استثمار إماراتی فی الصناعة والریاضة الإسرائیلیة
تشهد العلاقات الإماراتیة الاسرائیلیة تنامیًا على المستوى الاقتصادی والتجاری، وتضرب بذلک ابو ظبی مقررات الأمم المتحدة وجامعة الدول العربیة عرض الحائط وتقدم طعنة جدیدة فی قلب القضیة الفلسطینیة وشعبها.
وفی هذا السیاق، کتبت وزارة الخارجیة الإسرائیلیة عبر صفحتها الرسمیة على موقع تویتر (إسرائیل بالعربیة): "حدث تاریخی، الشیخ حمد بن خلیفة آل نهیان من العائلة الحاکمة فی الامارات اشترى نصف أسهم فریق کرة القدم الإسرائیلی بیتار أورشلیم القدس".
ونقلت الوزارة تصریحات عن الشیخ قال فیها: "یسعدنی أن أکون شریکًا فی هذا النادی من هذه المدینة عاصمة إسرائیل وواحدة من أقدس مدن العالم. نرى أمام أعیننا النتیجة الهائلة لثمار السلام"، وفق قوله.
وقال النادی فی بیان.. إن الشیخ حمد بن خلیفة آل نهیان وقع "اتفاقیة شراکة" مع مالک النادی موشی هوغیغ، واصفاً الصفقة بأنها "یوم تاریخی ومثیر". ونقلت قناة إسرائیلیة عن مقربین من آل نهیان إنه سیتم الإبقاء على "إیلی أوحنا" رئیساً للنادی، فیما سیتولى محمد نجل الشیخ الإماراتی منصب نائب الرئیس.
وقال هوغیغ فی البیان "نحن نقود النادی معاً، جمیعاً، إلى حقبة جدیدة من التعایش والإنجازات والإخوة لنادینا ومجتمعنا والریاضة الإسرائیلیة". وأضاف: "ستستخدم الأموال التی ستدخل خزینة النادی فی الاستثمار بالبنیة التحتیة والشباب وشراء لاعبین"، متابعاً "سنُشکّل مجلس إدارة جدید للمجموعة یضم أیضاً محمد، نجل الشیخ حمد بن خلیفة، الذی سیکون ممثلًا له فی کل ما یتعلق بالنادی".
ووفق البیان، فإن آل نهیان "اشترى نحو 50 بالمئة من بیتار مقابل استثمار قدره 300 ملیون شیکل (نحو 92 ملیون دولار) فی النادی على مدى عشرة أعوام"، مضیفاً إن محمد نجل الشیخ حمد بن خلیفة، سیکون عضواً فی مجلس الإدارة الجدید، و"سیمثل (والده) فی جمیع الأمور المتعلقة بالنادی".
وذلک فی تطوّر لافت لا سیّما أن هذا النادی الإسرائیلی معروف بعنصریة مشجعیه ومعادتهم للعرب والمسلمین. حیث یعد مشجعو "بیتار القدس" تاریخیّاً معادین للمسلمین والعرب، لا سیّما مجموعة المشجعین الیمینیین المتطرفة "لا فامیلیا" المعروفة بأغانیها ضد النبی محمد (ص).
و"بیتار القدس" هو الفریق الإسرائیلی الوحید الذی لم یضم فی صفوفه لاعباً عربیّاً، لکنه عمل على تغییر صورته فی السنوات الأخیرة، ونال فی 2017 جائزة بسبب جهوده لمکافحة العنصریة.
وکان مشجعو الفریق الإسرائیلی خطّوا، عبارات مسیئة للنبی محمد (ص) والعرب، فی رفضهم لبیع حصة من أسهمه للأسرة المالکة الإماراتیة، على السور الخارجی لملعب النادی فی مدینة القدس الفلسطینیة المحتلة، وفق موقع "sport1″، التابع لصحیفة "معاریف" العبریة.
ومن المواقف العنصریة الفجة لرابطة مشجعی الفریق، مطالبتهم إدارة النادی، فی حزیران 2019، بالعدول عن ضم اللاعب النیجیری، محمد علی، بسبب اسمه، أو تغییر الاسم، کشرط لقبول لعبه بالفریق.
واعتبر مغردون أن الأمر أکبر من کونه صفقة ریاضیة، وأکبر من اعتباره نتیجة للتطبیع بین الطرفین، إنما علاقة تصل حد التمویل الإماراتی لإسرائیل.
