حماس غاضبة من المغرب.. التطبیع الذی قد ینتج فوضى

انضمت المغرب إلى قافلة التطبیع بشکل رسمی یوم الأربعاء الماضی، ولاشک بأنه کان خبراً محزناً لجمیع الأحرار فی العالم، ولاسیما داخل المغرب، التی یعشق سکانها فلسطین ویدافعون عن القضیة الفلسطینیة فی جمیع المناسبات، ولکن الساسة کان لهم رأی آخر فی التعامل مع القضیة الفلسطینیة، حیث انقلبوا علیها لتحقیق مصالح آنیة قد لا یحصلون علیها حتى. الفلسطینیون صُعقوا من تطبیع المغرب وشعروا بالخذلان، حتى إن حرکة "حماس" أصدرت بیاناً أعربت فیه عن إدانتها واستنکارها الشدیدین، ورفضها المطلق والقاطع لکلّ الاتفاقات المعلنة من بعض الدول العربیة على تطبیع علاقاتها مع العدو الصهیونی، والتی کان آخرها المملکة المغربیة. وأضافت الحرکة إن الاعلان المشترک بین المغرب والکیان الاسرائیلی مدان ومستهجن، متسائلة کیف یقف زعیم حزب إسلامی إلى جانب مجرم حربٍ تلطّخت یداه بدماء الشعب الفلسطینی، فی وقت لا تزال فیه حکومته المتطرّفة توغل فی حربها وعدوانها ضد فلسطین ومقدساتها. من جهته قال عضو المکتب السیاسی للحرکة، موسى أبو مرزوق، فی تغریدة على حسابه فی موقع تویتر "نرفض وبشدة توقیع الاتفاق الثلاثی بین المغرب وأمریکا والکیان الصهیونی". وأضاف إنها "خطوة مستنکرة لا تعبر عن الشعب المغربی الأصیل، ومواقفه المبدئیة الداعمة للقضیة الفلسطینیة"، وتابع "أصابنا خذلان کبیر بتوقیع (رئیس الحکومة المغربیة وزعیم حزب العدالة والتنمیة) سعد الدین العثمانی للاتفاق، والذی کنا نأمل منه اتخاذ موقف تاریخی مشرف". الفلسطینیون اعتبروا التطبیع سقطة کبیرة لحزب العدالة والتنمیة، ومع ذلک الشعب المغربی لم ینسَ فلسطین، وخرج للشارع للتعبیر عن رفضه لما تقوم به السلطات المغربیة، إلا أن الشرطة المغربیة طوقت شارع محمد الخامس وسط العاصمة الرباط، وکل المنافذ المؤدیة إلیه، لمنع احتجاج نشطاء مغاربة ضد قرار التطبیع بین المغرب وإسرائیل الذی صدر مؤخراً. الغریب أن المغرب قال إن "قرار التطبیع لا یحید بالمغرب عن الدفاع عن الحق الفلسطینی"، علما أن العاهل المغربی الملک محمد السادس یتولى رئاسة لجنة القدس المنبثقة عن المؤتمر الإسلامی. ما المقابل الذی سوف تحصل علیه المغرب مقابل التطبیع؟ الأمر کان أشبه بالمقایضة، فبینما تعلن المغرب تطبیع العلاقات مع اسرائیل، تحصل المغرب بالمقابل على اعتراف أمریکا على "الصحراء الغربیة" المنطقة المتنازع علیها، ولکن السؤال لماذا لم تمنح واشنطن المغرب السیادة على کل من سبتة وملیلة المحتلتین من طرف إسبانیا إلى غایة الیوم؟. نعتقد أن أمریکا ترید أن تحصل المغرب على "الصحراء الغربیة" لکنها فی الوقت نفسه، تریدها أن تبقى فی حالة ضعف وصراع مستمرین، فحصولها على "الصحراء الغربیة" یعرضها للخطر من مکانین: الأول: "جبهة البولساریو" التی