عیسى قاسم: کلما کان التوافق بین الشعب والنظام أعمق، کانت أرضیة الحکم أوثق

رأى عالم الدین البحرینی آیة الله الشیخ عیسى قاسم أن القاعدة الصلبة لأی نظام حکم هی الشعب، وکلما کان التوافق بینهما أکبر وأعمق وأشمل وأصدق کانت أرضیة الحکم أکثر متانة وصلابة والطریق إلى نجاح النظام فی سیاسته مفتوحًا أکثر، واطمئنانه على أمنه وتمکنه أشد.

أن ذلک جاء فی بیان للشیخ قاسم أکد فیه أنه إذا فقد النظام قاعدته الشعبیة التی تحتضنه وتحمیه وتتجاوب مع سیاسته، وتثق فی أهدافه ومشاریعه وخططه، وحلَ محل ذلک التحسس الدائم مما یتبناه ویدعو إلیه وتتجه إلیه سیاسته فالنتیجة الوحیدة لذلک هو اهتزاز وضع البلد وضعف الإنتاج والتخلف وخوف الشعب من الحکومة، والحکومة من الشعب، وارتماء النظام فی أحضان الخارج، وبذل أکبر الأثمان من استقلال الوطن وعزة الشعب والدین وکرامة الإنسان طلبًا للأمن من الشعب. وما لجوء بعض الحکومات العربیة إلى التطبیع مع العدو الإسرائیلی، والتحالف بینها وبین أمریکا وإسرائیل، إلا بسبب انفصالها عن شعوبها. وهذا نص البیان کاملًا: آیة الله قاسم : مشکلةٌ أساس بسم الله الرحمن الرحیم مشکلةٌ أساس أی نظام حکم إمَا أن یقوم على قاعدة صلبة، وأرضیة ثابتة من علاقة إیجابیة قویة، وتواصل جمعی أصیل مع شعبه أو أمته یجعله محتضناً منها. قلبه ولسانه ویده معهما وعینه فی حراستهما، وهما یحرسانه. وهذا له سببه الخاص ولا یأتی بلا سبب، أو من أی سبب. وسببه أن یجد الشعب والأمة فی هذا النظام الحارس لدینهما إذا کان لهما دین، ولکل المصالح التی تهمهما فی الحیاة، وأن یریا أن فی أمنه أمنهما، وفی استقراره استقرارهما، وفی قوته قوتهما. وأن عزتهما بعزته، وغناهما مرتبط بغناه، وأن نصر الطرفین واحد، وهزیمتهما واحدة. کلما کان التوافق بین طرف الأمة أو الشعب وطرف النظام أکبر وأعمق وأشمل وأصدق فی الفکر والشعور والعواطف والرؤى والمصالح والأهداف کلما کانت الأرضیة التی یقوم علیها الحکم أکثر متانة وصلابة، والطریق إلى نجاح النظام فی سیاسته مفتوحاً أکثر، واطمئنانه على أمنه وتمکنه أشد. ولما کانت أهدافه وأهداف الشعب واحدة، کان النجاح فی الأهداف نجاحاً للجمیع، والمصالح المتحققة کذلک، والقوة الناتجة، والخیر الحاصل مشترکاً ودافعاً لتعاون أکثر. وبهذا یتحصن الوضع الداخلی للشعب والنظام، ویرتفع شأن الدولة فی الخارج، وینغلق باب الابتزاز والاستغلال من القوى الخارجیة الطامعة فی استغلال التفکک الداخلی. کما ینسد باب الحاجة عند النظام للاستقواء بالخارج. أما إذا فقد النظام قاعدته الشعبیة التی تحتضنه وتحمیه وتتجاوب مع سیاسته، وتثق فی أهدافه ومشاریعه وخططه، وحلَ محل ذلک التحسس الدائم مما یتبناه ویدعو إلیه وتتجه إلیه سیاسته فالنتیجة الوحیدة لذلک هو اهتزاز وضع البلد وضعف الإنتاج والتخلف وخوف الشعب من الحکومة، والحکومة من الشعب، وارتماء النظام فی أحضان الخارج، وبذل أکبر الأثمان من استقلال الوطن وعزة الشعب والدین وکرامة الإنسان طلباً للأمن من الشعب. وبذلک یتم ارتهان الحکومة وقرارها فیما یتصل بالسیاسة الداخلیة والخارجیة بید القوى الخارجیة التی صارت تعتمد علیها فی بقائها واحتمائها من الشعب. ویبدأ الانفصال بین الأمة والشعب من جهة، والنظام الحاکم من جهة أخرى من فرض النظام نفسه على أی منهما خلافاً لإرادته ورغماً على أنفه، وهو انفصال لا یجعل لسیاسته اهتماماً بشؤون دینهما ومصالح حیاتهما، ویجعله قاسیاً على قضایا الدین والدنیا محارباً لهما، وینقض حتى على لقمة العیش والمأوى ویصادر حریات الناس ظلماً، ویجمع ثروة الوطن من جمیع وجوهها على حساب المحرومین للبذخ والترف والسرف، والاستقواء على المظلومین