سجل السعودیة الأسود المتعلق بحقوق الإنسان ولفتة "بن سلمان" الدعائیة

 فی خطوة غیر مسبوقة، أفرجت الحکومة السعودیة عن ناشطة سیاسیة سعودیة. وفی هذا الصدد، أفادت الأنباء أن "لجین الهزلول"، الناشطة السعودیة احتُجزت بسبب احتجاجها على سلوک الحکومة السعودیة ومعارضتها لعدم سماح السلطات السعودیة للمرأة بقیادة السیارة، أفرج عنها قبل انتهاء مدة عقوبتها. ولقد حُکم على هذه الناشطة السعودیة بالسجن لأکثر من خمس سنوات. کما قام "آل سعود"، الذی یبدو أنهم یستعدون لعصر ما بعد "ترامب"، بتخفیض عقوبة الإعدام على "علی النمر" إلى الحبس 10 سنوات فی السجن قبل أیام قلیلة و"علی النمر" هو ابن شقیق الشهید "نمر النمر" رجل الدین السعودی البارز الذی أعدمته قوات أمن النظام السعودی عام 2016 بتهم ملفقة تتعلق بالإرهاب والتحریض على الاحتجاجات الشعبیة. الجدیر بالذکر أنه خلال السنوات الماضیة تعرض وضع حقوق الإنسان فی المملکة العربیة السعودیة لانتقادات واسعة من قبل مختلف الدول والأوساط الدولیة، ولکن على الرغم من هذه الانتقادات؛ استمرت اوضاع حقوق الإنسان والحقوق المدنیة الأساسیة فی أسوأ حالاتها فی المملکة العربیة السعودیة فی السنوات الأخیرة. وعلى مدى السنوات الأربع الماضیة على الأقل فی عهد "ترامب"، لم یخفف القادة السعودیون مطلقًا عقوبة النشطاء المدنیین والسیاسیین، ولکنهم الآن قاموا بعدد من الخطوات غیر المسبوقة لتخفیف بعض الاحکام على ناشطین مدنیین سعودیین وهذا الامر أدى إلى ظهور بعض الاستنتاجات حول هذا التغییر فی سلوک القادة السعودیون المرتبط بتغییر الحکومة فی الولایات المتحدة.فی الواقع، ربما یدرک حکام السعودیة، ولا سیما ولی العهد الشاب والمتهور، أن الرئیس الأمریکی الجدید، لن یکون مثل "ترامب"، ولن یوقع على شیک أبیض للریاض کما فعل سابقه فی الماضی، وبالتالی یتخذ السعودیون إجراءات استباقیة بهدف تقلیص موجة الانتقادات التی تعصف بهم حول حقوق الإنسان فی الاوساط الغربیة، ولهذا فقد قاموا بتخفیف العقوبات على  بعض الأحکام القضائیة الصادرة على  بعض النشطاء الاجتماعیین والسیاسیین. فی غضون ذلک، یأتی الإفراج عن الناشطة السعودیة "لجین الهذلول" فی الوقت الذی تعهد فیه الرئیس الأمریکی الجدید بملاحقة قاتلی الصحفی السعودی الناقد "جمال خاشقجی"، وعلى  رأسهم وعلى  العهد السعودی "بن سلمان" الذی قام بارتکاب هذه الجریمة، ولقد تم توجیه أصابع الاتهام إلیه بشکل رئیسی، فی حین یسعى هذا الاخیر إلى تخفیف الضغط من قبل البیت الأبیض بالقیام ببعض الإجراءات المحدودة والإیماءات المتعلقة بحقوق الإنسان. فی الواقع، یواجه السعودیون الآن تحدیًا أکبر، وهو قضیة مقتل الصحفی السعودی المعارض "جمال خاشقجی" الذی قُتل فی اسطنبول بترکیا، وقد أظهر "بایدن" حساسیة کبیرة تجاه هذه القضیة، والآن ینتظر الجمیع منه التعامل بجدیة مع قاتلی "خاشقجی". وحول هذا السیاق، قال المتحدث باسم البیت الأبیض أیضا إن مدیر المخابرات الوطنیة کان یُعد تقریرا غیر سری عن اغتیال الصحفی السعودی المعارض "جمال خاشقجی" لتقدیمه إلى الکونجرس. وطبعا هناک نقطة أخرى یمکن ملاحظتها فی هذه الأثناء، وهی البادرة الإصلاحیة لولی العهد الشاب الساعی إلى تلمیع وتحسین اسم السعودیة فی الاوساط الدولیة. فی الواقع، إن ولی العهد السعودی یعتقد أن تخفیف بعض الأحکام القضائیة الصادرة على  بعض النشطاء السیاسیین السعودیین، یمکن أن یمنحه وجهًا إصلاحیًا ومدنیًا جیداً، ولکنه غیر مدرک أن هذه الخطوات الصغیرة لن یمکنها أن تفعل الکثیر من أجل التستر عن الأعمال الوحشیة التی قام بها هذا الاخیر مع المعارضین. وفی الوقت الحالی، لا تزال السجون السعودیة تستضیف مئات بل الآلاف من المواطنین السعودیین، ومعظمهم مذنب بإنتمائه إلى مذهب مختلف عن المذهب الرسمی الوهابی فی المملکة. فی الواقع، لیس الشیعة السعودیون فحسب، بل حتى المسلمین السنة الآخرین الذین لا یوافقون ولا یتعاطفون مع الوهابیة السعودیة الرسمیة، یتعرضون للاضطهاد من قبل أجهزة الأمن والاستخبارات السعودیة إذا