هل یتحول النزاع بین أرمینیا وأذربیجان إلى حرب إقلیمیة؟

رغم الجهود الدولیة التى تبذلها دول غربیة من أجل احتواء التصعید فى إقلیم ناجورنى قره باغ تجدد اندلاع الأعمال العدائیة بین القوات الأرمینیة والأذربیجانیة رغم التوصل إلى «هدنة إنسانیة» بین الدولتین فى موسکو الأسبوع الماضی حیث تحققت توقعات الخبراء بأن الهدنة ستکون هشة ومتعثرة. وبمثابة استراحة أرادها کلا الجانبین لالتقاط الأنفاس، بعد أسبوعین من معارک متواصلة، تکبد فیها الطرفان کثیراً من الخسائر فى الأرواح والمعدات.

کما کشف تجدد المواجهات فى جنوب القوقاز عدم فعالیة الأسالیب السیاسیة القدیمة، فلا نداءات روسیا ولا فرنسا ولا حتى مجلس الأمن الدولى تؤثر فى الوضع حتى الآن، لا سیما أن التغییرات التى طرأت على خریطة السیطرة فى ساحة المواجهات، لا تناسب لا باکو ولا یریفان.   حتى الان یبدو أن موسکو وحدها باستطاعتها أن تلعب دورا وسیطا مؤثرا فى أزمة جنوب القوقاز، وتدعو الأطراف إلى التفاوض مع انشغال واشنطن فى ملفات داخلیة وقضایا أکثر أهمیة، مع ظهور انحیاز فرنسى عبر عنه الرئیس الفرنسى ماکرون فى أکثر من تصریح، ما دفع أذربیجان إلى إعلان أن باریس «لیست طرفاً محایداً».     فالأذربیجانیین یقاتلون لاستعادة ناجورنو قره باغ، ولم یصلوا حتى إلى أراضى الإقلیم نفسه، کما ان أرمینیا خسرت خلال جولة المواجهات الأخیرة بعض المناطق، التى کانت قد سیطرت علیها خلال حروب التسعینیات، من دون الحصول على أى مکاسب سیاسیة تتعلق بإقلیم ناجورنو قره باغ.   فى المقابل، لم تتمکن أذربیجان من استعادة کامل أراضیها، ویوجد ملیون لاجئ آذری، هم ورقة ضغط داخلیة على باکو، ینتظرون العودة إلى أراضیهم، حیث جرى تهجیرهم منها فى حرب عام 1991.    وتقود روسیا والولایات المتحدة الأمریکیة وفرنسا مجموعة مینسک، تحت مظلة منظمة الأمن والتعاون فى أوروبا، التى ترعى المفاوضات بین أذربیجان وأرمینیا منذ أکثر من 28 عاماً. إلا أن باکو لم تتمکن من السیطرة على الأراضى بالقوة، کما لم تستطع یریفان أیضاً الحصول على الدعم القانونى من الغرب أو من موسکو، على الرغم من اللوبیات الأرمینیة الضاغطة فى واشنطن وعواصم أوروبیة وتجمد النزاع.     عدم إحراز تقدم فى المفاوضات حول وضع الإقلیم طوال السنوات الماضیة یناسب الجانب الأرمنى أکثر، لأنه فى هذه الحالة یحتفظ بالسیطرة على جمیع الأراضى الأذربیجانیة المحیطة بناجورنو قره باغ، التى احتلتها خلال حرب عام 1994، حیث سیستخدمها کورقة مساومة فى عملیة التفاوض، ولهذا تجد أذربیجان نفسها فى هذه الحالة هى الطرف المعنى بتغییر الوضع على خط المواجهة.     ورغم ان الاشتباکات الأخیرة أثارت المخاوف على أمن خطوط الأنابیب التى تنقل النفط والغاز من أذربیجان وبحر قزوین إلى أوروبا، لا سیما أن هذه المعارک هى الأسوأ منذ الحرب التى دارت بین عامى 1991 و1994 بین البلدین، وخلفت أکثر من 30 ألف قتیل من الجانبین، إلا أن استمرار المعارک العنیفة حول الإقلیم، المتنازع علیه حالیا، أثارت مخاوف من اندلاع حرب مفتوحة بین أذربیجان وأرمینیا، قد تتطور فى النهایة لصراع آخر بین روسیا وترکیا. فموسکو ترتبط بتحالف رباعى مع أرمینیا بینما تدعم أنقرة سکان أذربیجان من العرق الترکی، ما قد ینذر حال تصاعد الأزمة إلى حرب شاملة بینهما.   ولا تبدو فى الأفق أى مؤشرات على احتمال تراجع حدة القتال بعد دخول ترکیا على خط الازمة إلى جانب اذربیجان . حیث تصر ترکیا على أن الجهود التى تبذلها فرنسا والولایات المتحدة وروسیا لوقف العنف بین القوات الأذربیجانیة والأرمینیة مصیرها الفشل ما لم تکفل أیضا انسحاب قوات أرمینیا من الإقلیم.    وبالرغم من دعوات موسکو للبلدین بوقف إطلاق النار، فإنها تؤید وتدعم أرمینیا، کما تعد أرمینیا حلیفاً استراتیجیاً واقتصادیاً هاماً لموسکو، فروسیا تمتلک قاعدة عسکریة فى أرمینیا، وتملک نحو 40% من الاستثمارات الأجنبیة فیها.فى حین یظهر الموقف الأمریکى والغربى بأنه على الحیاد ویدعو لحل النزاع بین الدولتین.     وأسباب الحیاد فى الموقف الأمریکى والغربى هو المصالح الاقتصادیة والسیاسیة المشترکة مع أذربیجان وهى الدولة الغنیة بالطاقة والتى على خلاف مع غریمى الغرب التقلیدیین روسیا وإیران.     ورغم ان إیران تؤکد انها فى وضعیة حیاد فى الصراع الاذرى الارمنى مع استعدادها للوساطة لکن مراقبین یرون ان المواقف الإیرانیة أکثر قربا من المواقف الارمینیة فى مواجهة اذربیجان بسبب المصالح التى تجمع البلدین اضافة إلى توجس طهران من سیاسات اذربیجان وخاصة الدعم العسکرى الإسرائیلى لها.     یرى بعض المحللین إن استمرارالاشتباکات بین أرمینیا وأذربیجان بسبب الإقلیم یشیر بشکل واضح إلى خطورة الأزمات المبنیة على اختلافات إثنیة- حضاریة وإلى دور الدول الإقلیمیة والعالمیة الداعمة للفرقاء المتنازعین فى المیدان بشکل لا یستبعد حدوث مواجهة عسکریة إقلیمیة فى أى وقت قد تخرج فیه ظروف المواجهة المحلیة عن الخط المرسوم لها، عفویا أو بتخطیط أحد الأطراف. 