وشراء الذمم الخؤونة، ودفع الأثمان الباهظة للفساد ولطغاة الخارج الذین یتکفلون بحمایته ودعمه فی عدوانه على شعبه وأمته. والحکومات أول من یعرف ما ینتجه التباین الفکری والنفسی منها، والتجاوز لمقدسات الشعوب والمعاداة لمصالح المحکومین والتضییق علیهم فی أسباب الحیاة، والتسلط بالقوة والقهر، والفساد السیاسی والاقتصادی والاجتماعی والخلقی فیهم من فاصل ضخم لا یردم بینها وبین شعوبها. وهذا ما یجعلها فی خوف دائم على حکمها من الشعوب، وأشد من وحش کاسر فی تعاملها معها. وهذه الغربة ما بین أی شعب وحکومة، والسیاسة الظالمة الضاریة التی تأخذ بها الحکومة، والخوف الذی تحدثه سیاستها فی نفسها من الشعب على وجودها الحاکم، وما تطلبه من الاطمئنان والأمن على هذا الوجود یدفعها لسلوک لا ترى لها بُداً منه، معرِضةً عن التفکیر فی الأخذ بالصواب وبناء علاقة صحیحة عادلة مع الشعب تقوم على احترامه والتعاون معه على البر والتقوى مما یرضی الله، ویبنی الوطن البناء المتین والعلاقات الرصینة العادلة والحمیمة بین أبنائه، وهو الخیار الذی لا معدِل عنه عند عاقل. وحکومات المسلمین فی ظل التوتر الدائم فی العلاقة مع شعوبها بسبب الانفصال الفکری والعاطفی وعلى مستوى المصالح الحیاتیة بینهما والذی یثیر خوفها الدائم من الشعوب تلجأ إلى عدد من الأمور لتأمین وضعها الذی تشعر بتهدیده لظلمها: 1- تعتمد سیاسة التجهیل بالإسلام، ومحاربة الوعی الإسلامی عند شعوبها، وإضعاف ضمیرها وأخلاقیتها، وعموم ارتباطها بالإسلام، والعمل على إیجاد فاصل کبیر بین شعوبها وبین الإسلام على مستوى الفکر والعاطفة والهدف والسلوک، وإحداث حالة غربة متعاظمة بین هذه الشعوب والهویة الإسلامیة، وخلق نفسیة مستثقلة للإسلام مستوحشة من تکالیفه، وثقافة استسلامیة لظلم الأنظمة ونتاجها البعید عن الحالة الإسلامیة، وتقدیس قلبی لأولی الأمر وإنْ خانوا أمر الدین وأمانة الأمة، وارتکبوا ما ارتکبوا من الإضرار بالدین وأمته. 2- اعتماد لغة البطش والاستئصال لکل صوت حر ینادی بالعدل والحریة القویمة واحترام القیم. 3- إیجاد صف مفرغ من صوت الضمیر وتقوى الله من وُعاظ السلاطین یکون حسب طلب السلطة فی قلب معروف العقل والدین منکراً، ومنکر العقل والدین معروفاً، تبریراً لکل مواقفها ومبتغیاتها. وهؤلاء الوعاظ الأشرار یجیدون تصبیر الناس على الباطل ویَعِدون بالأجر علیه، ویزینونه فی نفوس الناس خدمةً للظالمین، ویحقرون الصبر على الحق وینفرون منه ویقبحونه ویجرمونه ویکادون لا یبقون لأحدٍ على حقٍ صبرا. عندهم اِصبِر عن الحق، واصبِر على الباطل تکُن من المتقین. 4- العمل على تفکیک المجتمع، وإیجاد العدید من التناقضات الاجتماعیة بین مکوناته، وإضعاف قواه حتى لا تبقى له قدرة على التخلص من ظلم السلطة الجائرة، وحتى تکون کل فرقة منه حرباً على أختها کلما أرادت السلطة المستغلة للجمیع. 5- الارتماء فی أحضان قوة طاغوتیة جبارة معادیة للإسلام والأمة طلباً لحمایتها من سخط الشعب الذی لا تثق فیه للإمعان فی ظلمه وابتزازه ومضادته، مرتهنة فی إرادتها لتلک القوة، خاضعة فی سیاستها لسیاستها، واضعة الوطن وأهله فی حالة استرقاق شامل من تلک القوة. أما حکم الحکومة من هذا النوع فهو بالوکالة عن عدو الخارج الذی یعیش أعمق العداوة للإسلام والأمة. وإذا سألت عن التطبیع بین بعض الحکومات العربیة والعدو الإسرائیلی، والتحالف بینها وبین أمریکا وإسرائیل، فلا یمکن أن یأتی عن علاقة التلاحم بین الحکومات والشعوب، ولا یمکن ترشحه إلا عن درجة وأخرى من درجات الانفصال. وما من حکومة إلا وتعرف کیف تعود لشعبها، وما من حکومة إلا وتعرف أین مصلحة الشعوب والأوطان، وکیف تنال ثقة شعبها.




