الذکرى الـ 33 لـ "انتفاضة الحجارة"... ما أُخذ بالقوة لا یسترد إلا بالقوة

یصادف یوم الأربعاء التاسع من دیسمبر الذکرى الـ 33 لـ “انتفاضة الحجارة“، وهی أطول انتفاضة شعبیة، فجرها الفلسطینیون ضد الاحتلال الإسرائیلی، رفضا لإجراءات الاحتلال، وتصاعد هجماته الدامیة، والتی کانت تنفذ وقتها بأیدی مستوطنین متطرفین. وتعد "الانتفاضة" التی اندلعت عام 1987 واستمرت حتى عام 1994، من أهم المراحل التی شهدتها القضیة الفلسطینیة فی العصر الحدیث. ونجحت الانتفاضة فی انتزاع اعتراف إسرائیل والدول الغربیة خاصة أمریکا، بالشعب الفلسطینی، وتأسیس حکم ذاتی فی الضفة الغربیة وقطاع غزة، تحت مسمى "السلطة الوطنیة الفلسطینیة". وکان تأسیس السلطة الوطنیة من مخرجات "اتفاق أوسلو للسلام" بین منظمة التحریر الفلسطینیة وإسرائیل لعام 1993، والذی ینص على انتهاء عملیة السلام عام 1999، بإقامة دولة فلسطینیة مستقلة على الأراضی المحتلة عام 1967 (الضفة وغزة)، وهو ما تنصلت منه إسرائیل. وتسبب رفض إسرائیل إنهاء احتلالها للأراضی الفلسطینیة وإقامة الدولة المستقلة، باندلاع الانتفاضة الثانیة (نهایة عام 2000 وحتى 2005). ورغم استخدام الفلسطینیین للتظاهرات والحجارة فی الاحتجاجات، إلا أن إسرائیل قابلت ذلک باستخدام العنف المفرط، وردت بإطلاق النار على المتظاهرین ما أدى إلى مقتل وجرح الآلاف. کما تبنت إسرائیل، سیاسة ما یعرف بـ"تکسیر العظام"، حیث عمد الجنود، تنفیذا لقرار وزیر الدفاع الإسرائیلی آنذاک، اسحاق رابین، إلى ضرب راشقی الحجارة، بالعصی، بهدف کسر أطرافهم. وبلغت حصیلة الضحایا الفلسطینیین الذین استشهدوا بفعل الاعتداءات الإسرائیلیة خلال انتفاضة الحجارة، بحسب بیانات رسمیة، 1162 فلسطینیاً، بینهم نحو 241 طفلا، فیما أصیب نحو 90 ألفا آخرین. مراحل تشکل الانتفاضة مرت الانتفاضة بعدة مراحل، حیث شهدت تشکیل مجموعات عسکریة مسلحة، تابعة للفصائل الفلسطینیة، خاضت العدید من الاشتباکات مع جیش الاحتلال، فیما شکلت خلایا تنظیمیة ساعدت فی إدارة الحیاة الیومیة للمواطنین، کبدیل عن إدارة الاحتلال، کما شکلت وقتها القیادة الوطنیة الموحدة، من کل الفصائل الفلسطینیة، للإشراف على الفعالیات الشعبیة المناهضة للاحتلال. واشتهر المشارکون فی فعالیات “انتفاضة الحجارة” بوضع غطاء على الوجه، لإخفاء هویتهم عن جنود الاحتلال، وذلک فی ظل حملات الاعتقال الکبیرة التی نفذتها قوات الاحتلال خلال تلک الفترة، حیث قام وقتها الاحتلال بفتح سجن من الخیام فی منطقة النقب، زج فیه عددا کبیرا من الأسرى فی ظروف قاسیة. ثم دأبت حرکات المقاومة فی فلسطین على استعمال وسائل قتالیة عدیدة فی مواجهة الجیش الإسرائیلی، بدءاً من الحجر وقنابل المولوتوف، وصولاً إلى الصواریخ والطائرات التی عملت على تطویر العدید منها محلیاً لمواجهة الحصار المفروض علیها. ورغم التطور العسکری الذی یمتاز به الجیش الإسرائیلی، ما زال عاجزاً عن إیجاد حلٍ لأسلحة المقاومة الفلسطینیة بشکل کامل، وقد فوجئ بکمیة ونوعیة الأسلحة التی استخدمتها المقاومة الفلسطینیة، حیث تواصل القوى الفلسطینیة تصنیع الأسلحة والمواد القتالیة وتطویرها، رغم التضییق والحصار الذی تعانی منه للتزود بالمواد الأساسیة والذخائر اللازمة لذلک، وتسعى  لتعویض النقص الکبیر الذی تعانی منه فی الإمکانیات التسلیحیة عبر ابتکار وسائل بدیلة تتمتّع بقدر من الفعالیة. وکانت الصواریخ وأبرزها صواریخ القسام والأقصى وM75 والقذائف والمدافع محلیة الصنع بالاضافة الى البنادق والمتفجرات والطائرات المسیرة من بین الأسلحة التی استخدمتها المقاومة الفلسطینیة فی حروبها مع إسرائیل. انتفاضة حتى التحریر رغم أنف الخونة یواجه الفلسطینیون، منذ عام تقریباً، تحدیات عدیدة، أبرزها "صفقة القرن" الأمریکیّة الهادفة إلى تصفیّة قضیتهم العادلة، والمنهج الصهیونیّ لضم نحو ثلث مساحة أراضی الضفة الغربیّة المحتلة إلى سلطة العدو، ومسألة إدخال بعض الدول العربیّة إلى حظیرة التطبیع، فی ظل استمرار الکیان الصهیونیّ باحتلال الأراضی العربیّة، وممارسة الإجرام بحق أبناء الأمّة، والعبث بمقدساتها التاریخیّة. الذکرى الثالثة والثلاثین لانتفاضة الحجارة، تأتی فی وقت تتسابق فیه الانظمة العربیة للتطبیع مع الکیان الصهیونی الغاصب، وتعود فیه السلطة الفلسطینیة لوهم المفاوضات، الامر الذی دعت فصائل المقاومة لتوقفه والاستناد لإرادة الشعب. وفی الوقت الذی یعتبر فیه الفلسطینیون، أنّ التطبیع مع العدو الصهیونیّ یُشکل "خیانة کبرى" لفلسطین وشعبها ومقدساتها، ویُمثّل طعنة فی ظهر الشعب الفلسطینیّ، وتآمراً على نضاله، وخیانةً لمقاومته، وتکریسا للاحتلال، یصرون على ضرورة المقاومة والنضال لمحاربة "خطیئة التطبیع" ومواجهة اتفاقیات العار بین بعض الدول العربیّة و العدو الغاصب. لکن الشعب الفلسطینی یؤکد ان لدیه إصرار أکثر من أی وقت مضى على مواصلة کفاحه الوطنی المشروع حتى إنهاء الاحتلال الإسرائیلی بکل أشکاله وتعبیراته، کما ان الدرس الذی لم تتعلمه إسرائیل هو أن “الشعب الفلسطینی، الذی یخوض نضالا متواصلا بلا هوادة منذ مئة عام، لن یرضخ أو یستسلم ولن یقبل بالتعایش مع الاحتلال والاستیطان والتهوید، وأن إرادته الوطنیة لن تنکسر بل تزداد صلابة، ولدیه إصرار أکبر على مواصلة مسیرة الحریة والکرامة والاستقلال. ومن غیر المُستبعد أن تنطلق شرارة انتفاضة فلسطینیّة جدیدة فی ظل التمادی الصهیونیّ المتزامن مع الضغوط العربیّة والأمریکیّة، وإنّ أکثر ما یحتاجه الفلسطینیون الیوم هو الوحدة ولا شیء غیرها، لمواجهة الخطر الداهم الذی یهدد مستقبلهم، وبالتأکّید فإنّ الشعب الفلسطینیّ یستطیع بوحدته أن یُفشل کل الخیانات والمؤامرات.