محتوى ذات صلة

ترکیا تعتزم إرسال مرتزقة سوریین إلى قطر .. ما هی مهمتهم؟

قال المرصد السوری المعارض إن الحکومة الترکیة تعتزم إرسال مقاتلین سوریین، وذلک بعد ان انتهت مهمتهم فی المعارک التی دارت فی کل من لیبیا وقره باغ.

|

ایران وروسیا تعقدان الجولة الثانیة من المباحثات حول قره باغ

عقد مساعد الخارجیة الایرانیة للشؤون السیاسیة المبعوث الخاص للرئیس الایرانی عباس عراقجی الیوم الخمیس الجولة الثانیة من المباحثات مع الجانب الروسی فی موسکو.

|

قائد القوة البریة للحرس الثوری یتفقد المناطق الحدودیة مع "قره باغ"

قام قائد القوة البریة لحرس الثورة الاسلامیة العمید محمد باکبور بزیادة تفقدیة للمناطق الحدودیة الواقعة شمال غرب البلاد المتاخمة لمناطق القتال الدائر حول قرة باغ.

|

الرئیس الإیرانی: لن نسمح للإرهابیین بالوجود قرب حدودنا

أوضح الرئیس الإیرانی حسن روحانی، الیوم الأربعاء، إنه شدد فی محادثاته مع المسؤولین الأرمینیین والأذربیجانیین على أمن إیران مؤکدا عدم إمکانیة حل أی مشکلة عبر الحرب وإراقة الدماء، قائلا، لن نسمح للإرهابیین بالوجود قرب حدودنا.

|

الرئیس السوری یتهم ترکیا باستخدام الإرهابیین فی معارک قره باغ

أکد الرئیس السوری بشار الأسد، إن ترکیا تستخدم الإرهابیین من سوریا ودول فی المعارک التی تشهدها منطقة قره باغ بین أذربیجان وأرمینیا.

|