وکتب الکاتب والمحلل صالح النعامی: "هذا الفریق، الذی یردد مشجعوه شعار (الموت للعرب)، ویسب نبی الإسلام، کشعار للتشجیع، یتوشح شعاره الشیخ الإماراتی، وهو شعار حرکة (بیتار) الیمینیة التی تَعد الأردن جزءاً من إسرائیل".
وکتب رامی عبده، مؤسس ورئیس المرصد الأورمتوسطی، أن أکثر من 33 ملیون دولار، دفعت للنادی الإسرائیلی، الذی یعتبر رمزًا للسیادة الإسرائیلیة على القدس المحتلة، وجماهیره معروفة بدعوتها لقتل العرب ومهاجمة الرموز الإسلامیة. ویأتی هذا التطور الأول من نوعه على الصعید الریاضی بعد تطبیع العلاقات بین الإمارات وإسرائیل، منتصف آب الماضی.
الشراکة الاقتصادیة الإماراتیة مع الکیان الاسرائیلی
من جانب آخر، أفادت وسائل إعلام إسرائیلیة بأن وفدا من رجال أعمال من المستوطنات الإسرائیلیة زار دبی لعقد شراکات اقتصادیة، ویأتی ذلک فی إطار التطبیع المتسارع للعلاقات بین الإمارات وإسرائیل.
وفی أول زیارة من نوعها یتم الکشف عنها منذ إبرام اتفاق تطبیع العلاقات بین الإمارات وإسرائیل منتصف أیلول الماضی، سافر الوفد الإسرائیلی بقیادة رئیس مجلس شومرون الاستیطانی یوسی داغان على متن أول رحلة جویة تجاریة بین تل أبیب ودبی.
وقالت القناة 20 وصحیفة یدیعوت أحرونوت (Yedioth Ahronoth) الإسرائیلیتان إن الوفد سافر إلى دبی قبل أیام، وعقد سلسلة لقاءات اقتصادیة مع رجال أعمال إماراتیین.
ووفق القناة الإسرائیلیة، التقى وفد المستوطنات المؤلف من مدیری مصانع وشرکات ورجال أعمال من المناطق الصناعیة بالمجلس الاستیطانی، نحو 20 رجل أعمال إماراتی، وأصحاب شرکات متخصصة فی مجالات الزراعة والمبیدات والبلاستیک، ومدیری شرکات استثمار کبیرة. وناقش الطرفان التعاون الثنائی، وخاصة فی مجالات المحاصیل الزراعیة وتحلیة المیاه.
وفی تصریحات نقلتها صحیفة یدیعوت أحرونوت، قال رئیس وفد مجلس شومرون، الذی یضم 30 مستوطنة بشمال الضفة الغربیة، إن هناک فرصة لکلا الجانبین للاستفادة من التعاون الذی یمکن أن ینتج عن التطبیع. کما نقلت الصحیفة عن رجل الأعمال الإماراتی یوسف البیضون قوله متحدثا عن زیارة الوفد الإسرائیلی إن "هذه لحظة مثیرة لنا جمیعا، لم أکن لأصدق أنی سأشهد هذا الشیء فی حیاتی". وتابع موسى، وفق الصحیفة الإسرائیلیة "نحن نقول للعالم إننا رجال أعمال حقیقیون، نحن إخوة، نحن أصدقاء حقیقیون".
وتحدثت صحیفة جیروزالیم بوست (The Jerusalem Post) أواخر الشهر الماضی عن بدء ترویج خمور تنتجها مصانع فی مستوطنات الجولان السوری المحتل فی دبی، على أن تروج بعد ذلک بجمیع أنحاء الإمارات.
وقالت الصحیفة: إن دولة الإمارات قد وقّعت اتفاقا، تستورد بموجبه منتجات من مستوطنات إسرائیلیة، مقامة على أراض فلسطینیة محتلة. ونقلت الصحیفة عن مجلس المستوطنات الإسرائیلیة فی شمالی الضفة الغربیة، قوله إن "الشرکات المقامة بالمستوطنات التی تنتج النبیذ والطحینة وزیت الزیتون والعسل، وقّعت اتفاقا مع شرکة (فام) الإماراتیة لتصدیر منتجاتها إلى الإمارات".
