لماذا لا یَستَحِقْ فَشَل القَرار الأمریکیّ فی الأُمم المتحدة کُل هَذهِ الاحتِفالات؟

وکَیف حَصَلتْ إسرائیل على دَعمِ 87 دولة وَقفَت ضِد المُقاوَمة لاحتِلالِها؟ ولِماذا نُطالِب بطَردِ مُعظَم السُّفَراء الفِلسطینیّین لتَجَنُّب کارِثَةٍ دِبلوماسیّةٍ وَشیکَةٍ؟

فَشَلْ المَشروع الأمریکیّ الذی تَقدَّمت بِه السیدة نیکی هیلی، المَندوبة الأمریکیّة فی الأُمم المتحدة، فی إدانَة حرکة المُقاومة الإسلامیّة “حماس” بسَببِ إطلاقِها صواریخ على دَولةِ الاحتِلال الإسرائیلیّ لا یَستَحِق کُل هَذهِ الاحتِفالات، سواء مِن قِبَل الحَرکة أو العَرب، لأنّه یُعطِی مُؤشِّراتً خطیرةً للغایَة حَول انفِضاض العَدید مِن الدُّوَل عَن القضیّة الفِلسطینیّة، وتأییدِها للمَواقِف الإسرائیلیّة فی جَمعیّةٍ عامّةٍ لمنظمة دولیّة کانَت دائِمًا مُناصِرةً وبِما یُشْبِه الإجماع لَها. نعم.. القَرار هزیمة لأمریکا وإسرائیل، مِثْلَما هو صفعة للسیدة هیلی الدَّاعِم الأکبَر للعُنصریّة الفاشِیّة الإسرائیلیّة التی أرادت أن تُقَدِّم هذا القَرار فی حالِ مُرورِه هَدیّةً لحُلفائِها فی تَل أبیب، ولکنّه لا یَرتَقِی إلى دَرجةِ الانْتِصار للعَرب والمُسلِمین.   أن تُؤیِّد 87 دولة هذا القَرار وتُعارِضه 57 فقط، وتَمتَنِع 33 أُخرَى عن التَّصویت، فهذا مُؤشِّرٌ خَطیرٌ للغایة یَعکِس اختِراقًا إسرائیلیًّا کَبیرًا لمَناعة العَدید مِن الدول الأفریقیّة والآسیویّة والجَنوب أمریکیّة، التی کانَت تُصَوِّت دائِمًا لصالِح أی قرار یَخْدِم القضیّة الفِلسطینیّة، أو یُعارِض السِّیاسات الإسرائیلیّة.   مَشروع القَرار الذی یُدین حرکة حماس وفَصائِل أُخرَى لإطلاقِها صواریخ على إسرائیل تُهَدِّد أرواح المَدنیین، وتَحریضِها على العُنف، یَستَحِق الرَّفض دُونَ أیّ تَرَدُّد، لأنّ حرکة “حماس” هِی حرکة مَقاومة وطنیّة مَشروعة أوّلًا، ولأنّ هَذهِ الصَّواریخ تأتِی فی مُعظَم الأحیان رَدًّا على عُدوانٍ إسرائیلیٍّ بأسلحةِ الدَّمارِ الشَّامِل مِن طائِرات ودبّابات وقَذائِف مُحَرَّمة دَولیًّا، وکانَ یَجِب أن یتضَمَّن مشروع القَرار هَذهِ الحقائق، وفِی حال الرَّفض یَجِب التَّصدِّی ضِدّه مِن قِبَل کُل الدول التی عانَت مِن الاستِعمار الغَربیّ ومُمارساتِه العُنصریّة والدَّمویّة. احتِفال دانی دانون، مَندوب إسرائیل فی الأُمم المتحدة، بفَشَل هذا القرار، وقَوله “إنّها المَرّة الأُولى التی یُصَوِّت فیها هذا العَدد مِن الأعضاء (87) لصالِح مشروع قرار فی الجمعیّة العامّة للأُمم المتحدة یُدین حرکة حماس” یَعکِس الحقیقة التی یُحاوِل البَعض القَفزَ فَوقَها، فی رأینا.   مَشروع القَرار الأمریکیّ کَشَفَ عَن تَراجُعٍ کَبیرٍ فی الدبلوماسیّة الفِلسطینیّة فی المُجتمع الدولیّ، وتَقَدُّمٍ کَبیرٍ للحُکومة الإسرائیلیّة، وخاصَّةً فی مَناطِق کانت مُحرَّمةً علیها، ومُغلَقةً أمامها، مِثل القارّة الأفریقیّة التی بات نِتنیاهو ضَیفًا عَزیزًا على مُعظَم عَواصِمها. إنّها صدمة، وجَرس إنذار للعَرب والفِلسطینیّین، وحرکة “حماس” على وَجه الخُصوص، تُحَتِّمان حُدوث صَحْوة، وبَحْثٍ جَدِّیٍّ عن أسبابِ هذا التَّراجُع المُرعِب فی التَّأیید الدولیّ، وبَلوَرة سِیاسات وتَحرُّکات فوریّة تَضَع خریطة عمَل جدیدة وفوریّة لمُعالَجة هذا الخَلل وقَبْلَ فَوات الأوان.   80 “سفارة” فِلسطینیّة تُکَلِّف مِئات المَلایین مِن الدُّولارات سَنَویًّا ثَبُتَ عَملیًّا، ومِن خِلال نَتائِج التَّصویت على هذا القَرار، أنّها فی مُعظَمِها مَأوىً للعَجَزة، ولا تُقَدِّم للقضیّة الفِلسطینیّة إلا أقَل القَلیل، فتَراخِی مُعظَم العامِلین فیها، وانغماسِهِم فی البَذَخْ، وتَصدیق أُکذوبَة أنّهم سُفَراء، ونِسیانِهم، أو تَجاهُلهم لأبْرَز واجِبات عَمَلِهِم فی خِدمةِ قضیّتهم هُوَ الذی أدَّى إلى هَذهِ النَّتیجة الکارِثیّة. ورُبّما یُجادِل البَعض بأنّ المَسألة تتعَلَّق بإدانَة “حماس” التی تعیش صِراعًا مَع السُّلطة فی رام الله، وهذا جَدَلٌ ساذَج فالمَعرکة فی الأُمم المتحدة لیْسَت بین فتح وحماس، وإنّما بین الشَّعب الفِلسطینیّ وإسرائیل، والرئیس عبّاس ارتکَبَ خَطیئةً کُبْرَى عِندما انتَقد الأخیرة، أی حماس، فی خِطابِه الأخیر فی الجمعیّة العامّة، فی سابِقَةٍ ما کُنّا نتَوقَّعها لأنّها تُثْلِج قُلوب الإسرائیلیین وأنصارِهِم. “رأی الیوم”