الیمن اختبار لنزاهة الدول الغربیة فی الدفاع عن حقوق الإنسان

إن دعم الولایات المتحدة الأمریکیة والدول الغربیة لنظام الریاض فی غزوه العسکری للیمن وقتل شعبه المظلوم بالأسلحة الغربیة ، أدى الى إدراک العدید من شعوب العالم أن مطالباتهم بحقوق الإنسان کذبة کبیرة. وتحتج الدول الغربیة على إیران لإنتاجها أسلحة محلیة للدفاع عن أراضیها وشعبها ، لکنها فی المقابل تلتزم الصمت أمام المیزانیة العسکریة الضخمة للنظام السعودی التی تقدر بعشرات الملیارات من الدولارات ، ما یوفر لهذا لنظام أکثر الأسلحة فتکًا فی العالم. ووفق تقریر معهد ستوکهولم الدولی لبحوث السلام "CYPR" ، بلغت قیمة الإنفاق العسکری للسعودیة 61 ملیاراً و 900 ملیون دولار فی عام 2019 ، وهی بذلک تحتل المرکز الخامس فی العالم ، بعد الولایات المتحدة والصین والهند وروسیا. وهذا یعادل ثلاثة أعشار وعشرا بالمئة من إجمالی الإنفاق العسکری فی العالم ویعادل 8 بالمئة من إجمالی الناتج المحلی للمملکة العربیة السعودیة. ووفق التقریر ، فإن السعودیة تنفق الحصة الأکبر من ناتجها المحلی الإجمالی على الإنفاق العسکری مقارنة بالدول الأخرى فی العالم. کانت ذروة الناتج المحلی الإجمالی للسعودیة بالنسبة للإنفاق العسکری ، فی عام 2015 ، عام غزو الیمن ، حیث أنفقت البلاد 12٪ من ناتجها المحلی الإجمالی على الإنفاق العسکری. هذه النسبة مرتفعة للغایة ، فعلى سبیل المثال ، أنفقت الدول الخمس عشرة الأولى فی العالم ذات الإنفاق العسکری الأعلى أقل من 4٪ من ناتجها المحلی الإجمالی على الجیش فی عام 2018. فی حین زادت المملکة العربیة السعودیة بشکل کبیر من إنفاقها العسکری على مدى السنوات الخمس والعشرین الماضیة فی ثلاث فترات. فبین عامی 1996 الى 1998 ، زاد الإنفاق العسکری للبلاد بنسبة 58 فی المائة ، وبنسبة 76 فی المائة بین عامی 2003 و 2007 ، وبنسبة 63 فی المائة بین عامی 2011 و 2015. وأدى انخفاض أسعار النفط فی عام 2014 إلى انخفاض إیرادات المملکة العربیة السعودیة ، مما أدى إلى خفض إنفاقها العسکری بنسبة 28 فی المائة فی عام 2016. وزادت هذه التکلفة مرة أخرى بنسبة 11 فی المائة فی عام 2017 ، لکنها انخفضت مرة أخرى بنسبة ستة ونصف فی المائة فی عام 2018. وبلغ الإنفاق العسکری للسعودیة 67.6 ملیار دولار فی عام 2018 ، مما یجعلها ثالث أکبر إنفاق عسکری فی العالم. کما زادت واردات السعودیة من الأسلحة بنسبة 192٪ بین عامی 2009 و 2013 ، وکذلک بین 2014 و 2018 ، مما یجعلها أکبر مستورد للأسلحة من 2014 إلى 2018. وبین عامی 2015 و 2019 ، استحوذت المملکة العربیة السعودیة على 12 فی المائة من سوق استیراد الأسلحة فی العالم ، لتحتل المرتبة الأولى فی العالم. وخلال هذه السنوات ، کانت الولایات المتحدة وبریطانیا أکبر موردی الأسلحة للسعودیة. أکبر واردات أسلحة للمملکة العربیة السعودیة بین عامی 2013 و 2017 ، کانت من الولایات المتحدة بنسبة 61٪ ، وبریطانیا بنسبة 23٪ ، وفرنسا بنسبة 3 و 6 أعشار فی المائة ، وإسبانیا بنسبة 2 و 4 أعشار فی المائة ، وسویسرا بنسبة واحد وثمانیة أعشار فی المائة ، وألمانیا بنسبة واحد وثمانیة عشرة فی المائة ، وإیطالیا بنسبة واحد و خمسة أعشار بالمائة ، وکندا بنسبة 1 و 4 أعشار بالمائة ، وترکیا بنسبة واحد وثلاثة أعشار بالمائة والسوید بنسبة واحد وعشر بالمائة. یبدو أن بیع الأسلحة للسعودیة من قبل بعض الدول الأوروبیة مثل فنلندا والدنمارک وألمانیا وبلجیکا وإسبانیا توقف بشکل أساسی بعد اغتیال الصحفی السعودی جمال خاشقجی فی عام 2018 ، لکن بعض هذه الدول لم تلتزم تمامًا بهذا القرار وحاولت التحایل على القانون او إلغاؤه تدریجیًأ لتتمکن هذه الدول من بیع الأسلحة حتى أکثر من السابق. على سبیل المثال ، زادت مبیعات الأسلحة البلجیکیة إلى المملکة العربیة السعودیة من 153 ملیون یورو فی عام 2017 إلى 223 ملیون یورو فی عام 2018 ، مما جعل المملکة العربیة السعودیة أکبر عمیل للأسلحة. وکمثال آخر ، نشرت صحیفة El Diario الإسبانیة ومنظمة