أعربوا عن آراء مختلفة. ففی العام الماضی، حکمت محکمة سعودیة على رجل دین سنی بالسجن 13 عامًا بتهمة دعمه لـ"حزب الله" اللبنانی ومعارضته للأنظمة الحاکمة فی الخلیج الفارسی. کما وجهت المحکمة اتهامات للخطیب السعودی بنشر خطب على موقعه الإلکترونی المعروف باسم "مدرسة الإرشاد". وعلى صعید متصل، کشفت العدید من التقاریر أن سلطات الریاض مارست خلال السنوات الماضیة العدید من الانتهاکات الفادحة لحقوق الإنسان من اعتقالات تعسفیة وإعدامات للمواطنین وحصار وحروب مع الدول المجاورة بشکل یومی،  کذلک تعمل المنظمات الحقوقیة على تسلیط الأضواء على الانتهاکات والتی بدأت تؤثر على سمعة سلطات الریاض وتؤرق کبار المسؤولین. کما أکدت تلک التقاریر أن الأمیر "محمد بن سلمان" شن حملة اعتقالات تعسفیة واسعة ضد أمراء ورجال الأعمال ورجال الدین والکفاءات والنخب من کل المناطق والتیارات والتوجهات والمهن، وامتلأت السجون بالمعتقلین والمعتقلات وهذه أول مرة یتم فیها اعتقال عدد کبیر من النساء لأسباب تتعلق بحریة الرأی والعمل الحقوقی. إن سیاسة التهمیش والتغییب والاستخفاف بالشعب لم تتغیر فی عهد الملک سلمان وابنه ولی العهد الأمیر "محمد" الذی یروج للانفتاح والترفیه، فهو فی الحقیقة کبقیة العهود السابقة الحاکمة فی السعودیة من حیث عقلیة الاستبداد وتهمیش للشعب المغیب والمطلوب منه فی کل عهد وسلطة أن یطبل ویمجد سیاسة الملک سلمان وابنه ولی العهد.تجدر الإشارة هنا إلى أن انتهاکات حقوق الإنسان والحریات فی السعودیة تتسع وتسجل أرقاماً قیاسیة حسب تقاریر المنظمات الحقوقیة المحلیة والدولیة، وقد طالبت العدید من الدول فی العالم بمحاسبة سلطات الریاض عن تلک الانتهاکات الخطیرة، إثر قیامها بحملة اعتقالات تعسفیة للآلاف. وتشیر التقاریر إلى تعرض المعتقلین للتعذیب، والنساء للتحرش، إضافة إلى الآلاف من المحرومین من حریة السفر والانتقال وتوقیف الخدمات ومنها الحکومیة کإجراء عقود الزواج أو تسجیل واستخراج أوراق رسمیة لأفراد العائلة أو التمکن من الحصول على الخدمات کرقم هاتف أو استئجار سیارة. وقد طالت الاعتقالات التعسفیة علماء ومفکرین وکتاب وإعلامیین وشخصیات معروفة، بسبب التعبیر عن الرأی والمطالبة بالإصلاح والتغییر، کما أن هناک اعتقالات جرت لبعض أفراد السلطات الحاکمة بسبب الصراع على عرش الحکم، وأخرى طالت آلاف رجال الأعمال بمبررات کثیرة والسبب الحقیقی هو إخضاع وإضعاف کل الشخصیات فی البلاد، وهذه تعد جرائم ضد الإنسانیة وتقع بأوامر من الحکومة الرسمیة. وبرزت انتقادات دولیة واسعة لسجل انتهاکات حقوق الإنسان فی السعودیة منذ عهد الملک سلمان وابنه الأمیر محمد بن سلمان، وأصبح حدیث الصحافة ووسائل الإعلام الدولیة حول حقوق الإنسان نقلا عن المنظمات الدولیة المعنیة بحقوق الإنسان متکرراً وبشکل أسبوعی وحتى یومی. وعلیه، وبشکل عام، فإنه یمکن القول أنه فی المملکة العربیة السعودیة، لا یزال التعبیر عن الأفکار المخالفة للتیار الوهابی الأیدیولوجی والدینی محظورًا ویرتبط بتکالیف باهظة على المواطنین، وبعض الإجراءات الأخیرة السطحیة والمحدودة، مثل تخفیف العقوبة وإطلاق سراح العدید من السجناء والنشطاء السیاسیین والاجتماعیین، لن یکون له تأثیر على الأوضاع المتردیة لحقوق الانسان فی السعودیة. إن هذه الاجراءات الاخیرة جاءت من أجل تهیئة المناخ مع الإدارة الأمریکیة الجدیدة، حیث بادرت الریاض بتسریع عملیة إغلاق الملفات الساخنة والمثیرة لدى الإدارة الأمریکیة والعالم، وفتح صفحة جدیدة مع الرئیس الجدید "بایدن" بأقل الخسائر، وبالخصوص ملف اعتقال الحقوقیات والناشطات وبالذات ملف الحقوقیة "لجین الهذلول". حیث طلب ولی العهد الأمیر "محمد بن سلمان" من القضاء فتح ملف المعتقلات وبالخصوص "لجین" وإصدار أحکام مخففة تحفظ سمعة السعودیة واستقلال القضاء ولا یظهر أن الریاض ترضخ للضغوط الأمریکیة والدولیة. ویبدو أن قرار تخفیف أحکام الإعدام بحق عدد من الشبان ینصب ضمن نفس المسار والطریق الذی بدأت الریاض تسیر به لعلها تجد حلاً مع إدارة "بایدن".




