عام علی ضربة عین الأسد.. نظرة على وضع أمریکا فی المنطقة

بعد عام من الضربة الصاروخیة الإیرانیة على قاعدة عسکریة أمریکیة فی عین الأسد، یمکن من خلال إلقاء نظرة فاحصة على الوضع العسکری والسیاسی الأمریکی فی المنطقة أن تظهر بشکل أوضح رؤیة طهران الاستراتیجیة لاستهداف هذه القاعدة کمرکز ثقل لبدء خطة اخراج أمریکا من المنطقة. بعبارة أخرى، یمکن اعتبار عملیة استهداف عین الأسد، العام الماضی، أساسا نقطة انطلاق لقراءة التطورات الجدیدة فی المنطقة ومکانة أمریکا. بعد هذه الحادثة تأثر نوع استراتیجیة السیاسة الخارجیة الأمریکیة فی المنطقة بشدة، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى، تغیرت نظرة دول المنطقة تجاه أمریکا تغیراً کبیراً. ومن أجل الترکیز على هذه القضیة، یمکن تقییم وضع ومکانة أمریکا فی منطقة غرب آسیا بعد عام واحد، فی أربعة محاور. ارتباک استراتیجی مما لا شک فیه أن التأثیر الأول للضربة الصاروخیة الإیرانیة على الإرهابیین الأمریکیین فی قاعدة عین الأسد یمکن تقییمه فی هیمنة الارتباک على استراتیجیة السیاسة الخارجیة لواشنطن. کما شاهدنا خلال العام الماضی أن أمریکا لم یکن لدیها أی استراتیجیة فی السیاسة الخارجیة واضحة تجاه غرب آسیا. ویمکن تقییم المثال الواضح لذلک فی أدائها تجاه الأزمتین السوریة والعراقیة. ففی الأشهر الأخیرة، لم یکن لدى الحکومة الأمریکیة استراتیجیة واضحة لصنع السیاسات تجاه هذین البلدین أو حتى القضایا والأزمات الراهنة فی المنطقة. فی العراق، على سبیل المثال، أعلنت وزارة الخارجیة الأمریکیة مراراً قرارات متناقضة حول زیادة عدد القوات، وتقلیل عددها، وإغلاق السفارة، ومواصلة عمل السفارة الأمریکیة فی بغداد، وهو ما یعکس فی حد ذاته التناقض والارتباک الاستراتیجی الامریکی فی المنطقة. حتى ان عمق هذا الارتباک تغلغل فی البیت الأبیض، وقسّم الحکومة الأمریکیة إلى مجموعتین، مؤیدة ومعارضة للخروج من غرب آسیا. عدم ثقة الحلفاء على صعید آخر، رافق الهجوم على قاعدة عین الأسد العسکریة عدم ثقة شدیدة من قبل حلفاء أمریکا تجاه سیاسات هذا البلد فی المنطقة. فمنذ یونیو 2019، أسقطت إیران طائرات مسیرة أمریکیة، وتعرضت حقول النفط السعودیة للهجوم، لکن أمریکا لم ترد على نطاق واسع فی هذا المجال. کل ما سبق یوضح أن أمریکا لا تستطیع بدء حرب واسعة النطاق فی غرب آسیا. لکن فی الوضع الجدید، أدى عجز أمریکا فی مواجهة الهجوم العسکری الإیرانی على عین الأسد وقاعدة حریر العسکریة إلى المزید من انعدام الثقة والقلق بین حلفاء أمریکا الإقلیمیین. فی الواقع ، ثبت لهم أن الإدارة الأمریکیة، على عکس کل الادعاءات، غیر قادرة على حمایة قواتها من هجمات فصائل المقاومة، ما یشیر إلى أن التحالف العسکری مع أمریکا لم یعد بإمکانه کما السابق توفیر الضمانات الأمنیة المتوقعة من هذه الدول. تصاعد مخاطر الوجود فی المنطقة على صعید آخر، فی أعقاب الضربة الصاروخیة الإیرانیة على عین الأسد، تعرض أمن القوات الأمریکیة خلال العام الماضی للتهدید أکثر من أی وقت مضى. فمن ناحیة، أظهرت هذه الضربة الصاروخیة أن الجیش الأمریکی وقواعده العسکریة تقع فی مرمى الصواریخ البالیستیة الإیرانیة بکل سهولة، ومن ناحیة أخرى، أصبح الوجود الأمریکی فی المنطقة أکثر خطورة وتکلفة من أی وقت مضى. وهذا یعنی أنه لا یمکن لأی من القواعد العسکریة الأمریکیة فی المنطقة أن تکون فی مأمن من تهدید مرمى نیران فصائل المقاومة. زوال النفوذ والهیبة الإقلیمیة یمکن تقییم الأثر الأخیر للضربة الصاروخیة على قاعدة عین الأسد فی الزوال الشدید للنفوذ وإضعاف کبیر لهیبة أمریکا الإقلیمیة. فقبل هذه الضربة، کان الأمریکیون یعتبرون أنفسهم کقوة لا تقهر ومتفوقة فی غرب آسیا، قادرة على مهاجمة أی دولة عسکریا ولا یوجد أی لاعب قادر على مهاجمة مواقعهم. لذلک ان هذه الدولة حلیف من الدرجة الأولى وموثوق لدول المنطقة، ولکن بعد الضربة الصاروخیة الإیرانیة على القاعدة العسکریة الأمریکیة،  ضعفت تلک الهیبة والمصداقیة بین دول المنطقة وحتى عالمیا أکثر من أی وقت مضى وثبت للجمیع زیف الأمریکیین ومزاعمهم.




محتوى ذات صلة

روحانی: یجب وقف الاعتداءات الإسرائیلیة على الفور

أمیر قطر تمیم بن حمد آل ثانی یجری اتصالاً هاتفیّاً بالرئیس الإیرانی حسن روحانی، والمواقف بشأن ما یحدث فی فلسطین المحتلة.

|

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة فی إیران اللواء حسین سلامی یقول إن "الانفجار الکبیر فی مصنع محرکات المضادات الدفاعیة والصواریخ حاملة الأقمار الصناعیة مؤخرا فی "إسرائیل"، أثبت هشاشة النظام الأمنی الإسرائیلی".

|

السید خامنئی: الفلسطینیون أینما کانوا هم جسد واحد

المرشد الإیرانی یؤکد على أهمیة تضامن القطاعات الفلسطینیة وتلاحمها بوجه الاعتداءات الإسرائیلیة، ورئیس مجلس الشورى یدین الجرائم الإسرائیلیة، وعشرات الإیرانیین فی العاصمة طهران یتظاهرون تضامناً مع فلسطین ونصرةً للقدس وغزة.

|

ظریف لخفر السواحل الأمیرکی: حمایة سواحل من تریدون بالضبط؟

کتب وزیر الخارجیة الایرانی محمد جواد ظریف فی تغریدة حول مزاعم خفر السواحل الأمیرکی بشان اقتراب زوارق ایرانیة من سفن تابعة للبحریةة الامیرکیة فی مضیق هرمز : حمایة سواحل من تریدون بالضبط ؟

|

إیران ستقف إلى جانب الشعب والمقاومة الفلسطینیة بقوة

قال الامین العام لمؤتمر الدفاع عن الانتفاضة الفلسطینیة الدولی بمجلس الشورى الاسلامی: إن الجمهوریة الإسلامیة ستقف إلى جانب الشعب والمقاومة الفلسطینیة مؤکدا ان الأمة الإسلامیة لن تتسامح تدنیس المسجد الأقصى المبارک القبلة الأولى للمسلمین وسفک دماء الصائمین ".

|