وتحرّم قرارات جامعة الدول العربیة، التعامل مع بضائع المستوطنات، والتی تؤکد قرارات الشرعیة الدولیة على أنها "غیر شرعیة ومخالفة للقانون الدولی".
وقال رئیس مجلس المستوطنات فی شمالی الضفة الغربیة یوسی داغان، الذی وقّع الاتفاق، وفق الصحیفة "نحن نصنع التاریخ، نحن نفتح صفحة اقتصادیة جدیدة بین أفضل الشرکات فی المستوطنات وبین شرکة (فام)، أنا سعید جدا بموقفهم". وأضاف فی إشارة إلى الأراضی الفلسطینیة المحتلة "منطقة السامرة (شمال الضفة المحتلة) التی أمثلها، توجد فی قلب دولة إسرائیل".
ویرفض الیمین الإسرائیلی المتطرف، الذی یعتبر داغان أحد قادته، الاعتراف بدولة فلسطینیة على الأراضی المحتلة عام 1967، ویصر على ضم الجزء الأکبر من هذه الأراضی لإسرائیل.
وقوبل الاتفاق بتندید فلسطینی واسع، حیث اعتبرته الفصائل والقیادة الفلسطینیة، "خیانة" من الإمارات وطعنة فی ظهر الشعب الفلسطینی. وترفض الکثیر من دول العالم، ومن ضمنها "الاتحاد الأوروبی"، معاملة البضائع المنتجة فی المستوطنات، على أنها منتجات إسرائیلیة، وتقوم بوسمها، کی یکون واضحا أمام المستهلک، مکان تصنیعها.
وکان قرار مجلس الأمن الدولی 2334 الصادر فی کانون الأول 2016 قد أکد على أن "المستوطنات الإسرائیلیة المقامة فی الأراضی الفلسطینیة المحتلة منذ عام 1967، بما فیها القدس الشرقیة، غیر شرعیة بموجب القانون الدولی وتشکل عقبة رئیسة أمام تحقیق حل الدولتین وسلام عادل ودائم وشامل".
وأضاف نص قرار مجلس الأمن "على جمیع الدول عدم تقدیم أی مساعدة لإسرائیل، تستخدم خصیصا فی النشاطات الاستیطانیة".
وکان قرار وزارة الخارجیة الأمریکیة الشهر الماضی، عدم التفریق بین بضائع المستوطنات والمنتجات الإسرائیلیة الأخرى، قد قوبل بانتقادات عربیة ودولیة، بما فی ذلک من جامعة الدول العربیة والأمم المتحدة.
وجاءت تلک الصفقات على خلفیة زیارة وزیر الخارجیة الأمریکی مایک بومبیو، فی نوفمبر الماضی، مستوطنة بساغوت بالضفة الغربیة، حیث زار مصنعاً للنبیذ فی المستوطنة بالقرب من مدینة رام الله. وأصبح بذلک أول وزیر خارجیة أمریکی یزور مستوطنة إسرائیلیة، وانتقل بعدها إلى مرتفعات الجولان فی جولة غیر مسبوقة لوزیر خارجیة أمریکی.
وقال بومبیو خلال زیارته: إن "أمریکا ستصنف المنتجات الإسرائیلیة من مستوطنات الضفة الغربیة على أنها إسرائیلیة". وأضاف بومبیو فی حینه: "سیُطلب من جمیع المنتجین داخل المناطق التی تمارس فیها إسرائیل سلطات ذات صلة، وسم البضائع باسم إسرائیل أو منتج إسرائیلی، أو صُنع فی إسرائیل، وذلک عند التصدیر لأمریکا".
جدیر بالذکر، أنه سادت حالة من الغضب لدى الاحتلال الإسرائیلی، بعدما تراجعت البحرین عن نیتها استیراد منتجات المستوطنات الإسرائیلیة فی الضفة الغربیة المحتلة والجولان السوری المحتل.
ویذکر أن الإمارات کانت قد وقعت اتفاق تطبیع کامل للعلاقات مع إسرائیل فی أیلول الماضی برعایة أمریکیة فی البیت الأبیض. کما بات بإمکان الإسرائیلیین زیارة الإمارات دون تأشیرة دخول بموجب اتفاق التطبیع الذی فتح الباب أمام رحلات جویة إسرائیلیة مباشرة.