Greenpeace غیر الحکومیة فی دراسة مستقلة تقریرًا مفاده أن حرس الحدود السعودی یستخدم حالیًا قذائف الهاون الإسبانیة الصنع فی مناطق الحرب على الحدود مع الیمن. وعلى الرغم من بعض اللوائح الدفاعیة والعسکریة الإسبانیة التی تؤکد على حظر تصدیر الأسلحة التی یمکن أن تعطل السلام أو تعمل على تصعید التوترات ، أصدرت الحکومة الإسبانیة قذائف هاون بقیمة حوالی 30 ملیون یورو إلى المملکة العربیة السعودیة فی عام 2018 ، والتی استخدمها السعودیون ضد القوات الیمنیة. وبالإضافة إلى أوروبا ، أصدر الکونغرس الأمریکی قرارات بشأن التدخل الأمریکی غیر العسکری فی الیمن ومبیعات الأسلحة إلى المملکة العربیة السعودیة ، وکلها تم رفضها من قبل الرئیس ترامب. حظی التحالف العسکری العربی بقیادة الریاض ، بدعم أمریکی وبریطانی وفرنسی منذ الیوم الأول لغزو الیمن وقتل شعبه المظلوم والأعزل. على سبیل المثال ، تشیر الدلائل أن تورط فرنسا فی الحرب الیمنیة بات واضحا بعد أن ثبت مؤخرًا أنه بالإضافة إلى تزوید الشرکات الفرنسیة للسعودیة بالأسلحة منذ الیوم الأول لغزو الیمن ، بما فی ذلک المرکبات المدرعة والطائرات والسفن والصواریخ لإستخدامها ضد الیمنیین ، فإنها قامت أیضًا بتدریب وإعداد الوحدات العسکریة للجیش السعودی. یظهر تقریر صادر عن الموقع الإخباری الفرنسی میدیا ​​بارت ، أن السعودیة استغلت إلى حد کبیر تجربة فرنسا فی تدریب قواتها وکیفیة استخدام الأسلحة المختلفة ، بما فی ذلک مدافع "قیصر" المتقدمة ، فی غزوها للیمن. وبحسب التقریر ، فإن هناک بعض التنافس بین فرنسا والولایات المتحدة لتدریب الوحدات العسکریة السعودیة ، خاصة فی مجال مدافع الهاوتزر التی تشکل خطرا کبیرا على المواطنین الیمنیین. وفی وقت سابق ، نقلت صحیفة الیمن ومقرها صنعاء عن مصدر فرنسی قوله إن فرنسا متورطة فی غزو الیمن وتشارک فی العملیات العسکریة للتحالف السعودی فی الضفة الغربیة إلى جانب الأمریکیین والإسرائیلیین. إن أکبر الجرائم ضد الإنسانیة حدثت وتحدث فی الیمن بفضل دعم المدافعین الزائفین عن حقوق الإنسان. وبحسب منظمة هیومن رایتس ووتش ، أدى الصراع المسلح فی الیمن إلى أکبر أزمة إنسانیة فی العالم ، ومنذ عام 2015 ، إلى جانب خسائر الجیش ، قُتل وجُرح أکثر من 17500 مدنی یمنی ، ربعهم من النساء والأطفال. ویعانی أکثر من 20 ملیون شخص فی الیمن من انعدام الأمن الغذائی ، و 10 ملایین منهم معرضون لخطر المجاعة. کما أن عدد الهجمات المتعمدة على الأهداف المدنیة مرتفع للغایة ، حیث سجلت هیومن رایتس ووتش 90 منها ، بما فی ذلک الهجمات على قوارب الصید. نفذت المملکة العربیة السعودیة أکثر من 20100 ألف غارة جویة فی الیمن ، بمعدل 12 غارة یومیة. وقصف التحالف بقیادة الریاض المستشفیات والحافلات المدرسیة والأسواق والمساجد والمزارع والجسور والمصانع ومراکز الاحتجاز. وبحسب هیومن رایتس ووتش ، منع التحالف أیضا ناقلات الوقود اللازمة للمولدات من الوصول إلى المستشفیات وضخ المیاه إلى المنازل. وبحسب مکتب الأمم المتحدة لتنسیق الشؤون الإنسانیة ، یحتاج أکثر من 24 ملیون یمنی إلى مساعدات غذائیة. وبحسب المنظمات الدولیة ، فإن 14 ملیون یمنی لا یحصلون على رعایة طبیة مباشرة. کما أن 50٪ من المراکز الطبیة متوقفة والبقیة لا تستطیع تقدیم خدمات کاملة بسبب نقص الأدویة. بالإضافة إلى ذلک ، لا یحصل أکثر من 15 ملیون یمنی على المیاه ، مما أدى إلى انتشار العدید من الأمراض المعدیة. بالإضافة إلى قتل الشعب الیمنی وإبادته ، عرّضت الریاض مصیر الأجیال القادمة للخطر من خلال تدمیر البنیة التحتیة للبلاد. وحسب الإحصائیات الواردة فی الیوم الألفین لهجمات التحالف العربی على الیمن ، تم إستهداف 304 محطة کهرباء ومرکز إنتاج کهرباء ، 389 مستشفى ، 392 مصنعًا ، 565373 منزلًا مدنیا ، 391 محطة وقود ، 16 میناء ومرسى ، 1965 مبنى حکومیًا ، 365 موقعًا سیاحیًا و 1095 مدرسة ومرکز تعلیمی. کل هذه القضایا اللاإنسانیة هی اختبار لنزاهة ومصداقیة الدول الغربیة فی الدفاع عن حقوق الإنسان.