إذا أمعنا النظر فی سلوک خصوم الشیعة کالوهابیة وأفراخها الشرعیین: القاعدة وداعش والنصرة وغیرها، والصهیونیة وعملائها، والبعثیة وعصاباتها، والأنظمة الطائفیة السیاسیة وحکامها، ومنهجیة الهیمنة الغربیة؛ سنرى أن دوافع العدوان تجاه الشیعة هو جزء من البنیة الایدیولوجیة لهؤلاء الخصوم.
موقع الصحوة الاسلامیة : الدکتور. علی المؤمن:
من حق خصوم الشیعة وأعدائهم أن یخططوا ویتآمروا ویضربوا فی العمق وفی الصمیم؛ فهذه هی سنن الله تعالى فی خلقه.. سنن التدافع والصراع والبقاء والاستبدال والبغی والعدوان. ولذلک ینبغی أن لانستکثر على الخصم عدوانه، و لانستنکر علیه استعماله لکل أنواع الأسلحة؛ المحللة منها والمحرمة؛ بل ینبغی أن نستغرب إذا تجنب الخصوم ثوابت البغی والعدوان والحرب.
والشیعی فی تکوینه العقائدی یجنح الى السلام والحوار؛ بل کان ولایزال فی موقع المدافع والذاب عن نفسه وعرضه ومذهبه وماله، ویعد نفسه (أم الولد) تجاه الواقع الإنسانی والإسلامی والوطنی؛ أی أنه یدافع عن واقع المسلمین برمته؛ دون أن یفرق بین سنی وشیعی، ویدافع عن وطنه؛ دون أن یمیز بین مسلم ومسیحی، أو بین قومیة وأخرى. ولذلک؛ لایرى الشیعی فی السنی خصماً، ولا فی المسیحی عدواً؛ ولا فی الیهودی محارباً؛ فالسنی أخوه فی الدین، والمسیحی والیهودی والصابئی والمجوسی والبوذی والهندوسی نظراؤه فی الوطن أو الإنسانیة.
کما أن الشیعی لم یختر خصومه؛ فهم الذین اختاروا أن یکونوا خصوماً، وأن تکون الحرب الشاملة وسیلتهم لتدمیر الشیعة، وهم الذین یحددون - غالبا- زمانها ومکانها. ولم یختر الشیعة أن تکون ساحتهم واحدة؛ بل هو مافرضه علیه خصومهم أیضاً. وإذا أمعنا النظر فی سلوک خصوم الشیعة التقلیدیین على مر التاریخ المعاصر؛ کالوهابیة وأفراخها الشرعیین: القاعدة وداعش والنصرة وغیرها، والصهیونیة وعملائها المحلیین والدولیین، والبعثیة وعصاباتها، والأنظمة الطائفیة السیاسیة وحکامها، ومنهجیة الهیمنة الأمریکیة والغربیة؛ سنرى أن دوافع العدوان تجاه الشیعة هو جزء من البنیة الایدیولوجیة لهؤلاء الخصوم، ولایجد الشیعی نفسه على مر الأزمان والأماکن؛ إلا فی حالة التدافع والصد ورد الفعل؛ حفاظا على حرماته وکیانیته.
ویتعرض الشیعة الیوم؛ أکثر من أی زمن آخر؛ لکل أنواع الحروب الاستئصالیة والمؤامرات المعقدة من هؤلاء الخصوم، وبجمیع الأسلحة: السیاسیة والمخابراتیة والعسکریة والثقافیة والإعلامیة والاقتصادیة والمعیشیة والاجتماعیة والنفسیة والحقوقیة؛ وهو تصعید طبیعی یهدف الى تدمیر ما حققه ویحققه الشیعة من إنجازات تاریخیة مهمة على کل المستویات، وفی المیادین المحلیة والإقلیمیة والدولیة؛ منذ حوالی أربعة عقود وحتى الآن؛ وهی الإنجازات التی أصابت خصومهم بهستیریا العدوان؛ بکل ألوانها وأعراضها؛ فالخصوم لایتحملون رؤیة الشیعی وهو یتنفس بحریة، ویحوز على انتصارات وانجازات کبیرة، وله حضوره الممیز إقلیمیاً ودولیاً على کل الصعد. ولذلک یریدون إعادة الشیعة الى عهود القهر الأموی والعباسی والعثمانی والبعثی.
ویتحدث المخططون الستراتیجیون السعودیون والخلیجیون والبعثیون والعثمانیون الجدد والأمریکیون والصهیونیون؛ عن نجاحهم فی عن نجاح المنظومة الوهابیة ـ الخلیجیة ـ الطائفیة فی تمزیق شیعة العراق وسوریا عبر المؤامرات المرکّزة، واحباط نهوض شیعة لبنان عبر تشجیع اسرائیل على ضربهم، وضرب شیعة الیمن، ومحاصرة شیعة البحرین. ویرون أن ایران هی العقبة الوحیدة التی إذا دمرناها ومزقناها؛ سنقضی على کل الحراک الشیعی فی المنطقة
أن ایران هی العقبة الوحیدة التی إذا دمرناها ومزقناها؛ سنقضی على کل الحراک الشیعی فی المنطقة
؛ ولذلک یتحدث بکل صراحة وعلانیة عن مخططاتهم ومؤامراتهم لضرب ایران فی الداخل.
إن من الخطأ الجسیم أن یبقى بعض الشیعة مستغرقاً فی الحدیث عن مظلومیته، ویبکی ویستجیر ویندب حظه لیل نهار. ومن الخطإ أن یکتفی بعض آخر بشجب المؤامرات والاعتداءات واستنکارها و لعن المعتدین وشتمهم، وغیر ذلک من ألوان الکلام عن خطورة المؤامرات التی تحاک ضده، وعن حجم الضربات والحروب التدمیریة التی یتعرض لها. کل ردود الفعل هذه تبقى فی دائرة رد الفعل الغریزی النظری غیر المنتج؛ ولذلک لا بد من أن یحوِّل الشیعة هذا اللون من الخطاب السلبی الى خطاب ایجابی مستقبلی فیه جرعات عالیة من الصحوة والنهوض والإستعداد.
فماذا أعدّ ویعد الشیعی - فی المقابل- للدفاع عن نفسه والمحافظة على وجوده وحیاته وعرضه وماله ومذهبه وکیانیاته الاجتماعیة الدینیة ومکتسباته التی حققها فی العراق وایران ولبنان والیمن وآذربیجان وافغانستان؟ وماذا لدى الشیعی من أسلحة صد وردع: ثقافیة واعلامیة واجتماعیة وسیاسیة وعسکریة واقتصادیة وحقوقیة لمواجهة خصومه وأسلحتهم الفتاکة التی یضربون فیها الشیعة فی البحرین وسوریا وباکستان والسعودیة وغیرها؟.
فهل سیواجه الشیعی مؤامرات الخصوم وحروبهم؛ باللعن والإستنکار والدعاء والحوقلة والاسترجاع فقط؛ أو بما یقوله تعالى: واعدوا لهم مااستطعتم من قوة ..
واعدوا لهم مااستطعتم من قوة ..
؛ وهی لا تعنی ـ وفقاً لمتطلبات العصرـ القوة العسکریة وقوة الردع المسلحة وحسب؛ بل کل أنواع القوة: العلمیة والإقتصادیة والمالیة والثقافیة والإعلامیة والمعلوماتیة والسیاسیة والإجتماعیة..