء النظام السیاسی ومشارکة جمیع الفئات. الانتخابات فی فلسطین فی فلسطین ، بسبب العملیة السیاسیة غیر المکتملة ، لم تجر الانتخابات بانتظام حتى الآن. وبشکل عام ، فإن أهم انتخابین فی فلسطین هما انتخابات المجلس التشریعی وانتخابات رئاسة السلطة الفلسطینیة. الانتخابات الأخیرة التی جرت فی فلسطین کانت تسمى انتخابات المجلس التشریعی لعام 2006 ، حیث کان الفلسطینیون المقیمون فی قطاع غزة والضفة الغربیة والقدس الشرقیة مؤهلین لخوض الانتخابات الفرعیة لتعیین نواب الدورة الثانیة للمجلس التشریعی الفلسطینی. وبموجب القانون الذی صدر فی شهر یونیو عام 2005 ، زاد عدد أعضاء البرلمان من 88 إلى 132 عضواً ، على أن یتم تحدید نصف المقاعد على أساس النسبة التراکمیة لأصوات کل حزب والنصف الآخر من قبل الفائزین فی کل دائرة انتخابیة. وفی انتخابات عام 2006 فازت حماس التی خاضت الانتخابات لأول مرة بکرسی الحزب الحاکم بنسبة 44.45 ٪ رأی على قائمتها الانتخابیة و 41.73 ٪ من مرشحی الدائرة الانتخابیة ، وحازت حرکة فتح على نسبة 41.43 ٪. من الاصوات وکانوا قد خسروا فی الدوائر الانتخابیة بنسبة 36.96٪ أی الأغلبیة السابقة ، استقال رئیس الوزراء الفلسطینی أحمد قریع فی الیوم التالی للانتخابات ، لکنه بقی فی المنصب حتى 19 فبرایر ، بناءً على طلب الرئیس أبو مازن ، إلى أن شکل إسماعیل هنیة حکومته. عقدت الجولة السابقة من الانتخابات البرلمانیة الفلسطینیة فی عام 1996 ، وتم تأجیل الجولات اللاحقة حتى انتخابات عام 2006 بسبب الاضطرابات بسبب الجولة الجدیدة من الاشتباکات مع الکیان الصهیونی ، ولکن منذ ذلک الحین أی ما یقارب ال 14 عاماً لم تجر انتخابات جدیدة فی فلسطین حتى الان. ومع ذلک لم تتشکل جلسات المجلس التشریعی الفلسطینی منذ عام 2007 حتى الان بسبب الخلافات بین فتح وحماس واعتقال بعض أعضاء المجلس من قبل الکیان الصهیونی. کما ان احد الانتخابات الأخیرة فی فلسطین ، والتی جرت قبل الانتخابات البرلمانیة لعام 2006 ، کانت الانتخابات الرئاسیة لعام 2005 ، وفی هذه الانتخابات ، حصل محمود عباس زعیم منظمة التحریر الفلسطینیة على 62.3٪ من الأصوات ، بینما حصل الدکتور مصطفى البرغوثی ، الطبیب والمرشح المستقل ، على 19.8٪ من الأصوات. وبعد هذه الانتخابات الفلسطینیة لم تجر أی انتخابات اخرى فی المنطقة ، وهذا فی حین ان المسؤولین الفلسطینیین قد أعلنوا منذ فترة طویلة عن جهودهم لإجراء انتخابات جدیدة. ما هی معوقات إجراء الانتخابات الفلسطینیة؟ على الرغم من أن جبریل الرجوب ، سکرتیر اللجنة التنفیذیة لحرکة فتح ، قد وعد بالفعل بإجراء انتخابات للسلطة الفلسطینیة والبرلمانیة ، إلا أن هذه لیست هی المرة الأولى فی السنوات الأخیرة التی وعد فیها مسؤولون فلسطینیون بإجراء انتخابات عامة ، ولم تجر هذه الانتخابات. فعلى سبیل المثال ، أعلن محمود عباس ، رئیس السلطة الفلسطینیة ، فی 26/9/2019 خلال خطاب أمام الجمعیة العامة للأمم المتحدة ، أنه سیجری قریبًا انتخابات فی الضفة الغربیة والقدس وقطاع غزة ، وتکرر هذا الوعد فی عام 2018 ، الانتخابات التی کان من المفترض إجراؤها لمدة 6 أشهر ، لکن لم یتم إجراء أی من هذه الانتخابات ، والان السؤال الجوهری الذی یطرح نفسه الجوهری ما سبب تأجیل الانتخابات فی فلسطین لأکثر من 14 عاما؟ عرقلة وتعویق الصهاینة: لطالما کان المحتل الصهیونی إحدى العقبات الرئیسة أمام إجراء الانتخابات فی الضفة الغربیة والأراضی الفلسطینیة الأخرى، حیث ان کل الأدلة تشیر إلى أن القوات الصهیونیة ، وخاصة فی القدس المحتلة ، أعاقت فی کثیر من الحالات سیر الانتخابات ، وزادت هذه العرقلة من تعقید وصعوبة العمل. الخلافات الداخلیة: لطالما کانت الخلافات الداخلیة من أهم معوقات إجراء الانتخابات فی فلسطین ، وعلى سبیل المثال ، أجریت الانتخابات فی عام 2016 ، لکنها أُلغیت بعد أیام قلیلة ، وفی ذلک العام ، قضت المحکمة العلیا فی رام الله بإغلاق قضیة الانتخابات فی قطاع غزة بسبب عدم الامتثال للشروط القانونیة ، واستمر التصویت فی الضفة الغربیة فقط ، وبناءً علیه ، من المتوقع إجراء الانتخابات بشکل سلمی فی کل من الضفة الغربیة وقطاع غزة إذا تم تنفیذ التحالفات بین الفصائل الفلسطینیة وحل الخلافات العالقة فیما بینها. الغموض فی قوانین الانتخابات: ان العائق الآخر أمام إجراء الانتخابات فی فلسطین هو الغموض فی قواعد وإجراءات إجراء الانتخابات ، حیث تم تعدیل قانون الانتخابات الفلسطینی عدة مرات حتى الآن ، وبما فی ذلک فی أحد تعدیلاته الأخیرة ، أصدر محمود عباس قرارًا فی عام 2007 بموجب القانون رقم 1 لسنة 2007 بشأن الانتخابات الرئاسیة والتشریع ، وبموجبه تم إلغاء القانون رقم 9 لسنة 2005 ، وبموجب القانون الجدید ، یجب على کل من یرید الترشح لمنصب الرئاسة قبول جمیع العقود والاتفاقیات الخاصة بمنظمة التحریر الفلسطینیة وقبول هذه المنظمة بصفتها الممثل الکامل للشعب الفلسطینی ، ومع ذلک ، یعتقد العدید من السیاسیین الفلسطینیین أن حرکة حماس لن تقبل بذلک وأن القانون سیکون بمثابة حاجز قوی أمام إجراء الانتخابات فی قطاع غزة ، ما لم یتم تعدیل الأمر السابق لمحمود عباس والأنظمة السابقة مرة أخرى. الحرص على إجراء انتخابات جدیدة وتخفیض وتیرة الخلافات فی الوقت الحاضر ، یمکن لمحاولة إجراء انتخابات عامة فی فلسطین أن تکون علامة على إمکانیة الحد من الصراعات الداخلیة ومحاولة الاتحاد فی فلسطین ضد الاحتلال الصهیونی. فمنذ اشتداد العدوان والاحتلال الصهیونی وما تلاه من مساومة من الأنظمة العربیة الرجعیة ، بما فی ذلک البحرین والإمارات مقابل تل أبیب ، قررت الفصائل الفلسطینیة التحرک نحو الوحدة الداخلیة. حیث تؤکد الاجتماعات المشترکة الأخیرة بین حماس والفصائل الفلسطینیة الأخرى أن الفصائل الفلسطینیة تعمل على تحقیق الوحدة الداخلیة فی مواجهة الاحتلال. وثمة نقطة أخرى مهمة هی أن الفصائل الفلسطینیة تعقد اجتماعاتها المشترکة فی لبنان والآن فی ترکیا ، وهذا خلافا للظروف السابقة التی کانت مصر تستضیف فیها دائما هذه المجموعات ، لکن بعد إعلان مصر دعمها للتسویة بین البحرین والإمارات مع الکیان الصهیونی ، یبدو أن الفلسطینیین یفضلون متابعة اجتماعاتهم المشترکة فی دول أقرب لها مثل لبنان وترکیا.