ستدافع عن أحقیتها فی السیطرة على "الصحراء الغربیة" الثانی: ایجاد توتر مع جارتها الجزائر التی تدعم "جبهة البولساریو"، ویستند موقفها من نزاع الصحراء الغربیة إلى نقطتین: أولها أن النظام تربى على عقیدة رفض کل حالة استعمار من أی جهة کانت، أما النقطة الثانیة التی یرتکز علیها النظام فتکمن فی استناده إلى القانون الدولی الذی یرى فی الصحراء آخر النزاعات المسلحة فی إفریقیا. لا ننسى أن المغرب یرى فی الجزائر عدّوه الأول وهو السبب فی کلّ مشاکله الداخلیة والخارجیة، لذلک أی انتصار على حسابه وإن کان رمزیا (اعتراف أمریکا بالصحراء لا یعنی اعتراف الأمم المتحدة بها) فسیقوّی موقفه داخلیا وخارجیا، وتعرف العلاقات بین المغرب والجزائر منذ استقلالهما تدهورا کبیرا، وصل إلى حد نشوب حرب الرمال بینهما فی سنة 1963. أهداف المغرب الشخصیة من السیطرة على "الصحراء الغربیة" أولاً: المغرب یرى أن الأقالیم الصحراویة جسرا یربطه بالعمق الإفریقی سواء فی غرب إفریقیا أم دول الساحل، کما أنه یربط بین أوروبا وإفریقیا. ثانیاً: إن اهتمام المغرب بالصحراء لا یقتصر عند هذه النقطة، فالنقطة الأبرز هی ثروات المنطقة، حیث تملک الصحراء الغربیة سواحل غنیة بأنواع الأسماک، وثروة حیوانیة قوامها الإبل، وأرضا تختزن معادن الفوسفات والنفط، وغطاءً نباتیا متنوعا، دون أن ننسى السیاحة والموانئ. کما تُقدر احتیاطی منطقة بوکراع (الواقعة على مسافة 100 کلم إلى الجنوب الشرقی من مدینة لعیون بالصحراء الغربیة)، بنحو 10 ملیارات طن ویشکل 28.5% من الاحتیاطی العالمی من الفوسفات، وتمتد مناجمه على مساحة تقدر بـ800 کلم مربع، وتتراوح نسبة نقاوته ما بین 72 و75%. تحتوی المنطقة على معادن أخرى أیضا، منها الملح الذی یتم استغلاله بالطرق التقلیدیة حتى الآن، وکذلک الرمال التی یتم تصدیرها وخصوصا إلى جزر لاس بالماس الإسبانیة بمعدل إنتاج سنوی یصل إلى 80 ألف طن، والنحاس والمنجنیز والحدید والرخام والزرکون والتیتان. إضافة إلى مدخرات کبیرة من النفط والغاز، حیث تشیر بعض الدراسات إلى وجود مخزون مهم من النفط والغاز فی سواحل الصحراء الغربیة، وسبق أن وقّع المغرب عدة اتفاقیات للتنقیب عن النفط منها مع شرکتی "توتال فینا إلف" الفرنسیة و"کیرمالک غی کورب" الأمریکیة. أما الثروة الأبرز فی الصحراء فهی الأسماک، حیث یبلغ طول السواحل الصحراویة على المحیط الأطلسی 600 کیلومتر، وتوفر طاقة إنتاجیة تقدر بنحو ملیون طن من الأسماک سنویا دون أن یؤثر ذلک فی التوازن البیولوجی للثروة السمکیة. فی الختام؛ یأخذ التطبیع فی المغرب أشکالاً کثیرة، حیث یحاول الکیان التغلغل فی الحیاة السیاسیة والاجتماعیة والاقتصادیة وحتى الثقافیة والریاضیة، کل ذلک تحت أعین ملک المغرب محمد السادس، الذی دائما ما یقول إنه حریص على دعم القضیة الفلسطینیة.