محتوى ذات صلة

سلامی: أمیرکا أصبحت الآن على هامش تطورات المنطقة

القائد العام لحرس الثورة فی إیران اللواء حسین سلامی یقول إن "الانفجار الکبیر فی مصنع محرکات المضادات الدفاعیة والصواریخ حاملة الأقمار الصناعیة مؤخرا فی "إسرائیل"، أثبت هشاشة النظام الأمنی الإسرائیلی".

|

تحرک واسع فی الکونغرس للمطالبة بإطلاق سراح السجناء السیاسیین بالبحرین

یشهد الکونغرس الأمریکی تحرکا واسعا للمطالبة بإطلاق سراح السجناء السیاسیین فی البحرین، وإثارة القلق حیال السجناء الذین یعانون من أمراض مزمنة کقائد المعارضة البارز حسن مشیمع المحکوم بالمؤبد، هذا وسط دعوة الإدارة الأمریکیة الجدیدة لممارسة الضغوط الحقیقیة على البحرین للکف ...

|

إین "مجاهدو داعش" من المجزرة التی تُرتکب فی المسجد الأقصى؟!

وأنا اتابع اخبار المجزرة المروعة التی ارتکبتها "داعش" السبت الماضی فی کابول، والتی ذهب ضحیتها 85 فتاة واکثر من 150 جریحة، فی تفجیر سیارة مفخخة امام ثانویة"سید الشهداء" للبنات، حین کانت الطالبات یخرجن من المدرسة، وقع نظری على مقال تحت عنوان"لماذا لا یوجد فرع لداعش فی فلسطین"، حیث ...

|

الحوثی: تصریحات الأمریکیین عن سلام فی الیمن "بیع للوهم"

قال القیادی فی جماعة "أنصار الله" الیمنیة، محمد علی الحوثی، السبت، إن التصریحات الأمریکیة بشأن خطة للسلام فی الیمن هی "بیع للوهم".

|

مسؤول بالخارجیة السعودیة لرویترز: نأمل فی نجاح المحادثات مع ایران

أکد مسؤول فی وزارة الخارجیة السعودیة إجراء محادثات بین المملکة وإیران، مشددا على أن الهدف منها استکشاف طرق للحد من التوتر بالمنطقة، واعرب عن أمله بنجاح هذه المحادثات.

|