محتوى ذات صلة

تحرک واسع فی الکونغرس للمطالبة بإطلاق سراح السجناء السیاسیین بالبحرین

یشهد الکونغرس الأمریکی تحرکا واسعا للمطالبة بإطلاق سراح السجناء السیاسیین فی البحرین، وإثارة القلق حیال السجناء الذین یعانون من أمراض مزمنة کقائد المعارضة البارز حسن مشیمع المحکوم بالمؤبد، هذا وسط دعوة الإدارة الأمریکیة الجدیدة لممارسة الضغوط الحقیقیة على البحرین للکف ...

|

البحرین .. مسیرات حاشدة فی یوم القدس العالمی

شهدت مناطق مختلفة فی البحرین منها العاصمة المنامة أمس الجمعة، مسیرات حاشدة بمناسبة یوم القدس العالمی، استجابة لدعوات قوى المعارضة البحرینیة للتضامن مع فلسطین ومدینة القدس التی تتعرض لهجمة صهیونیة شرسة.

|

ائتلاف شباب ثورة 14 فبرایر البحرینی: یوم القدس العالمیّ موعدٌ مرکزیّ لأحرار العالم مع فلسطین

اکد ائتلاف شباب ثورة 14 فبرایر فی البحرین، أن الموعد المقدسیّ فی یوم الجمعة الأخیر من الشهر الفضیل، وأفئدة العالم وأنظاره تتوحّد وتتوجّه إلى القدس المحتلّة، محمولة بالرجاء والدعاء بتحریر کلّ شبر من أرض فلسطین.

|

الشیخ قاسم: لإصلاح جذری فی البحرین وشعبنا مقاوم یعرف حقوقه

أکد آیة الله الشیخ عیسى أحمد قاسم انه “لا بد من إصلاح جذری صادق ومتین یضمن استمراره فی البحرین”، وتابع ان “شعب البحرین مقاوم یعرف حدود حقوقه ومستعد للحوار ولا یصحّ أن یُطالب بالتسوّل والاستجداء والاسترحام”.

|

البحرین والکیان الإسرائیلی یتفقان على الاعتراف المتبادل بالتطعیم

توصلت البحرین والکیان الإسرائیلی، الیوم الخمیس، إلى اتفاق بشأن الاعتراف المتبادل بالتطعیم والجواز الأخضر، وتعد هذه الاتفاقیة الأولى من نوعها بین الجانبین.

|