سجادة حمراء دامیة تستقبل حکومة منصور هادی فی عدن

إن الانفجار الضخم الذی شهده مطار "عدن" یوم وصول وزراء حکومة هادی، جعل فرحة السعودیین بإعلان اتفاق جدید بین الرئیس الیمنی المستقیل "منصور هادی" مع المجلس الانتقالی الجنوبی لتشکیل حکومة جدیدة على أساس اتفاق الریاض لا تدوم طویلاً، والحکومة التی نصبت نفسها من طرف واحد تواجه خطر الانهیار فی الخطوة الأولی. أزمة الخلافات وشرارة انفجار عدن على الرغم من عدم إعلان أی فرد أو جماعة مسؤولیتها عن الهجوم، یحاول المسؤولون السعودیون وحکومة منصور هادی منع الانهیار المبکر للحکومة، من خلال عزو الانفجار إلى حرکة أنصار الله، والتستر على هذا الفشل الکبیر فی السیاسة الیمنیة. ولا شک أن أحد أهم آثار هذا الانفجار، الذی رافقته أنباء غیر مؤکدة عن اغتیال وزیر الداخلیة بالحکومة، هو تعمیق الریبة والشک بین القوى الموجودة فی الاتفاق، وکشف الانقسامات العمیقة، وعدم استقرار الاتفاقات والحکومات الائتلافیة فی المستقبل. بعد جولة جدیدة من الاشتباکات بین القوات الموالیة لهادی والقوات المقربة من الإمارات فی محافظة "أبین"، سعت السعودیة لإحیاء اتفاق الریاض وتنفیذ بنوده السیاسیة والعسکریة من خلال اتفاقات سریة مع الإمارات. وفی هذا الصدد، تم الإعلان الأسبوع الماضی عن تشکیل حکومة عدن الجدیدة، بناءً على تقسیم 50-50 لحقائب الحکومة مع المجلس الانتقالی الجنوبی(12 وزارة لکل منهما)، وعودة بعض وزراء الحکومة الموجودین فی الریاض إلى عدن. من ناحیة أخرى، فی البعد العسکری، اضطرت القوات الجنوبیة، بالإضافة إلى التراجع عن مواقعها فی "عدن" مقر حکومة القصر الرئاسی ومحافظة أبین، إلى تسلیم السیطرة على جزیرة سقطرى إلى قوات هادی، بناءً على اتفاق الریاض. الهدف الرئیسی للسعودیة فی الجهد الجدید هو إنهاء الصراع بسرعة من خلال الضغط على هادی شخصیاً، وترکیز التحالف على التطورات فی مأرب ومنع سقوط هذه المحافظة الاستراتیجیة فی أیدی قوات أنصار الله. ومع ذلک، لا یحظى هذا الاتفاق بالموافقة الکاملة من المجلس الانتقالی، لأن المجلس الانتقالی لیس مستعداً فقط فی التنازل عن جزیرة سقطرى(حیث تمتلک الإمارات أیضًا قاعدةً عسکریةً)، بل ترى أن تسلیم المناطق الأخرى الواقعة تحت سیطرتها فی المحافظات الجنوبیة للیمن لقوات هادی خسارة لإنجازاتها العسکریة، ولا سیما إعلان الاستقلال والانفصال، خاصةً وأن منصور هادی لا یتمتع بقوة ونفوذ کبیرین فی تطورات الیمن. وکانت قوات المجلس الانتقالی الجنوبی قد أعلنت قبل أیام، معارضتها لوصول أعضاء الحکومة الجدیدة التابعة لمنصور هادی إلى عدن. ولذلک، یمکن القول إن المشتبه بهم الرئیسیین فی الهجوم على مطار عدن هم قوات المجلس الانتقالی، المسؤولة أیضًا عن أمن مطار عدن. کما لا ینبغی أن ننسى أن خطة السعودیة لإرسال قوات المجلس الانتقالی لإنقاذ محافظة مأرب، القاعدة الرئیسیة والتقلیدیة للإخوان فی الیمن، لم ترافقها موافقة الإمارات الحقیقیة، کما أن المجلس الانتقالی لن یستاء من إضعاف موقع حزب الإصلاح فی التطورات المیدانیة الیمنیة. فی المقابل، وافق حزب الإصلاح، الذی یرى نفسه خاسرًا فی الاتفاق بسبب تقلیص حصته فی مجلس الوزراء، على الاتفاق بسبب ضغوط سعودیة وخوفًا من خسارة محافظة مأرب. وقد ترددت أنباء مختلفة فی الأشهر الأخیرة عن خلاف بین الإمارات ومنصور هادی حول وجود قوات الإخوان فی مجلس الوزراء، وهو ما جعل بعض التکهنات فی سبب الانفجار تمیل إلى الإخوانیین فی حزب الإصلاح. وفی هذا الصدد، قال "هانی بن بریک" نائب رئیس ما یسمى بـ "المجلس الانتقالی الجنوبی" على حسابه على تویتر، إنه على الرغم من انزعاج وضرر أنصار الله من اتفاق الریاض وتشکیل الحکومة الجدیدة، إلا أن هناک المنتسبین لـ "النظامین القطری والترکی" أیضاً، وحزنهم من هذا الاتفاق أشدّ. لکن البعد الآخر لآثار الانفجار فی مطار عدن، یمکن ملاحظته فی ساحة المعرکة فی مأرب. فکما ذکرنا، أکملت أنصار الله بالفعل حصار هذه المدینة وتضییق المیدان علی مرتزقة حکومة هادی، عبر التقدم الکبیر الذی أحرزته فی هذه المحافظة الاستراتیجیة کأهم قاعدة للریاض فی وسط الیمن. بطبیعة الحال، مع فشل المساعی السعودیة فی تشکیل جبهة موحدة لإنهاء حصار مأرب، عن طریق إنهاء الخلافات فی حکومة هادی، ستظل ساحة المعرکة فی هذه المحافظة تسیر وفقاً لتقدُّم أنصار الله والجیش الیمنی.