محتوى ذات صلة

3 دول تدعو لاجتماع طارىء لمجلس الأمن حول فلسطين

للمرة الثالثة خلال أيام.... مجلس الأمن الدولي يدعو إلى اجتماعٍ ثالث لبحث التطورات في فلسطين المحتلة.

|

الغارات الصهیونیة متواصلة على قطاع غزة فی أول أیام العید و100 الف یؤدون الصلاة فی الاقصى

تواصل الطائرات الصهیونیة قصفها المکثف والعنیف فی مناطق عدیدة من قطاع غزة فی أول ایام عید الفطر السعید، وفی القدس ادى نحو 100 الف صلاة عید الفطر فی المسجد الاقصى.

|

نتنیاهو عبث بالصاعق وخسر المعرکة

الحدیث عن مشهد الصورایخ التی تدک تل ابیب وتحول لیلها نهارا مهم، لاسیما وان هذا المشهد غیّر فی معادلة الصراع وغیّر قواعد الاشتباک بین المقاومة الفلسطینیة والمحتل الاسرائیلی

|

السید خامنئی: الفلسطینیون أینما کانوا هم جسد واحد

المرشد الإیرانی یؤکد على أهمیة تضامن القطاعات الفلسطینیة وتلاحمها بوجه الاعتداءات الإسرائیلیة، ورئیس مجلس الشورى یدین الجرائم الإسرائیلیة، وعشرات الإیرانیین فی العاصمة طهران یتظاهرون تضامناً مع فلسطین ونصرةً للقدس وغزة.

|

الحوثی: سیکون هناک حملة تبرعات لدعم الشعب الفلسطینی

فی سیاق التنسیق مع حرکات المقاومة فی فلسطین، زعیم حرکة "أنصار الله" عبد الملک الحوثی یؤکد أن الحرکة ستبقى فی حالة استعداد تجاه کل الاحتمالات والتطورات فی فلسطین.

|